اختصاصي يحذر: أدوية منتشرة في مواقع التواصل قد تدمّر الحياة الجنسية للرجل

المغربي جلال جيد حكما لمباراة أوغندا وتنزانيا بملعب المدينة

موتسيبي حاضر ملعب المدينة لمتابعة مباراة أوغندا وتنزانيا

حضور جماهيري في مباراة أوغندا وتنزانيا بملعب المدينة بالرباط

أمطار الخير تتساقط على منطقة أمسكرود ضواحي أكادير وتنعش الفرشة المائية

الصحفي التونسي صاحب تصريح "الضو مكاينش" ناشط مع الجماهير التونسية في فاس

حينما تصبح مهنة المحاماة ملجأ لتصريف الأزمات

حينما تصبح مهنة المحاماة ملجأ لتصريف الأزمات

عبد الغاني بوز

بتاريخ 31 آذار (مارس) من السنة الجارية ، نظمت وزارة العدل و الحريات المغربية بشراكة مع هيئة المحامين بالمغرب ، رغم أنها شراكة صورية تنفرد فيها الأولى بحصة الأسد ، امتحان الحصول على شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة . و قد بلغ عدد المترشحين ، حسب ما تم الإعلان عنه من قبل بعض المصادر ، أزيد من خمسين ألف مترشح و مترشحة .

 

و الملاحظ ، أن هذا الرقم ، يدل على إقبال كبير على هذه المهنة ، خاصة إذا ما تمت مقارنته بعدد المشاركين في امتحانات أو مباريات خاصة بوظائف أخرى ، كالقضاء مثلا

 

. و تأويل ذلك ، حسب ما يتداول في الأوساط المهنية المهتمة ، لا يرجع فقط إلى العدد المهول للعاطلين عن العمل ، من حاملي الشهادات الموجودين على صعيد الوطن ، بل إلى الاستسهال في الشروط المتطلبة للولوج إلى هذه المهنة ، مقارنة مع تلك الخاصة بمهن أخرى ، خاصة القضائية منها.

 

المهتمين بهذا المجال ، اعتبروا أن القصد من هذا التبسيط و الاستسهال ، كاعتماد نظام الامتحان و ليس المباراة و نوع الشهادة الجامعية المطلوبة و كذا درجة استحقاقها.. الهدف منه ، التخفيف من حجم البطالة الذي يرهق عاتق الدولة . على اعتبار ، أن مهنة المحاماة ، مهنة حرة ، و تكوين المحامي غير مكلف لميزانية الدولة بالمرة . و فوق هذا و ذاك ، يساعدها على ملئ خزائنها ، عن طريق الضرائب المباشرة و غير المباشرة .. لأن المحامي ، مفروض عليه ، أداء ضرائب خاصة لخزينة الدولة ، إضافة إلى مساعدته إياها في تحصيل رسوم قضائية بشكل مباشر ، عن طريق صناديق المحاكم ، بمناسبة فتحه لأي دعوى .

 

على عكس الوظائف العمومية التي تشكل إنهاكا كبيرا ، تعاني منه خزينة الدولة .

 

و ليس هذا فقط ، فهنالك فوائد أخرى ، تتحصل بهذه المناسبة . وهذه المرة ، يتعلق الأمر بنقابات هيئات المحامين الموجودة على صعيد الوطن . فكل حاصل على شهادة مزاولة مهنة المحاماة ، إن هو أزمع أمره بعد ذلك ، على التسجيل في إحداها ، عليه أن يكون مستعدا أولا ، أن يدفع لها مبالغ مالية طائلة . فعند بعضها ، هيئة القنيطرة ، نموذجا ، مبلغ الاشتراك يصل إلى مائة ألف درهم . هذا ، فضلا عن علاوات أخرى ، متفرقة . وأما السؤال ، أين تذهب كل هذه الأموال التي تؤدى من قبل الملتحقين ، و التي قد تصل إلى مئات الآلاف من الدراهم ؟ فالجواب عن هذا ، يشكل في حد ذاته موضوعا منفردا و مستقلا .

 

لكن ، الذي يظهر على مستوى الواقع ، أن ما يتم القيام به في هذا الصدد ، سواء من قبل الدولة أو من قبل جمعية هيئات المحامين بالمغرب أو حتى من قبل النقابات ، بإغراق المهنة بأفواج جديدة من المحامين ، عند رأس كل ثلاث سنوات ، ما هو إلا تغيير طلاء البطالة الموجودة ، بطلاء آخر . والاختلاف الوحيد الذي قد يطرأ ، هو اختلاف في الاسم فقط . إذ أن الأولى ، بطالة رسمية ، فيما الثانية بطالة غير رسمية .

 

و سيتضح هذا القول و يتعزز بشكل أكبر و أكبر ، بمعرفة مدى التقزيم الذي أصبح عليه اليوم ، مجال اشتغال المحامي . فقد كانت إلزامية المحامي ، تكاد تشمل أغلب القضايا . لكن اليوم ، صارت ملزمة فقط ، في قضايا محسوبة على رؤوس الأصابع . و التعديل الذي سبق أن عرفه الظهير المنظم لحوادث الشغل و الأمراض المهنية ، بدوره ، كان القصد منه تكريس هذا الوضع . فقد أصبح الصلح ، بعدما كان اختياريا قبل التعديل ، إجباريا في كل قضية من هذه القضايا ، التي تدخل في إطار هذا الظهير ، تحت طائلة عدم قبول الدعوى . و الضحية ، المصاب بحادثة شغل أو مرض مهني ، حينما يراسل شركة التأمين من أجل الصلح ، فإنها تجد الفرصة المناسبة لكي تغريه بإغراءات معينة ، الهدف منها ، صده عن التوجه نحو مكتب محام ، بأي طريقة كانت . و لعل هذا ، ما يحصل اليوم على أرض الواقع . فالمحاكم ، تكاد اليوم تخلو من أي قضية تدخل في إطار هذا الظهير . أو لنقل أنها تسير نحو القطع مع أقسام حوادث الشغل داخل ردهاتها.

 

نفس الشيء بالنسبة للقضايا التي تكون الدولة بمؤسساتها العمومية أو الشبه العمومية طرفا فيها . فهي أيضا ، لا يستلزم فيها الاستعانة بمحامي . و يأتي على رأس كل هذا ، السمسرة التي تؤدي إلى احتكار القضايا ، ثم اقتحام مجال عمل المحامي من قبل (مؤسسات و أشخاص) بعيدين كل البعد عن العمل القانوني . و بديهي ، أنه إذا ما تمت إضافة هذا ، إلى ما تقوم به وزارة العدل من إغراق المهنة بملتحقين جدد ، دون فعل أي

 

شيء إيجابي ، سوف نسير نحو الحصول على بطالة من نوع خاص (بطالة غير رسمية ) .

 

و البطالـــة الغير الرسمية هذه ، ليست هي النتيجة الوحيدة ، لما سوف ينتج عن مثل هذه الإجراءات التي تقوم بها الدولة اتجاه هذه المهنة . بل إن هناك آثارا و عواقب أكثر سلبية ، ستظهر بالضرورة على مستوى جودة عمل القضاء . هــذا ، إذا ما سلمنا و آمنا بالفعل ، على أن المحاماة ، خاصة بالمغرب ، لها ذلك الدور العالمي الفعال ، في تحقيق العدل و الإنصاف.

 

ثم ، إنه لمن المعروف و المؤكد جدا ، أن مهنة المحاماة ، لا تقل أهمية بالمطلق عن مهنة القضاء . و يمكن القول على أنها ، هاهنا ، تبقى كالممتنع السهل . فهي جزء لا يتجزأ من القضاء ، بل و أصعب من القضاء ، و مسؤوليتها أكبر من القضاء . فمسموح ، و إن بشكل من الأشكال ، بمقتضى القانون ، للقاضي أن يخطئ من دون أي مساءلة . لأن خطئه ، يُصحح عن طريق الاستئناف . و قاضي الاستئناف بدوره ، إذا أخطأ يصحح له خطأه القاضي الأعلى منه درجة في محكمة النقض ، و هو أيضا لا يسأل عن خطأه . لكن في المقابل ، إذا ما أخطأ المحامي ، و كانت المسطرة التي سلكها على غير هدى قانوني ، و لو من ناحية شكلية ، يتحمل مسؤولية تقصيره عن هذا الخطأ الذي ارتكبه ، و فوق ذلك يؤدي عن ذلك ثمنا غاليا .

 

و رغم هذه الفروق ، فاقتحام قلعة القضاء مستعص جدا مقارنة مع هذا الولوج المباح لمهنة المحاماة . إلى درجة أن وزارة العدل ، قد أعطت لمن تتوفر فيه شروط اقتحام قلعة القضاء ، و هي شروط صعبة ، محاولتين فقط لاقتحامها . إذ أن الثانية ، إذا ما فشل فيها المنتقي المترشح ، خاب ظنه و أمله في هذه الوظيفة لبقية عمره . فلا يسمح له فوق الثانية ، أن يشارك في مباراة القضاء أبدا.

 

و حتى في الممارسة ، يظهر الفرق جيدا بين هذا و ذاك ، بين المحامي و بين القاضي . لكن الفرق في المعاملة التي تنتهجها الدولة بينهما ، ليس فقط بأخذها كمطية للهروب من جحافل العاطلين ، و إنما أيضا من ناحية التكوين . فمنذ مدة ، و وزارة العدل ما فتأت تتعهد بإنشاء معهد خاص بتكوين المحامين . لكن كل تعهداتها تذهب مهب الريح الذي ينجم عن التغيير الذي تعرفه في كل مرة و حين بسبب التغيير في عدد الوزراء الذين يتقلدون مسؤوليتها.

 

إن التعامل مع مهنة قضائية مهمة ، بهذا الشكل من الإجحاف ، لمن شأنه أن يشكل عدم توازن كلي لمجال القضاء برمته . فضعف التكوين و انعدام شروط العمل و الخوف من المستقبل كلها عوامل قد تنتج عنها سلوكات و ممارسات تسيء إلى هذا المجال .

 

و الحصول على قضاء قوي ذي جودة في الأحكام ، من الأكيد، يلزمه تضافر جهود ، تتضافر عنها أيضا ، أسبابا و عوامل كثيرة . لعل أهمها مهنة المحاماة . التجارب ، أظهرت أن البلد الذي يتوفر على قضاء قوي يتمتع بمثل تلك المواصفات ، تكون فيه ممارسة مهنة المحاماة ، مثالية بالشكل الذي هو متعارف عليه عالميا .

 

 

و العكس قد يكون صحيح أيضا .


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة