الرئيسية | أقلام حرة | ذكرى عيد الاستقلال والتربية على المواطنة

ذكرى عيد الاستقلال والتربية على المواطنة

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
ذكرى عيد الاستقلال والتربية على المواطنة
 

18 نوفمبر من كل عام تحل بنا الذكرى المجيدة لعيد الاستقلال، ذكرى تعُود علينا بتذكر التضحيات التي قدمها العرش والشعب من أجل الانعتاق من ربقة الاستعمار الفرنسي والاسباني الغاشم الذي جثم على مقدرات المغرب وثرواته من عام 1912م حتى عام 1956م لمدّة 44 سنة.

 

لا يسعنا في هذه المناسبة إلا أن نثمن جهود رجالات الحركة الوطنية المغربية في تأطير الشعب المغربي من أجل المطالبة بالاستقلال، ونترحم على أرواح الشهداء المجاهدين الذين أبلوا البلاء الحسن في مواجهة الترسانة العسكرية للمستعمر، ونشيد أيضا بجهود العرش العلوي المجيد في تلاحمه مع الشعب المغربي الأبي.

 

ولازلنا نتذكر ونحن في المستوى الابتدائي في حصة التعبير والإنشاء، وفي مادة التربية الوطنية مطالبة أساتذتنا لنا إنجاز إنشاء حول ذكرى الاستقلال المجيد، وفي كل مناسبة وطنية يتكرر هذا الطلب، فكان منسوب التربية الوطنية مرتفعا لدى الناشئة، وكذا إحاطتهم بتاريخ المغرب والدول المتعاقبة على حكمه إلى عهد الدولة العلوية الشريفة.

 

إننا اليوم نلاحظ انحسارا في التربية الوطنية وقيم المواطنة، فهذه المادة الفريدة في المقررات الدراسية غير كافية في ترسيخهما لدى الجيل الجديد، ودور الإعلام الوطني لا يرقى إلى المستوى المطلوب في الاحتفاء بالمناسبات الوطنية باعتبارها مدخلا من مداخل هذه التربية، خصوصا في ظل اكتساح الرقمية وهيمنتها على تقديم المعلومة بشكل مختصر وفي زمن وجيز.

 

ولنا أن نتساءل عن دور الحكومة بوزارتها المتعددة عما أعدته من برامج، وما أنجزته من مشاريع على جميع المستويات الثقافية منها والاقتصادية والاجتماعية والسياسية؛ والتي من شأنها أن تعزز قيم المواطنة من حرية وكرامة ومساواة وعدل وتضامن وسلم وديمقراطية، وتساهم في بناء مغرب الغد الذي نطمح إليه جميعا، مغربٌ يتذكر تاريخ الاستعمار الأسود الذي أضنى البلاد والعباد، ويتذكر نعمة الأمن التي يرفل فيها في ظل الاستقلال، وفي ظل السياسة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.

 

إن المقارنة بين ماضي المغرب ومضارعه، والحلم بمستقبل تتساوى فيه الطبقات في التوزيع العادل للثروة، وفي شيوع الحرية والعدالة الاجتماعية، من شأنه أن يرفع من منسوب الوطنية والاعتزاز بالوطن، وتجعل المواطن لا يستعر من بلده أينما حل وارتحل، وتجعله أيضا يوظف طاقاته وعلمه وما اكتسبه فيه، في خدمة بلده بدل الهجرة إلى الغرب و"جحا أولى بلحم ثوره" كما يقال في المثل الشعبي.

 

لكننا نرى اليوم غير هذا الواقع المستقبلي، فالبطالة في أوساط الشباب، والفقر الذي يضرب بأطنابه في العمق المغربي، وتراجع مستويات الصحة والتعليم وهزالة ميزانيتهما بالمقارنة مع ميزانيات أخرى، والظلم، وانعدام الوصول إلى الحق وتطبيق القانون، مما نسمعه يوميا على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي نرجوا أن تكون حالات معدودة لا ترقى إلى التعميم، كل هذا من الأسباب التي تعمل عملها في نخر جسد الوطنية والمواطنة.

 

إن نعمة الأمان والحمد لله منذ الاستقلال في ظل الدولة العلوية الشريفة، على المستوى العام التي يرفل فيها بلدنا المغرب، بالمقارنة مع باقي البلدان العربية، وهي نعمة لا يكابر فيها مكابر، وتستدعي الشكر والدعاء اليومي {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا}، والوعي بأهمية هذه النعمة {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} التي تعتبر أرضية صلبة لبناء مغرب الغد، رغم خطاب التيئيس والتبئيس الذي يمارسه البعض.

 

 

في ذكرى عيد الاستقلال المجيد ونحن في الرابعة والستين منها، علينا مراجعة الذات حكومة وشعبا، لأن هذه المناسبات محطات للتذكر، والخطابات الملكية فيها هي خريطة طريق للعمل، والأولويات التي ينبغي العمل عليها هي استعادة الروح الوطنية، وفي خطابة نصره الله وأيده قال الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى ال 34 للمسيرة الخضراء إنه: "وبروح المسؤولية، نؤكد أنه لم يعد هناك مجال للغموض أو الخداع؛ فإما أن يكون المواطن مغربيا أو غير مغربي، وقد انتهى وقت ازدواجية المواقف والتملص من الواجب، ودقت ساعة الوضوح وتحمل الأمانة؛ فإما أن يكون الشخص وطنيا أو خائنا، إذ لا توجد منزلة وسطى بين الوطنية والخيانة، ولا مجال للتمتع بحقوق المواطنة والتنكر لها، بالتآمر مع أعداء الوطن".

مجموع المشاهدات: 635 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة