إلى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني: صافحت، فارتقيت، فبلغت

وأنت تصافح الرئيس الروسي بابتسامة عريضة احرص على ألا يلمس يدك اليمنى ماء حتى تستبرك بعطر بوتين، وتنتشي، كما انتشيت وأنت تمشي عقب المصافحة مشية طفل فرح بقطعة حلوى دستها في جيبه والدته، وتنتشي أياما، تبتسم، تضحك، تقهقه، تطخطخ، كلما وضعت أنفك فوق كف يدك، واسترجعت الذكرى السعيدة.

إياك أن تتوضأ، وإياك إياك أن تتيمم، فقد يذهب الماء برائحة عطر سيدك بوتين، وقد تختلط رائحة الحجارة، التي قد تكون ضمختها يوما ما بالمسك ليذكرك بمقام النبوة، برائحة سيدك، فتفقد إكسير السعادة، وتصعد إليك ذكريات الحزن والحرمان يوم كنت تمني النفس بمصافحة وزير من وزراء الحكومة, وكنت تستعيض عن ذلك بحديث طويل عن الآخرة والجنة والنار، وعن أفضليتك على من آثروا الحياة الدنيا، وفرطوا في الآخرة، وتباهي الناس برجاحة عقلك التي وجهتك إلى استحضار الفردوس الأعلى وأعلى عليين، في وقت قصرت فيه نظرة من ركنوا إلى الحياة الدنيا، وانساهم نعيمها الخلود الأبدي والسعادة الدائمة في الحياة الآخرة.

لا تقرب الصلاة بعد اليوم، فقد سيقت لك أعلى عليين، ودخلت الفردوس الأعلى بولوج القصور المشيدة والأبراج العالية، ووقعت يدك في يد أكابر القوم، وشعرت بسكرة خمرة اللقاء.. . هي درجة البلوغ, بلغتها, فلا حاجة لك اليوم إلى المزيد، وما عليك إلا أن تردد الآية الكريمة: "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين"، وتفسرها على هواك كما فسرها الذين من قبلك، وتقول كما قالوا: أنا عبدت الله حتى أتاني اليقين.

حتى تعيش يقينك بطمأنينة تامة، وبقلب مطمئن إياك أن تفسده بالتفكير في جحيم أبناء الشعب، لا تشغل نفسك بمن يقبعون في صقر الأسعار العالية، بمن اختاروا ركوب قوارب الموت هربا من لهيب الجحيم المستعر، بمن يرفعون عقيرتهم للاحتجاج على الاقتطاع من أجور هزيلة، وعلى التقاعد، والتعاقد، والبطالة، والفقر والحرمان، وعلى هضم الحريات وانتهاك الحقوق....هذه منغصات لا تفسد حلاوة انتشائك بالتفكير فيها، فدار رئاسة الحكومة هي دار جزاء وثواب، لا دار عناء وتعب وشقاء تفكير.