الرئيسية | أقلام حرة | "نشـرة كورونـا" و "محمد اليوبي"

"نشـرة كورونـا" و "محمد اليوبي"

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
"نشـرة كورونـا" و "محمد اليوبي"
 

منذ ما يقارب الشهرين من الزمن، وعلى امتداد حالة الطـوارئ الصحية التي لا زالت سارية المفعول على بعد مسافات قليلة من "محطة 10 يونيو"، اعتادت وزارة الصحة، على تقديـم لقاء صحفي يومي خاص بمستجدات وبـاء كورونا المستجد "كوفيـــد-19"، في نشــرة وبائيـة، ارتبطت بالدكتـور "محمد اليوبـي" مدير مديرية علم الأوبئـة ومحاربة الأمراض المتنقلة بوزارة الصحــة، الذي بات حاله كحال السيد "عزيز الفاضيلي" الــذي ارتبط اسمه لسنوات بتقديم النشــرة الجوية، قبل أن تجتاحنا الثورة الرقمية الهائلـة، التي أفقدت "النشرات الجوية" مكانتها وإشعاعها.

 

لكن الرجل (محمد اليوبي) رحل أو ابتعد، قبل أن ترحل أو تبتعـد الجائحة التي أربكت العالم، بل وحتى قبل أن ترفع "حالة الطوارئ الصحية"، تاركا مساحات مكانية وزمانية، أطلقــت العنـان لعدد من التســاؤلات المشروعة لعدد من المتتبعيـن والمهتميـن، حول ظـروف وملابسات ابتعاده أو إبعـاده عن "نشرة كورونا اليومية"، بعدمـا بات وجها مألوفـا لدى شرائـح واسعة من المغاربة ووسائل الإعــلام، وفي هذا الصــدد، قد يقــول قائل أن "محمد اليوبي" كان بصـدد أداء مهمة وظيفيـة لا أقل ولا أكثر، ومن عــوضه يقوم بـدوره، بأداء نفــس المهمة التي لا تخــرج في مجملها عن نطـاق تقديـم أرقام الإصابات المؤكدة وعدد الوفيات والحالات المستبعدة والحالات المتماثلـة للشفـاء، مع بعض التعليقات الطفيفة حول بعض الأرقام والمؤشرات عند الاقتضــاء، وقد يقــول قائل آخر، أن النشرة الإخباريـة لا زالت متواصلة وفي نفس الموعـد اليومي مع مسؤول آخر، يقـوم بـدوره بنفس الدور، ولا يمكن قطعا التقليل من شأنه أو التشكيك في قـدراته، وقد يقول ثالث، أن "النشرة الوبائية" هي أرضا مفتوحة أمام جميع موظفي وزارة الصحة بمن فيهم "الوزير الوصي على القطاع"، وليست "محفظة" باسم "اليوبي"...

 

وبدون مبالغة أو محاباة أو إثـراء، نحن نؤكـد ما تمت الإشارة إليه من رؤى ودفوعات، لاعتبارين اثنيــن، أولهما: أن مسؤوليـة التقديم لا تتطلب إلا قــراءة ما كتب على الورقة من أرقام ومعدلات ومعطيات، يمكن أن يقـــوم بها أي موظف أو مسؤول أو الوزيـر ذاتـه، ثانيهما: أن الأرقام والمعطيات التي تقـــدم بشكل يومي، ما هي إلا نتاج عمل لعدد من جنــود الخفاء عبر عدة مستويــات داخل وزارة الصحة وخارجها من المختبرات والمستشفيات على الصعيد الوطني ...

 

لكــن الأمر الذي لا يمكن تقبله أو التطبيــع معه، أن يكــون فعل ''الإبعـاد" أو "الإقصــاء" مرتبطا بمفــردات التحدي أو لي الذراع أو الانتقــام أو التهميــش الممنهـج، أو التضايق مما بات يحضى به الرجل من تعاطف وشعبية، أو التضايــق مما أضحى يصوب نحوه من

 

أضــواء إعلامية، قد تثيــر نعرة الغيرة والحسد وتحرك "كوفيد" العــداء، لأننا نعيــش زمن جائحة، تقتضي التعبئــة الجماعية ووحدة الصـف والتضامن والتلاحم والإيمــان بروح الفريق، وفتح المجال لكل الطاقات والخبرات في مهمة وطنية وحرب شرسة، تضعنا جميعا أمام اختبـار شاق وصعب، إما ننجــح فيه جماعة أو نحكـم على أنفسنا بالإخفـاق والفشل الذريـــع...

 

وعليه، فإذا كان تغييـر الرجل، لا يخـرج عن نطـاق تبـادل الأدوار والتعاون والتعاقب على المســؤوليات، في إطار "روح الفريــــق" فلا بأس في ذلك، ولا يمكن إلا أن نثمـن توجها من هذا القبيل، أما إذا كان "الإبعاد" قد تحكمت فيــه "خلفيات" أخرى خارجة عن نطـاق المهنية وحـدود المسؤوليـة، فلا يمكن قطعا القبول بذلك، لا مهنيا ولا إداريــا ولا حتى أخلاقيـا، ســـواء في ظل الجائحة أو في إطار الظروف العادية، وفي هـذا الصدد، فقد أثار غياب الرجل جدلا متعدد الزوايا في أوساط رواد العالم الافتراضي، وكان من المفــروض، أن تخرج الوزارة الوصية - من باب التواصل والإعلام - بتوضيح حقيقـة إبعاد أو ابتعاد رجل ارتبط اسـمه لأسابيع خلت بتقديم "نشــرة كورونا"، خاصة في ظل ما تم تداوله حول خبر تقديم المعني بالأمر لاستقالته، وهي مناسبـة سانحة، للإشادة بما يزخر به المغرب من طاقات وقدرات في قطاع الصحة في عدد من التخصصات، أبلت البــلاء الحسن في الحرب العالمية الشرســة ضد "كوفيــد – 19"، الذي يفرض إطلاق العنــاد لما يزخر به هذا البلد من كفاءات، ما أحوجنا إليها، في زمن " لا وجود فيه لصناع العبث والتفاهة والانحطاط ...

 

 

وبما أن موضوع المقال ارتبط بنشرة كورونا، فلن نــدع الفرصة تمر، دون الإشادة بكل من يساهم بشكـل قريب أو بعيد في إنتاج هذا الموعد الوبائي اليومي، الذي يعد ثمرة "فريــق عمل"، يستحـق أعضاؤه أن يكونوا جندا من "جنــود كورونا" شأنهم في ذلك، شأن الأطباء والممرضين والتقنيين والمسعفين المتواجدين والمرابطيــن في الجبهات الأماميـة، فألف تحية لهم، وألف تحية لكل من يرسم بصدق ومحبة وتضحية ونكران للـذات، ملامح صورة "مغرب ما بعد الجائحة"، وألف تحية لكل من كان للوطن سندا ونصيـرا في ظل جائحـة بصمت تاريخ العالم، تفرض القطع بشكل لا رجعة فيه مع كل الممارسات "غير المسؤولة" التي تحرمنا من كسب رهان "دولة المؤسسات" ...

مجموع المشاهدات: 511 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة