الرئيسية | أقلام حرة | المغاربة وحياة القرض والاقتراض

المغاربة وحياة القرض والاقتراض

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
المغاربة وحياة القرض والاقتراض
 

ضغوطات الحياة

 

ضغوطات الحياة ومتطلباتها ، أو بالأحرى مغرياتها ، دفعت بشرائح واسعة من المواطنين المغاربة إلى المزيد من الاقتناءات ؛ إما تفوق أحيانا طاقاتهم الشرائية ، أو ترهن حياتهم وتخضعها لأنماط اقتصادية خانقة ، إلى حد ابتلاع القروض بالكاد لجميع مدخراتهم ، ومنح الضوء الأخضر للديون لأن تنمط حياتهم في شكل حسابات دقيقة ، تنتهي بعزل معظمهم من كل المقومات والأسلحة لمواجهة الطوارئ كالمرض وصروف الدهر وتداعياتها ، وتدعهم أشبه بسيارات منعدمة الإضاءة تسير في ليل بهيم !

 

أزمة ... واحتيال

 

يعرف المغرب ركودا اقتصاديا متفاقما بفعل عوامل طارئة ؛ ما زالت جاثمة على معظم القطاعات الخدماتية ، منها على سبيل القطاعات المصرفية التي سخرت كامل طاقاتها ومنظوماتها التشريعية للتخلص من حدة الركود الذي قلص من أنشطتها وأرباحها ، سواء على مستوى المدخرات أو القروض التي تتنفس منها .

 

وفي العقدين الأخيرين لجأت الأبناك إلى تبسيط مساطر القروض الصغرى والمتوسطة ، وبتحفيزات صورية مقابل ضمانات عينية وعقارية ، وفي ذات السياق اتجهت إلى ربط شراكات وتعاقدات مع قطاع شركات السيارات . وحتى تكتمل الصفقة ، سارعت العديد من شركات بيع السيارات إلى منح المشتري/المقترض "تسهيلات في الأداء" تقضي بإعفائه من أية دفعة "تسبيقية" كعربون على عقد الشراء ، فضلا عن تأخير تسديد أول كمبيالة إلى ثلاثة أشهر ، كتحفيز له ، لكن مقابل توفر ضمانات يسيل لها اللعاب ، أو هي بمثابة وضع يد من حديد على رقبة المستدين ، إذا هو توانى أو عجز عن تسديد الكمبيالات عند حلول أوانها ، والتي تمتد في الزمان أحيانا إلى عشرين سنة وبشروط مجحفة .

 

تسبيق (0 درهم) وأساطيل السيارات التي تخنق شوارعنا

 

شوارعنا ــ في معظم حواضرنا ومدننا ــ لا زالت خاضعة لنمط متقادم في شبكاتها وضيق طاقاتها الاستيعابية ، حتى أضحت في العقد الأخير مشتركة في استعمالها بين السيارات والحافلات والناقلات والعربات والدراجات والفراشا والمتسكعين الذين يفتقدون لكل حاسة تقيهم أخطار الطريق ... بل وحتى المقاهي التي امتدت كراسيها لتقضم أطرافا منها ! فتغدو السياقة والحركة بهذه الطرقات والشوارع الجحيم بعينه ، من خلال تعالي أبواق السيارات وسباب أصحابها مختلطا بصراخات الفراشا وهم يشهرون بضاعتهم وسط هذا "المستنقع العصيب" .

 

عائلات بثلاثة أفراد وأربع سيارات !

 

اقتناء السيارة هو أول حلم يراود المغربي أيا كان حدبه ، منحدرا من القمة أو الحضيض ، حتى إن شرائح كبيرة من المغاربة تمتلك سيارة وهي تأوي أكواخا طينية أو قصديرية ، ولا تتوانى في إشهار قواميسها اللغوية الكريهة في وجه كل من يعترض سبيلها أو لا يحترم "ماركتها" ، تفترش سياراتها/قصاديرها بقارعة الطرق لبيع بضاعاتها ، كما تتخذها وسائل للنقل والتنقيل والتخزين وربما أحيانا للإواء الطارئ .

 

كما أن هناك ؛ في الواجهة الأخرى ؛ أسرا تتباهى في البريستيج Prestige ، تستبدل أساطيل سياراتها كل سنة ، وتصل اقتناءاتها معدل كل شخص مستقل بسيارة حتى ولو كان هذا الشخص ما زال تلميذا في مرحلة الإعدادي ، وإذا عزموا على تحريك سياراتهم داخل المدينة فتلك هي قصة أخرى في حرب الأعصاب والزعيق والنفير .

 

بادرة ... ولكن هل ستعمم وتعمر ؟

 

 

مؤخرا أقدمت سلطات العاصمة الرباط على مبادرة بإخلاء جنبات الطرقات والشوارع من كل الباعة المتجولين/الفراشا ، والحكم بذعائر ثقيلة على الدكاكين والمقاهي التي تضبط في حقها خروقات مد سلعها وكراسيها خارج أحيازها القانونية ، واعتبرها بعضهم أنها مجرد "أسبوع الباكور" إذ سرعان ما ستعود حليمة إلى عادتها ، ومنهم من ربط هذه الإجراءات بالجانب السياحي الأجنبي ، ويبقى السؤال معلقا هل ستدوم هذه المبادرة وتعمم على سائر المدن المغربية أم أنها لا تعدو سحابة صيف ، علما أن مداخيل المقاهي من تراميها على هذه الفضاءات العمومية تفوق 70% من مداخيلها العامة . ولكن في جميع الأحوال هذا الإجراء لن يساهم في إزالة احتقان المداخل والشوارع إذا لم يتم دعمه بمشاريع ضخمة تروم التوسعة والحفاظ على البيئة وجمالية المدينة ، وتحد من اختناق الشوارع .

مجموع المشاهدات: 497 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة