احتفالية رائعة بالأضواء في مباراة الجزائر وبوركينافاسو بملعب مولاي الحسن

مدرب الجزائر بيتكوفيتش: رغم الصعوبات، تمكنا من تقديم أداء قوي وتجاوز التحديات

زيدان وأسرته يحضرون مجددا لمؤازرة المنتخب الجزائري في كأس إفريقيا بالمغرب

مغاربة فرحانين بفوز المنتخب الجزائري أمام بوركينافاسو بملعب مولاي الحسن

لحظة وصول منتخب أوغندا لمدينة فاس

إبراهيم مازا سعيد باختياره أفضل لاعب في مباراة الجزائر وبوركينافاسو

دور الدولة

دور الدولة

سعيد المودني

بعيدا عن الأكاديمية، وبتأمل البسيط من الناس، الدولة بصيغتها الحالية هي نتيجة راهنة لتطور ضارب في القدم لأشكال ونظم ضبط وتنظيم وتسيير شؤون المجتمع البشري.. أي أنها حاجة وضرورة أملتها حتمية التعايش في الفضاء المشترك، وما يترتب على ذلك من تضارب في المصالح وصراع الأنانيات حول الموارد والخدمات والامتيازات...

 

فهي إذن، في جانبها المثالي، انتداب للأكفأ، من طرف الأغلبية، من أجل تأسيس المؤسسات المطلوب وجودها في كافة وجوه حياة الناس، والسهر على استمراريتها وحسن سيرها..

 

مؤسسات تعمل على حماية الناس من بعضهم ومن الأغيار، وأخرى تعمل على رعاية صحتهم، وغيرها تحرص على تربيتهم وفق القيم المشتركة لدى غالبيتهم، وغيرها تؤمّن معيشهم، وغيرها تسهل حياتهم في الحل والترحال، وغيرها تسهر على راحتهم ورفاهيتهم في حدود الممكن...

 

وطبعا أداء هذه الأدوار له تكلفته المادية والمعنوية التي قد تروق هذا ولا تروق ذاك، لكن الثابت أن المنتدب لا يحق له الاستفراد بمقدرات المجتمع الذي انتدبه..

 

في العالم المتقدم، نجد أن الجزء الأكبر من هذه الأدوار المفترضة التي هي مناط مشروعية تسليم دفة قيادة سفينة الوطن لأشخاص دون غيرهم، نجده لا زال قائما، يسهر عليه من يتولى الزمام، لكن بلداننا المتخلفة تخلت "الدولة" عن كل أدوار الدولة التقليدية المتحدث بشأنها، وأصبحت لا يكاد يتعدى دورها جمع الضرائب وإرشاء الموالين والقبض على المخالفين في الرأي..

 

وبمنظور المواطن البسيط، كما مر أعلاه، وفي ما يلامس معيش الناس المباشر، سنحاول -في مقالات تتناول ما تيسر من القطاعات- رصد أنشطة الأجهزة الرسمية، وملامستها للمأمول في المجال المعني، ونرصد بالمقابل أنشطة الناس الفردية، أو المهيكلة داخل مؤسسات مدنية معينة، والتي تحاول ملأ الفراغ وسد الخصاص الناتج عن تقاعس مؤسسات الدولة..

 

بعض القطاعات سنفصل فيها، خصوصا التعليم والإعلام، والبعض الآخر سنكتفي بذكر المؤشرات والإشارات الخفيفة التي لا تخطئها أعين العوام، في نقاط مقتضبة موجزة..

 

قطاع الصحة هو الأكثر عرضة للترهل، مع أن نتائج ذلك يتعرض لها الإنسان وهو في أضعف حالاته البيولوجية والنفسية.. فكل من أراد زيارة طبيب عمومي عليه أن يداوم في صفوف وسلاسل مواعيد تزيد من مضاعفة المرض.. وبعد طول انتظار ولقية الطبيب المنتظر يعطيه وصفة لا يستفيد من المستشفى من ذلك بقرص واحد،، مع وفرة بعض أصناف الدواء في المخزن، ووجود اعتمادات مخصصة لذلك.. والحال يكون أسوأ حينما يتعلق الأمر بالاستشفاء بالمستشفى، ذلك أن كثيرا من الممرضين لا يلقون لك بالا إلا بقدر ما ينفَق عليهم، بل ودون استحياء ولا كرامة يسرقون المأكولات والدواء المحضر للمريض من طرف ذويه..

 

مستشفيات قليلة وصغيرة ومهترئة، عدد فلكي للمواطنين لكل طبيب، عدد مهمل للأسرّة، تجهيزات منعدمة ومعطل ما وجد منها، تركيز للتخصصات في مناطق معينة...

 

العدالة هي مقياس تقدم الأمم، وبالمقابل معيار تخلف هذه الكنطونات المسماة دولا عربية. فمرورا بكل أسلاكها وأنواعها ودرجاتها لا تثق في التقدم إلى كثير منها للفصل والقضاء إلا من لديه علاقات أو رصيد يكفي القضاة.. فالبريء مدان حتى يشتري براءته، والمجرم بريء إذا دفع القدر الكافي،، ناهيك عن طول ومتاهة مسار التقاضي،، إلا ما تعلق بالنظام..

 

في المجال الأمني، وفي ما يهم العامة ولا يهم "السادة"، يتجمع المواطنون حسب الأحياء ويكوّنون وداديات تقوم أساسا بتعيين حراس للسهر على أمن الحي في الليل والوقوف في وجه اللصوصية والغصب والحرابة، إلى جانب القيام ببعض حملات التشجير والنظافة..

 

في مجال البنيات، وعلى سبيل التمثيل، في الكثير من الأحياء ذات الطرق الطينية يفرض السكان على أنفسهم مبالغ مالية لشراء الإسمنت والرمل وأداء أجور العمال الذين يعبدونها.. أما الأرصفة فالسكان يرصفونها والدولة تأخذ الضرائب عن استعمالها أو تتركها موردا لابتزاز رجال السلطة..

 

أما في القرى، فتضاف إلى ذلك عمليات حفر الآبار وصيانة العيون والمنابع وشق الطرق إلى الدواوير وإصلاحها التي يقوم بها السكان..

 

في مجال الأوقاف، لا تقوم الدولة ببناء المساجد ولا بتجهيزها، ولا تنفق على القيمين عليها إلا دريهمات لكسب الولاء والتحدث باللسان والتجسس البيني، مع أن لبعض المساجد متاجر وأراض للحبوس تغطي نفقات العشرات من أمثالها..

 

 

بعد هذه المقدمة، سنتعرض للجوانب الأكثر تأثير في بنية المجتمع الحالية والمستقبلية تحددها وسائل التربية بقطبيها التعليمي والإعلامي، وهي ما سنفصل فيها في المقالات المقبلة..


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة