أخبارنا المغربية - عبد المومن حاج علي
يشهد مجال إنتاج زيت الزيتون تطورا لافتا من حيث تنويع المنتوجات والبحث عن قيمة مضافة حقيقية، ومن بين التجارب التي ما تزال محدودة الانتشار رغم ما تحمله من فوائد صحية وحسية، طحن الزيتون مع الثوم خلال عملية العصر، وهي ممارسة تقليدية قديمة تعود اليوم إلى الواجهة لكن بشكل محتشم وغالبا تحت الطلب.
ولا يقوم هذا الأسلوب على تنكيه الزيت في مرحلة لاحقة، بل على إدماج الثوم مباشرة مع الزيتون أثناء الطحن، ما يسمح بتفاعل طبيعي بين مكوناتهما، والنتيجة زيت متجانس، تتوزع فيه نكهة الثوم بشكل متوازن دون طغيان، وتكون الرائحة ناتجة عن مسار الإنتاج نفسه، لا عن إضافة خارجية أو معالجة صناعية.
ومن الناحية الصحية، يجمع هذا الزيت بين فوائد زيت الزيتون البكر الغني بمضادات الأكسدة والأحماض الدهنية المفيدة للقلب، وخصائص الثوم المعروفة بدورها في تقوية المناعة، والمساهمة في خفض الكوليسترول، ومقاومة الالتهابات، كما أن الطحن المشترك يساعد على الحفاظ على المركبات النشطة للثوم بشكل أفضل مقارنة بطرق النقع أو الإضافة بعد العصر، ما يمنح المنتوج قيمة غذائية أعلى.
أما من حيث النكهة، فيتميز الزيت الناتج بوضوح مذاقه وتجانس النكهات، إذ تتناغم شخصية الزيتون مع طابع الثوم دون طغيان أحدهما على الآخر، ليحافظ الزيتون على هويته، بينما يرافقه الثوم كعنصر داعم لا مهيمن، وهو الانسجام الذي يجعل الزيت مناسبا للاستعمال اليومي، سواء في السلطات أو الأطباق التقليدية، دون أن يفقد بساطته أو نقاءه.
ورغم هذه المزايا، يظل طحن الزيتون مع الثوم محدود الانتشار، ويقتصر غالبا على كميات قليلة تنتجها بعض المعاصر استجابة لطلبات خاصة من زبناء يبحثون عن منتوج طبيعي ومختلف، حيث تعود هذه المحدودية إلى عوامل متعددة، من بينها قلة وعي المستهلك بهذا النوع من الزيوت، إضافة إلى متطلبات تقنية وتنظيمية تجعل المنتجين يترددون في تعميمه ضمن الإنتاج العادي.
ومع ذلك، يرى مهنيون أن هذا المنتوج يحمل إمكانات واعدة، خاصة في ظل تزايد الطلب على الزيوت الطبيعية الخالية من الإضافات الصناعية، والمرتبطة بالطرق التقليدية والهوية المحلية، وهو ما يجعل طحن الزيتون مع الثوم ليس مجرد خيار ذوقي، بل تجربة إنتاج تحترم المادة الخام، وتراهن على الجودة، وتمنح زيت الزيتون بعدا صحيا وتسويقيا إضافيا، وإن ظل إلى حدود اليوم منتوجا يصنع في الغالب تحت الطلب.
