الرئيسية | أقلام حرة | خطاب إلى كورونا اللعين

خطاب إلى كورونا اللعين

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
خطاب إلى كورونا اللعين
 

أي كورونا ...يا هذا العدو اللامرئي الذي زوبع العالم كله في أيام قليلة وزرع في النفوس الفزع والهلع...كيف تأتى لك في ظرف وجيز أن تطيح بجبروت أقوى الدول فتقف عاجزة عن مواجهتك وهي التي طالما تبجحت بالتقدم العلمي والتكنولوجي وسخّرت كل إمكاناتها لصنع القنابل المتنوعة من عنقودية وذرية وهيدروجينية...وما إلى ذلك؟ يقول الحق في محكم كتابه العزيز:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ" (سورة الحج:اية73).

 

أي كورونا... بالله عليك كيف استطعت أن تتسلل إلى مملكة الجنس الأصفر( الصين) في غفلة من علمائها وأطبائها؟ وانتقلت بعدها لتغزو معاقل العالم القديم: من بلاد الروم(ايطاليا) وبلاد فارس(إيران) إلى شبه الجزيرة الايبيرية( اسبانيا) فأروبا ، ولأنك عادل يا سيدي وابن العولمة اللعينة أبيت إلا أن تزور إفريقيا والعالم العربي...لتحط الرحال بأمريكا وما أدراك ما أمريكا؟ أمريكا التي قال عنها شاعرنا محمود درويش: أمريكا الطاعون والطاعون أمريكا. أمريكا بعلمها وعلومها...أمريكا بعجرفتها وغطرستها تقف عاجزة أمامك ترفع الراية البيضاء وهي التي طبخت صفقة القرن هاهي تنهزم أمام جائحة القرن؟

 

أين هي أجهزة الاستخبارات ؟وأجهزة التنصت؟ والأقمار الاصطناعية...وهلم جرا؟

 

سيدي كورونا المحترم...كيف استطعت أن تتغلب على الجيش العرمرم الذي كان يملأ المقاهي والساحات والمسارح والمساجد والملاعب والبارات وصالات القمار...و...؟ كيف استطعت أن تلزمنا ما لا يلزم،فقبعنا في منازلنا نلوك حسرة عجزنا وضعف حيلتنا. ألم يقل رب العزة:" وخلق الإنسان ضعيفا"(النساء اية28). لطالما تحدثوا عن موت الفلسفة وموت المؤلف ونهاية العالم ، هل هذه نهاية الإنسان؟ ذلك الكائن المتعالي الذي ظن أن العالم إنما يدور ويسير وفق مشيئته؟

 

لا صوت يعلو على صوتك يا صديقي كورونا، تجار الحروب ولوا خائفين وانسحبوا من أرض المعركة: من العراق، ليبيا، فلسطين، سوريا. لقد تفوقت بحق على مبعوثي السلام وجعلت الأمم المتحدة في موقف حرج.

 

لا صوت يعلو على صوتك، فوسائل الإعلام سحبت موادها المتنوعة من شبكات البرامج المسموعة والمرئية والمقروءة، وتفرغت لك كليا لتطالعنا في كل دقيقة وأختها ببلاغاتها

 

الشبيهة ببلاغات الحروب، الأرقام وحدها تلخص حجم المأساة: جيش بني البشر في مواجهة كائن صغير لا مرئي، أنت تقتلنا في كل لحظة ونحن عاجزون نحصي ضحايانا ونلوذ بترسانة الاحتياطات، هي وحدها الكفيلة كي تنقدنا من بطشك الذي لا يرحم.

 

أي كورونا اللعين ! لقد أضحيت أشهر من نار على علم، ملأت الدنيا وشغلت الناس، فلا البارصا ولا الريال ولا السيدة العجوز ولا الشياطين الحمر أو الخضر يستطيعون أن يثبتوا أمامك ، هزمتهم بالضربة القاضية: أين أنت يا ميسي يا من لقبوك بالكائن العجائبي القادم من كوكب آخر، لماذا لا تسقط هذا الوغد ارض بمراوغة من مراوغاتك الشهيرة؟ وأين أنت يا رونالدو؟ لو أنك تسدد واحدة من قذفاتك القوية لتهشم رأس هذا الوغد المسمى كورونا والذي عاث الفساد في الأرض والعباد ؟ أين جعجعات الشوالي ورؤوف خليف؟ آه لو كان " الصحاف " حيّا لأتحفنا ببلاغاته البطولية؟ علّها تزجي أوقات فراغنا أو تمنحنا بعض الوهم المسكن.

 

أي كورونا ...بالله أنبئني عن أصلك وفصلك...ما نسبك وما محتدك؟ من أي طينة أنت؟

 

هل أنت تجل من تجليات الغضب الإلهي كما يزعمون؟ هل أنت خلطة من خلطات "كبار القوم" في صراعهم على المصالح والامتيازات؟.....هل....وهل....؟

 

أكاد أجزم أنك لقيط من زمن أغبر...زمن اهترأ فيه سلم القيم...تهاوت فيه أسهم الأخلاق...وماتت فيه ملكة الروح...وقتلت فيه أنساغ الوجدان وأتلفت فيه خلجات العاطفة،

 

 

وها نحن نجني ما غرست أيدينا ، يقول عز وجل:" ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ". (سورة الروم: 41) أعاذنا الله وإياكم من بأس هذا الوباء الخطير.

مجموع المشاهدات: 429 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة