موجات الغضب الشعبي العربي .. هل هي بريئة ؟!
ظاهرة استأسدت بالمشهد الإعلامي
في أعقاب حراك "الربيع العربي" وما أفرزه من تمزقات سياسية واضطرابات شعبية ، ظهرت إلى الوجود موجة جديدة من الحراك الشعبي الجماهيري ، بتنظيم سلمي منظم ومطالب واضحة ، كان من أبرز تداعياته الإطاحة بحكومات وإخضاع بعض رموزها للمثول أمام القضاء ، امتد تياره ليشمل عديدا من الدول بدءا بالجزائر ومرورا بلبنان والعراق ومن قبل تونس ، فضلا عن مناطق جغرافية أخرى ، بأوروبا وأمريكا اللاتينية .
ويتساءل المرء ؛ أمام هذا المد الجماهيري الكاسح ؛ هل هو ظاهرة صحية وبريئة من الدسائس لأطراف أجنبية ، أم هو مجرد زوبعة لا تلبث أن تنطفئ في فنجان العسكر ؟!
الميديا الشعبية سلاح بيد أطراف دخيلة
في بحث صحافي استقصائي حديث بعنوان " العالم العربي يدير ظهره للدين وغضبه للولايات المتحدة "Arab world turn it's back on the religion and it's ire on the US “ by Kate Hodal, June 24 2019
... انفردت بنشره صحيفة الغارديان البريطانية الأوسع انتشارا ، أوردت كيت هودل مراسلة الصحيفة بجنوب شرق آسيا تقريرا مفصلا
لمجموعة من النتائج والمؤشرات لهذا البحث ، أولتها الصحيفة بأنها تشكل تحولا جذريا في أفكار ومواقف وتطلعات الشباب العربي خاصة ، تجاه الدين وقضايا أخرى ، لتخلص إلى استنتاج عام في "تراجع مريع لثقته في زعمائه وقادته وحكوماته " .
ويتبين أن توقيت البحث هذا تزامن مع الحراك الشعبي الجماهيري منذ الغارات الأولى للتحالف العربي على الحوثي باليمن سنة 2015 ، وامتد في الزمان إلى غاية اندلاع الغضب الشعبي في كل من الجزائر ولبنان والعراق حاليا .. خمس سنوات من البحث ؛ وحتى إن ارتكزت أدواته على الاستبيان والمقابلة ؛ فإن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت فيه دورا رياديا وجوهريا في التأثير على اتجاهات الشباب ومواقفهم ؛ حملتها رسائل وصور ومقاطع فيديو ، روجت لها عناصر مندسة تعمل لصالح مخابرات وأطراف أجنبية ؛ شددت ـ في أهدافها ـ على تغيير قناعات الشباب وحملها على التشكيك وأحيانا نزع الثقة من ولائها للأحزاب والحركات والتنظيمات ذات التوجه الإسلامي ، كحزب الله اللبناني وحركة حماس ، فضلا عن الأحزاب والحكومات الإقليمية . ولعل الآلة الصهيونية الرهيبة التي تقف وراء هذا التحول المفاجئ ؛ في توجهات الشباب العربي ؛ استهدفت من ورائه كسر شوكة الفكر الشيعي المتغلغل في أجزاء هامة من الجغرافية العربية ؛ إن في اليمن والعراق أو في لبنان وفلسطين .
حكومات جديدة تحتضن الميديا الشعبية
يلاحظ أن بعض الحكومات الجديدة المنبثقة عن الحراك الشعبي مؤخرا ؛ وقناعة منها بما أصبحت لهذه الوسائل من دور حيوي ونجاعة في التأثير على مواقف الشباب ؛ لجأت إلى احتضانها وركوبها في بث خطابها السياسي وتعميق ثقافتها لدى الشباب ، فسارعت من خلالها وتحت أقنعة متعددة ؛ إلى الترويج لصور ومقاطع فيديو لبعض الرؤساء العرب وهم يستقبلون بالأحضان ثلة من شباب "الحراك" ، في غمرة من العواطف الجياشة ، والعمل على نشرها على أوسع نطاق !
عدد التعليقات (0 تعليق)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟