احتفالية رائعة بالأضواء في مباراة الجزائر وبوركينافاسو بملعب مولاي الحسن

مدرب الجزائر بيتكوفيتش: رغم الصعوبات، تمكنا من تقديم أداء قوي وتجاوز التحديات

زيدان وأسرته يحضرون مجددا لمؤازرة المنتخب الجزائري في كأس إفريقيا بالمغرب

مغاربة فرحانين بفوز المنتخب الجزائري أمام بوركينافاسو بملعب مولاي الحسن

لحظة وصول منتخب أوغندا لمدينة فاس

إبراهيم مازا سعيد باختياره أفضل لاعب في مباراة الجزائر وبوركينافاسو

العدو منا وفينا

العدو منا وفينا

لحسن الجيت

أثبتت الأحداث على مدى عقود من الزمن أن منطقة الشرق الأوسط تبقى دائما أسيرة وتحت رحمة تيارات غالبا ما تكون متضاربة في التوجهات والخيارات مما يرشحها على الدوام أن تبقى معرضة لهزات وتوترات إقليمية بشكل دوري. جشع رجال السياسة والعسكر والميليشيات التي تتجاوز أحيانا قدراتهم قدرات القوات النظامية هو السبب في إطالة أمد هذا الصراع.

ما نعاينه اليوم من مشهد درامي على مستوى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو نتاج لتلك التجاذبات التي تقف من ورائها تنظيمات متطرفة تعارض كل الجهود التي تسعى إلى إقامة السلام المبني على العدل والإنصاف وتحقيق أرضية مشتركة من التعايش بين أبناء الديانات السماوية في تلك الرقعة من العالم. كان ذلك وما يزال هو حال حزب الله الذي يشتغل على أجندة لا تعني شعوب المنطقة وهو الذي يعتبر لبنان أرضا تابعة لولاية الفقيه. وكذلك اليوم هو حال حركة حماس التي لها مشروعها المتعارض مع مشروع السلطة الوطنية الفلسطينية. كلا التنظيمين لهما ولاءات خارجية ويتحركان في الوقت المناسب للتشويش وخلط الأوراق حينما تلوح في الأفق بوادر الانفراج وحلحلة الوضع في المنطقة.

وبلا شك فإن التطورات التي حدثت على مستوى العلاقات العربية الإسرائيلية قد أخذت منحى لن ترضى عنه التنظيمات المتطرفة لأنه لا يخدم مشروعها السياسي ولا مشاريع وخطط تلك الدول المارقة التي يدينون لها بالولاء. هذه التنظيمات كما هي تلك الدول تريد الإبقاء على المنطقة في حالة جمود حيث لا حرب ولا سلم. ولذلك ما أقدمت عليه حركة حماس من استفزاز لا يرقى إلى مستوى الإعلان عن حرب، هو فقط بنية استدراج إسرائيل إلى ردة فعل عنيفة يتأذى منها المدنيون الفلسطينيون الأبرياء وهو ما حصل بالفعل ولكي يحقق قادتها ثروات من وراء ذلك.

فبكل تأكيد أن الصواريخ التي تطلقها حماس تقيم عليها إسرائيل الدليل لتبرهن للعالم أن وجودها بات مستهدفا، كما تروج إعلاميا أن ردة فعلها تندرج في سياق ما يعرف بسياسة الدفاع عن النفس. هذا السيناريو ليس الأول من نوعه بل دأبت عليه حماس عدة مرات لتلحق بالشعب الفلسطيني دمارا وتخريبا. وفي كل مرة تزهو حماس بتحقيق انتصارات على إسرائيل وتدعي أن ساعة الحسم والنصر

المبين قد اقتربت. لكن سرعان ما يتراجع ذلك الاندفاع وتنهار العواطف الجياشة بعد أن يصحو الفلسطينيون على واقع أليم.

ألم يدعي حزب الله قبل ذلك أنه حقق نصرا إلهيا في حربه مع إسرائيل عام 2006 ، واهتزت الشعوب العربية مهلهلة بينما تكبد لبنان خسائر تقدر 15 مليار دولار وتهجير ما يقارب 2 مليون لبناني وتدمير البنى التحتية واستوت الضاحية الجنوبية، معقل حزب الله، مع مستوى الأرض، وأصدر مجلس الأمن قراره 701 الذي أبعد ميليشيا حزب الله عن الحدود مع إسرائيل وبالضبط إلى ما وراء نهر الليطاني. هذه هي النتائج الحقيقية التي حصدها حزب الله وجعل منها نصرا إلهيا ضغضغ مشاعر الناس في العالم العربي. وكذلك ستدعي حماس هي الأخرى أنها قد انتصرت على إسرائيل بينما الواقع يقول أن حماس انتصرت على الشعب الفلسطيني بتدميره وتخريبه بينما قادتها وأبناؤهم يضربون موعدا كل أربع سنوات مع الخراب لتنهال عليهم العروض والثروات كي يدخلوا في هدنة مع إسرائيل. أما الشعب الفلسطيني لن يحصد من ذلك سوى مزيدا من المعاناة، بينما هنية ومشعل والمرزوقي فهم في جنات ينعمون يطوف عليهم ولدان مخلدون من الأوكرانيات بأناملهن الناعمة في الصاونة والجاكوزي و "الستيم" أي غرف البخار المعطرة بالرياحين والقرنفل لتيسير عملية التنفس وليتنفس الغزاويون غبار بيوتهم المدمرة.

إذن تاريخ هذه المنطقة هو عبارة عن حلقات من مسلسل دموي يؤدي ثمنه دائما الطرف العربي. فإلى متى سيبقى هذا المسلسل مستمرا سيما وأن العرب لا يملكون خيارا عسكريا حاسما سوى تلك التمنيات الواهية والكاذبة ومخادعة النفس بنصر لن يتحقق، ورفع أكف الضراعة إلى الله لكي ينصر ما يسمى بالمسلمين في حين أنهم المنافقون المخادعون الدجالون. والله لن ينصر قوما قل إيمانهم. فمادام الخيار العسكري أمرا مستبعدا ومستعصيا، تبقى استراتيجية السلام في ظل التوازنات المختلة هي الخيار الأمثل الذي يجب التمسك به في مواجهة إسرائيل.

ولعل إقامة بعض الدول العربية علاقات رسمية مع إسرائيل هو مدخل سليم لاستراتيجية السلام. ولا ينبغي لمثل هذه التطورات الدرامية المحدودة في المكان والزمان أن تحول دون مواصلة هذا الزحف الذي هو زحف السلام، ولا ينبغي للتنظيمات المتطرفة إعطائها فرصة للوصول إلى مآربها على حساب تطلعات تلك الدول الرامية إلى إخراج الشعب الفلسطيني من دوامة العنف وتمكينه من حقوقه المشروعة وعلى رأسها إقامة دولته إلى جانب دولة إسرائيل.

فالمغرب الذي استأنف علاقاته الرسمية مع الدولة العبرية كان همه الأساسي خدمة قضية السلام . ولكي يكون كذلك ترسخت لديه قناعة أن يكون على مسافة واحدة من طرفي النزاع الإسرائيليين والفلسطينيين. وبقدر ما كان جلالة الملك يخطو أية خطوة مع الجانب الإسرائيلي كان في نفس الوقت أشد حرصا على أن يضع القيادة الفلسطينية المتمثلة في الرئيس محمود عباس في الصورة عن كل صغيرة وكبيرة. ولأن انشغالات جلالته هي خدمة السلام وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني، فإن المغرب مدعو إلى التحرك الفوري لإقناع الطرفين بالعودة إلى طاولة المفاوضات وأن يحتضن المغرب تلك المفاوضات لإحداث انطلاقة على أسس سليمة في أفق إيجاد حل عادل ونهائي ودائم.

أما من يدعو اليوم إلى إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط بحجة أن الكيان الإسرائيلي عدو يجب إيقاف كل الاتصالات معه سرية كانت أم رسمية، فهو لا يقدم ولا دليلا واحدة أو سببا من الأسباب يثبت عداوة إسرائيل للمغرب. أتحدى أولئك الإسلامويين والقومجيين أن يعللوا ادعاءاتهم. وأؤكد لهم أن دولة إسرائيل قد برهنت منذ عقود أنها دولة صديقة للمغرب وأن الإسرائيليين من أكبر المناصرين لقضايا وطننا ولوحدتنا الترابية. ولمن يصيبه العمى الإيديولوجي أو العقائدي عليه أن يزيل تلك الغشاوة عن عينيه ليتأكد له خروج الإسرائيليين إلى الشوارع لنصرة المغرب. ومن يوغل في تلك الدعوة المريبة ويضغضغ مشاعر الناس البسطاء إنما لا يريد بهذا البلد خيرا. وهؤلاء هم أعداء

الوطن وليست إسرائيل. ويريدون أن يجروا البلد إلى مربعات ساخنة ومواجهات تورط المغرب في صراعات نحن في غنى عنها. العدو منا وفينا.

 

شخصيا لا أفهم تلك الدعوات التي هي بلا شك غير وطنية. بل ما يهم هؤلاء البشر هو الاصطفاف إلى جانب المنظمات الإرهابية مثل حماس وحزب الله ومن ورائهم إيران. يهرولون من أجل ذلك ويصابون بإسهال في المواقف الرخيصة، بينما لا تتحرك فيهم ذرة واحدة من المشاعر الوطنية حينما يعيش المغرب أزمات مع محيطه الإقليمي. وعليهم أن يقولوا لنا لماذا لا يخرجون للتظاهر ضد مخططات إسبانيا المناوئة للمغرب في وحدته الترابية في الوقت الذي يحاولون فيه أن يحتلوا شوارع الرباط من أجل قضايا لها أهلها. بكل بساطة أقول لهم من جهتي إنكم تشمتون في هذا البلد، ولن يرتاح لكم بال يا أعداء الوطن إلا بعد أن تروه في محن، لكن لن يتحقق لكم هذا الحلم. والمغرب لن يدار بحسب أهوائكم مادام هناك ملك حكيم ورث الحكمة عن أجداده وآل إليه المغرب كأمانة في عنقه. أما أنتم فإلى مزبلة التاريخ أيها الدجالون.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة