الصادق بنعلال
لا يراودنا أدنى شك في أن المحطة الإذاعية الرياضية راديو مارس أضحت مكونا بالغ الأهمية في المنجز الإعلامي المغربي ، بل يمكن القول دون أي رغبة في المبالغة أو إطلاق الكلام على عواهنه ، إن هذه الإذاعة أصبحت تنال العناية و الرعاية من قبل عدد كبير من المواطنين المغاربة المعنيين بتتبع مجريات و مستجدات الشأن الرياضي العام ، بفضل ما تتوفر عليه من إعلاميين شباب و مخضرمين على دراية جيدة بالثقافة الرياضية الوطنية و الدولية ، و ما تقدمه للمستمعين من مضامين و قضايا تثير اهتمامهم و فضولهم المشروع في الفهم و التحليل و التعليق .. لكن كل ذلك لا يمنعنا من طرح تساؤل إجرائي نصوغه كما يلي : إذا كان راديو مارس قد ساهم منذ أكثر من عشر سنوات في إغناء الساحة الإعلامية ببرامج هادفة و مسؤولية و جادة ، فما هي الإشكالات التي تظل بمثابة عناصر سالبة أو مظاهر ضعف يستحسن تجاوزها و تلافيها ، من أجل مستقبل أفضل لهذه المحطة الإعلامية الرياضية الوحيد في بلادنا !؟
إذا وضعنا إيجابيات هذه الإذاعة و منجزاتها الكبيرة و هي كثيرة جانبا ، و اقتصرنا على إبراز العناصر غير المستحبة و غير المقبولة من جل المتتبعين ، فإننا سنوجز كل ذلك في كلمة واحدة هي شبه غياب للمقاربة المتوازنة في شتى المجالات :
1 - صحيح نعثر في أدبيات الإذاعة و خطابها التحريري على أهمية و أولوية الالتزام بالحياد و الموضوعية ، لكن على مستوى الفعل و التنفيذ الملموس يحدث أحيانا ميل واضح لمكون رياضي دون آخر بطريقة غير مباشرة .
2 – في مناسبات كثيرة "تخرج" هذه المحطة المحترمة عن طابعها الوطني المفترض إلى النزعة الجهوية الواضحة ، فما أكثر ما يتم الانشغال بالناديين البيضاويين الوداد و الرجاء على حساب فرق وطنية أخرى بداعي حضورهما الوازن في أكثر من واجهة !
3 - عدم إعطاء نفس القيمة الزمنية و المضمونية أثناء التحليل و التعليق على بعض المقابلات للفريقين المتنافسين ، شخصيا لاحظت في أكثر من مناسبة أن بعض المحللين و هم يعبرون عن وجهة نظرهم إزاء مقابلة تجمع اتحاد طنجة على سبيل المثال بنادي آخر ، غالبا ما لا يحظى فارس البوغاز بحقه في هذا "الحديث" مثل باقي الأندية الوطنية الأخرى ، و هذا موثق و ملاحظ في أكثر من فرصة !
4 - إبداء رغبة استثنائية في التواصل مع المكاتب المديرية للفرق "الكبيرة" أثناء أزماتها التسييرية و التقنية للتعرف على أصول و فصول هذه الأزمة و مساعدتها للخروج منها ، و تراجع هذه الرغبة بل غيابها بشكل غير مستساغ عندما يتعلق الأمر بنوادي أخرى .
5 - في نفس السياق نلاحظ ارتباكا بالغ الحدة في بعض البرامج الحوارية ، و التي تخصص وقتا لتدخلات المستمعين عبر الهاتف ، فهناك من يسعفه "الحظ" للمشاركة الهاتفية المباشرة أكثر من مرة ، و هناك من ينتظر أكثر من سنة "ليبتسم" له هذا الحظ .
6 - بداعي الواقعية و النزعة الشعبية ، تستخدم لغة تواصلية من قبل بعض المنشطين أقل ما يقال عنها أنها غير لائقة ، فالبرامج الرياضية تحظى باستماع كل الفئات العمرية و على رأسها الشباب و تلاميذ المدرسة ، فمن الأجدى أن نساهم في رفع مستواهم الثقافي و اللغوي أثناء تأدية واجبنا الإذاعي ، فالإعلام رسالة تربوية و أخلاقية بامتياز ، فالأولى أن نجعله في خدمة المحبة و الأخوة و السلام ، و في قالب لغوي راق ، فعوض أن أُسْمِعَ طفلا في حاجة إلى التعلم و بناء الذات كلمة شعبوية مثل "خبيرة" أفضل أن أستعمل خبر صغير ، و عوض كلمة لا معنى لها مثل "الطيوح" استخدم بكل بساطة مفردة النزول ..
7 - و أخيرا و ليس آخرا يفترض أن يتم التعاطي مع المنجز الرياضي لأنديتنا الوطنية من منطلق الاستناد إلى قيم تكافئ الفرص و العدالة و المساواة ، مع تقدير تام للجماهير التي تعد السند الجوهري للديناميكية الرياضية ، فإن كنا نرفض أي اعتداء مادي أو معنوي في حق أصدقائنا الصحفيين و نطالب باستمرار باحترام مجهوداتهم و تضحياتهم الجسام ، من أجل تنوير الرأي العام بكامل الحرية ، و ندافع بدون هوادة عن الحكام و المدربين و المسؤولين الإداريين .. فإننا نطالب و بنفس الحماس و القوة باحترام الجماهير الرياضية العظيمة ، التي لا تبخل بكل ما هو نفيس لديها لمساندة و مؤازرة فرقها المفضلة ، و ترويج الصورة الحضارية المشرقة للمغرب دوليا .
