ياسين طه
في مسرحية الأديب و الدراماتورج الايرلاندي صامويل بيكيت " في انتظار ڭودو Waiting for Godot " ،
و التي تشكل قطعة مسرحية متميزة، تعرض لانتظار ديدي و جوجو قدوم شخص ثالث .
هذا الانتظار المتواصل جعلهما حبيسين في الزمان و المكان، فلا هما يستطيعان تذكر أحداث الأمس ؛ أو عيش لحظات اليوم و لا حتى استشراف المستقبل. في خضم هذا القيد، يدور حوار بين شخصيات المسرحية؛ قد يظهر للوهلة الأولى خال من أدنى معنى؛ تساؤلات تطرح تساؤلات في المقابل إجابة لها. و لكنه في الحقيقية حوار يحمل في طياتها الكثير؛ و بين أسطره ما يطلق العنان لمخيلة المتلقي ..
هنا .. في الجنوب واقصد بالتحديد في جماعتي تاكونيت_امحاميد الغزلان (إقليم زاكورة) لازال الجميع في انتظار ڭودو. نقطة تشابه جلية. ربوع تقبع في آخر الصف من طابور سياسة البلاد. و على قلتها ، ضعف في جودة الخدمات العمومية (إنارة عمومية، ربط بشبكة الماء الشروب .. و التي أصبحت من الضروريات توفرها في ظل التطورات التي تشهدها الالفية الثالثة.
ننتظر قدوم وادي درعة ؛ في فترات تكون أعمدة الصراء من نخيل في أمس الحاجة لتروي ظمأها الذي طال لأشهر عجاف و حقول جرداء من جفاف ؛ بطول يصل إلى 1100 كيلومتر. يعكس هذا الوادي طول الانتظار المحتمل و في الغالب كان يخلف الموعد.. يكتفي الأهالي بترديد "الله إِرْحْمْنا" .
نحن هنا كمن يعيش في جزيرة في معزل عن العالم. ننتظر لقارب النجاة على شط الخذلان، و كلما تراء قدوم شيء من بعيد ازداد الأمل في النجاة .تم يليه إحباط شديد بتبدد الضباب.
جاء في القطعة و فيما مرة " هيا نرحل .. لا يمكن. نحن في انتظار ڭودو ". هنا لا يمكن الرحيل كما خمن جوجو و ديدي . لأن الرحيل ليس من شيم المخلصين للأرض. نبض أفئدة الأهالي هو نبض و نبراس الأرض. بل و شيء روحاني سحري يزيد من استمساكهم بها ، كتشبث الصغير بطرف أخر لحاف أمه.
ضقنا ضرعا في ظل انتظار السياسي المتفاني في عمله، الذي سيحمل بأمانة و كحمام زاجل، رسالة صادقة للواقع المرير المعاش و عريضة بأصوات المعاناة ؛ إلى بر الأمان و الذي يجعل المصلحة العامة أولى و أسبق من مصلحته. ننتظر الضمير الحي الذي عساه يوقذ فتيل العمل الجاد. و روح المثابرة.
اتمنى صادقا أن تتحسن الأوضاع و الظروف فيجيء يوم نكتب بدورنا على غرار الكاتب الياباني مينورو بيتسوياكو "وصول ڭودو" وصول المنقذ ، وصول الحياة إلى بلادنا ..
