الرئيسية | أقلام حرة | الملتفون على الخطاب الملكي

الملتفون على الخطاب الملكي

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
الملتفون على الخطاب الملكي
 

كلما صدح خطاب اصلاحي حقيقي بالمغرب يروم القطع مع الأسباب التي تجر بلادنا نحو الخلف وتوفير شروط الاقلاع لها، الا و يهرع عدد من الفاسدين أو المستنفذين لصلاحيتهم ممن نعرف جميعا الى التصفيق له قبل كل الآخرين ، تصفيقا لا يقصد به الترحيب وإنما التصفيق الذي يراد به التضليل والتشويش .

وسيرا على هذه السنة المستفزة ، قد راينتم جميعا في عملية تشبه عملية وضع السدود أو المتاريس، كيف أن بعض من يعنيهم الخطاب الملكي لعيد العرش حتى أنه يكاد يسميهم ، وطالبهم ضمنيا ،وعلى رؤوس الأشهاد بالرحيل طوعا لإفساح المجال أمام الكفاءات الحقيقية، كانوا هم أكثر من رقص طربا وفرحا بمضامين الخطاب.كأن المريب يقول لست انا .اطلبوا من غيري أن يرحل. 

بهذا الخطاب الثوري فتح جلالة الملك كوة ضوء أعادت على الأقل شيئا من السكينة الى قلب الشعب المغربي . حيث طمئنه انه بإزاء التخبط الحكومي الذي يطال تقريبا كل المجالات ، هناك مؤسسة ملكية مواطنة تمثل صمام أمان للبلاد تمتلك رؤيا واضحة لما ينبغي أن يكون عليه مغرب المستقبل في المرحلة المقبلة ....مرحلة يقترح الملك لها إخراج نموذج تنموي جديد تعده نخبة جديدة تمتلك عقلية جديدة.

لكن هذا الجديد الذي ينشده الملك والشعب لن يولد دون مخاض ودون اختبار مقاومة الحرس القديم للتقليد والروتينية في التسيير الراعيان الأولان للفساد والريع .

هناك ثلاثة أهداف يريد هؤلاء المطبلون الخطاب الملكي عن نفاق أو خوف بلوغها :

1. إبعاد سيف الإصلاح والتغيير عنهم بتصوير انفسهم كما لو أن الخطاب لايعنينهم ولا يستهدفهم، حتى يختلط الأمر ولا يعرف من المقصودون. ربما لا يشعرون أن الإشارة الملكية لهم وربما يعتقدون انهم ضروريون أوأن سير الإدارة متوقف عليهم. لكن الحقيقة أننا أمام فئة لا تستحي. فالملك قد كرر بلطف بالغ وحازم وعبر عدد من الخطب المتتالية مطالبته لمن لا يقدرون على خدمة مصالح الناس أن يتنحوا من تلقاء انفسهم.ولكن لا حياة أو لا حياء لمن تنادي. 

2 : إفراغ الخطاب الملكي من حمولته الإصلاحية والالتفاف على مراميه الهادفة إلى الاطاحة بالعقلية التقليدية التي صارت تمثل عائقا أمام التجديد الذي يتطلع إليه عاهل البلاد. فالذي تعود نمطا في التسيير يصعب عليه بداهة ان يبتكر ويبدع افكارا خلاقة تكون خارجة عن ما الفه .وهو مايصطلح عليه بتكلس العقلية الادارية بعد ردح من التدبير.و وهو أمر لا مفر منه خصوصا عندما لا تعتنق الإدارة "العتيقة "جدا مبدأ التكيف مع التحولات الجارية.

3: قد يسرح الخيال الانتهازي بهذه الفئة الى اعتبار نفسها أيضا معنية بتنزيل هذا الإصلاح. ولربما ستود كعادتها الانقضاض على المرحلة المقبلة .فتكون النتيجة إمعانها في وأد المستقبل المغربي .أي تفويت هذه الفرصة و تضييع هذا الأثر الإيجابي الذي خلفه خطاب العاهل في النفوس وذهابه سدى .

الحقيقة أن تنزيل الخطاب الملكي يقتضي أولا وباستعجال تمييز هذه الفئة التي هي بداهة غير معنية بالنموذج التنموي إلا من حيث تقديمها للمعطيات التي تتوفر عليها كونها مشرفة على الإدارة.فالمهمة فكرية بالأساس تتعلق بارساء لبنات الملكية الثالثة لعهد محمد السادس . فبعد الملكية الأولى التي جسدتها الإنصاف والمصالحة و الثانية مع دستور 2011 تحل الملكية المواطنة التي تدمج المواطن في صنع الحلول.

يجب إنجاز ثورة في الأحزاب التي أصبحت طاردة للفكر، وفي الإدارة التي عشعش فيها الفساد، و كذلك القطع مع اقتصاد الريع وخصوصا ريع المناصب الذي يمسك بخناق النخبة السياسية التي كنا نعول عليها لمحاربة الريع فانخرطت فيه من خلال ريع أو فساد "قانوني ". ثم على النموذج التنموي الاشتغال على إعادة بناء المفاهيم، وأولها مفهوم العمل السياسي الذي أصبح مرادفا للانتهازية والانتفاعية ومراكمة الثورة عوض خدمة الناس.من هنا ينبغي البدء بتغيير الصور النمطية وتحفيز العقل وإعادة الاعتبار للجودة ونبذ البذاءة.

هذه طبعا عناوين عامة والإبداع المطلوب سيكون هو القدرة على تفصيلها بشكل ملموس في حياة الناس اي الانتقال بها من المجرد الى الملموس. ذاك هو الرهان الذي يمكن أن تنهض به العقول المفكرة لا العقول التي لا تفكر سوى في قتل المستقبل الجماعي سواء وعت جريمتها أو ظنتها إنجازا .

 

 

 
مجموع المشاهدات: 352 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة