الرئيسية | أقلام حرة | لماذا تأخرنا..؟

لماذا تأخرنا..؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
لماذا تأخرنا..؟
 

حين يتعلق السؤال بالتقدم دوما ما يتبادر إلى ذهني تساؤل صغير لكنه معقد : ما الذي ينقصنا كي نتحول إلى دولة متقدمة ؟ 

الأكيد أن الأمر لا يتعلق فقط بالثروات الطبيعية فدول كاليابان و بلجيكا و هولاندا و سويسرا ... ليس لديها ثروات طبيعية لكنها دول متقدمة و في الجهة المقابلة دول الخليج مثلا لديها أنفس ثروة طبيعية لكنها لا تنتج شيئا ما عدا الكسل و مجتمع الإستهلاك . 

هناك دول كانت في مطلع الألفية تشبهنا إلى حد كبير و كنا على نفس خط التنمية ، و بعد مرور قرابة عشرين سنة قطعت أشواطا كبيرة في الرقي بشعوبها. البرازيل كمثال التي ، و بعد أن فكت الإرتباط مع البنك الدولي و تحررت من عبوديته و إملاءاته ، أصبحت بقدرة قادر تصنع الطائرات و السلاح و الغواصات...و أصبحت سادس قوة إقتصادية في العالم . لن أتحدث عن تركيا كي لا أثير حساسية البعض و لكنها هي الأخرى غدت بقدرة قادر تنافس الدول المتقدمة و دولة لها وزنها إقليما و دوليا. رواندا التي بُعثت من دمار الحرب الأهلية و الدمار الشامل أصبحت تحقق نسب نمو عجزنا عن الوصول إليها نحن الذين يمّمنا وجهنا شطر القارة السمراء متبرعين و مستثمرين . 

  ما حققته هذه الدول و غيرها لم ينزل من السماء ، فماذا ينقصنا إذا ؟ إنه سؤال وجودي تكرر عدة مرات في عدة صيغ حين اصطف الملك في خطبه السابقة في صف المعارضة متسائلا عن الثروة و عن أسباب عدم نجاعة خطط التنمية . نعم الثروة موجودة لكنها بيد الأثرياء فقط..تتراكم ، تتوارث ، تتقاسم ، تتبادل في أعلى الهرم و لا أثر لها في أسفله بين الطبقات الفقيرة و المتوسطة التي بدأت تتآكل . 

مشكلتنا في هذا الوطن هي مع العدالة في كل شيء ، حين تكون هناك رغبة في تحقيق العدل  ستولد التنمية من تلقاء نفسها في كل مناحي الحياة . 

مشكلتنا أنه لا توجد إرادة قوية تقول للجميع كفى من استنزاف خيرات الوطن ، لا يوجد من يحدث رجة يستيقظ لها الجميع و يقف عندها الجميع كي نرى أنفسنا في المرآة و ننتقد الذات الجماعية . وقفنا وسط الوادي فلا نحن عبرنا إلى الضفة الأخرى (الديمقراطية كاملة مكمولة) و لا نحن تجنبنا البلل. 

  لا مشكلة في أن يحقق أصحاب الشركات الأرباح الطائلة "بصحتهم و راحتهم" المشكلة في التهرب الضريبي و استغلال اليد العاملة المحتاجة للشغل بأقل تكلفة . المشكلة في شجع القلة المستفيدة المتنفذة و في بؤس الأغلبية . المشكلة أن الموظفين و العمال و التجار الصغار لديهم حصة الأسد في الوعاء الضريبي في حين تتهرب الحيتان الكبيرة . المشكلة في الثروات التي تزخر بها البلاد و لا تُعرف عائداتها و لا المستفيد منها . 

  مشكلتنا مع المحاسبة التي تستتبع العدالة فكم هي الصناديق التي سُرقت و الأموال التي بُددت بلا حسيب و لا رقيب ، و كم هي التقارير التي استنزفت أمولا طائلة لكنها أبدا لم تصل إلى القضاء . 

   مشكلتنا أن النخبة الحاكمة لا ترتبط بالوطن إلا بقدر ما تنتفع منه و أن ثقل " الإصلاح " يتحمله الشعب لوحده. 

لقد وصلنا إلى مرحلة صار فيها تحقيق العدالة مطلبا جوهريا قبل الخبز ، لأن الثروة إنما تُخلق بالعدل و الكرامة ، و كل يوم نتأخره يقطع فيه غيرنا أشواطا في التقدم و الرقي.

 
مجموع المشاهدات: 660 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة