الرئيسية | أقلام حرة | السفياني المحجور عليه فكريا

السفياني المحجور عليه فكريا

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
السفياني المحجور عليه فكريا
 

في مقالة لك أو لعلها رسالة موجهة إلى وزير خارجية المغرب السيد ناصر بوريطة تتشدق فيها أن الرجل غير موجود بحجة واهية على أنه غير قادر على التفكير مستئنسا في ذلك بمقولة "ديكارت" "انا أفكر إذن أنا موجود" لتفضي إلى كلام غير موزون بأن السيد بوريطة رجل لا يفكر فإذن حسب زعمك أنه غير موجود.

من خلال هذه الأحكام الرخيصة يتبين كم أن تفكيرك منحط وإلى أي درجة أصبحت أسيرا لأيديولوجيات دخيلة من بقايا القرن الماضي التي لم يكتب لها أن تقف على رجلها في زمانها وفي بداية عهدها ، ولم يكتب لها ولو نزرا قليلا من النجاح. لا أقول عنها قد عفا عنها الزمان ولكن تم وأدها في مهدها ومعاقلها. وأنت أيها المدعو السفياني غرقت في وحلها، والمصيبة أنك لا تدري أنك قد غرقت. فالأمر بالنسبة لك لست فقط قادرا على التفكير وإنما أنت جاهل لذاتك. ومن يجهل ذاته فهو غير موجود لا لنفسه ولا لغيره. ولأنك على هذا الحال فقد يكون وضعك مدعاة للرأفة والشفقة.

أما الحديث عن التفكير فهو مرتبط أساسا بالوعي. وليس كل من يفكر فهو حتما سيكون واع ومدرك لما حوله. فالتفكير ليس مرتبطا بالوجود فهذه نظرية تم تجاوزها. قد تكون موجودا ولكنك لا تفكر. فمثلا أنت أيها السفياني موجود ولكن وجودك فيه نوع من العبث وفيه نوع من التفكير المشتت الذي لا صلة له بالواقع الذي تعيش فيه. والواقع الذي تنعم فيه هو المغرب الذي تتفيأ تحت ظلاله لكنك تتنكر له بسبب أيديولوجية حاصروك فيها ووضعوك في قنينة لا تتنفس فيها إلا بأنفاس الناصرية والقومجيات البائدة.

فالوطن بالنسبة لك لا يعنيك وقضاياه ليست في دائرة اهتماماتك. ما يؤرقك سوى تلك القضايا التي لها أهلها والتي تريد أن تشوش بها على المغرب والمغاربة. وهنا لا يهمني ما قاله "ديكارت" فهو ابن بيئته وله أن يقول ما يشاء طبقا لما أملته عليه قراءته لواقعه وهو محق في ذلك، لكن ما يهمني أنا بالذات كمغربي وهي المقولة الشهيرة "حب الأوطان من الإيمان" وهذا هو التفكير السليم وهذا هذا التفكير الذي يجب أن يتحلى به جميع المغاربة وأكاد أجزم أنهم بالفعل يجسدون هذه المقولة. وأنت أيها المدعو السفياني أين هو حبك لوطنك وأين هو إيمانك بوطنك.

هل تعلم أن المغرب يتعرض في هذه الأيام لمساومات ولابتزازات من طرف بعض القوى ودول الجوار، ولكنك لا تعلم لأنه ليس لك القدرة على التفكير. ولو كانت لديك لما خرجت اليوم لتتظاهر من أجل

قضية لها أهلها. وكان حريا بك أن تثبت وطنيتك بدلا من أن تثبت قومجيتك أنت وأتباعك بتواجدكم الباهت في بعض أزقة الرباط. ومواقف من هذا القبيل بقدر ما هي مثيرة للغثيان بقدر ما هي تطرح علامات استفهام كبرى في باب الوطنية استئناسا بما سبق وأن شدد عليه جلالة الملك إما أن تكون وطنيا أو أن تكون على غير ذلك، فلا وجود لمنطقة رمادية.

أيها المدسوس فينا إنك تغالط نفسك ولن تغالط المغاربة، بل أنك تغالط الفلسطينيين أنفسهم. فهل تعتقد أن خرجاتك في شوارع الرباط سيفيد القضية الفلسطينية في شيء، وهل سيغيث، كما جاء في مقالك، أطفال فلسطين وأمهاتهم وآبائهم. فهل هذا الذي ينتظرونه منك لكي تحل قضاياهم. فما عساك أن تقدم لهم وأنت تجوب شوارع الرباط. فهم ليسوا بحاجة إلى خرجاتك.

ومرة أخرى أقول أن التفكير مقرون بالوعي والوعي يجب أن يترجم إلى فعل. والفعل المطلوب منك في هذه الحالة إن كنت قادرا عليه هو أن تلف الكوفية على رأسك وتحمل البندقية الفلسطينية على كتفك. ولأنني أعلم أنك مخادع في تفكيرك وفي أقوالك أجد نفسي ملزما لكي أقسم لك بأعظم الأيمان أنك لن تقوى على فعل ذلك لا لشيء سوى أنك فاقد للإرادة وما تمتهنه من نضال يدخل في باب المزايدات لكي لا أقول في باب السمسرة. وإن كانت لديك ذاكرة، وأنا أعلم أنها غير موجودة، فمثل هذا النضال خاضه العرب منذ ما يزيد عن نصف قرن والنتيجة التي حصدناها من شعارات القومجيين ومن لآت الخرطوم هو ضياع الأرض واحدة تلو الأخرى، وبالرغم من ذلك فنضالكم المغشوش ما زال مستمرا وما زال يعبر عن جهلكم المطبق.

 

أما السيد ناصر بوريطة فهو رجل وطني ويقوم بما يمليه عليه ضميره وما يمليه عليه واجبه الوطني. وبكل تأكيد فهو موجود ويملئ الدنيا بخرجاته القوية، أما أنت أيها المدعو السفياني فتشت عنك في الوطنية وفي الوعي المسؤول وفي التفكير السليم فلم أجد لك أثرا.

مجموع المشاهدات: 7476 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة