الرئيسية | أقلام حرة | من كان بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة

من كان بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
من كان بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة
 

ما يقارب نصف قرن من الزمان الضائع والنظام الجزائري ملأ الدنيا عويلا، ولم يترك لا محفلا إقليميا ولا محفلا دوليا ولا مؤتمرا كبيرا أو صغيرا بمناسبة أو بدون مناسبة إلا وأبان عن عدوانية لا حدود لها ضد المغرب الذي طالما أرق بتاريخه وحاضره ومستقبله ذلك النظام العسكري، نظام بعد أن سكنته عقدة المغرب بات مهووسا بريادة يخشى أن تؤول إلى مغرب مؤهل لها. ومادامت قواعد اللعبة لا تطاوعه ولا هي متيسرة له لم يبق أمامه سوى أن يناور وأن يساوم وأن يشوش وأن يشاغب لعله قد يجد في ذلك ضالته لكنه ضل السبيل بسياسة الحقد والكراهية وتدبير المكائد.

قبل خمسين عام سارع النظام الجزائري إلى استقطاب شباب مغاربة يتقاسمون عقيدة ذلك النظام، وقام بتمويلهم وتسليحهم بعتاد عسكري اشترته الجزائر خصيصا لإطلاق عمليات عسكرية انطلاقا من أراضي اقتطعها الاستعمار من التراب المغربي ليضمها إلى ما يسمى بالجزائر. وكانت تلك العمليات تتم تحت قيادة الجيش الجزائري وبمشاركة ضباط من وحداته اعتقلتهم القوات المسلحة الملكية في معركة أمغالا.

طوال خمسين عاما والنظام الجزائري قد وجد نفسه يرصد أموالا طائلة اقتطعت من القوت اليومي للمواطن الجزائري البسيط لا لشيء سوى محاصرة المغرب. فلم يحاصره بقدر ما حاصر نفسه وانقلب السحر على الساحر. لقد استخدم ذلك النظام مبكرا دبلوماسية الحقائب لشراء الذمم بنية إدخال كيان وهمي في منظمة الوحدة الإفريقية وللحيلولة دون استكمال المغرب لوحدته الترابية، وقد فشل في ذلك ولم يتيسر له ما كان يخطط له. لقد أصرف أموالا طائلة لتجنيد اللوبيات في كل بقعة وفي كل مكان ولو في جزيرة الوقواق من أجل تضييق الخناق على المغرب فما كان من كل ذلك إلا أن ضيق الخناق على نفسه.

خمسون عاما من التحرشات والاستفزازات العسكرية على الحدود من أجل استدراج المغرب إلى حرب بما في ذلك الاعتداء على مزارعين مغاربة وسلب ممتلكاتهم. وقبل نصف قرن ونكاية في المسيرة الخضراء وما خلفته لدى العدو من امتعاض ومشاعر من الحقد والكراهية، قامت السلطات الجزائرية بمداهمة بيوت مغاربة في مختلف المدن الجزائرية وطرد 350 ألف مغربي ومغربية تاركين من ورائهم أطفالا ونساء من جزائريين أو جزائريات تربطهم بالمطرودين علاقات زوجية.

خمسون عاما والدبلوماسية الجزائرية لا تشتغل إلا على إيقاع هذا الملف. الشغل الشاغل لهذه الدبلوماسية هو توظيف وتسخير كل ما يحدث في العالم من تطورات لخدمة أجندتها التي لا تستقيم إلا

على معاداة المغرب في كل المؤتمرات بطرح قضية الانفصاليين حتى في مؤتمرات تتعلق بالبيئة وبالأوبئة والأمراض المعدية وغيرها من المواضيع التي لا علاقة لها أصلا لا بالسياسة ولا بالقضية التي يعيش بها ومن أجلها النظام الجزائري .

خمسون عاما من الإعلام الجزائري الرسمي لم يتوقف يوما ما عن توجيه سهامه إلى المغرب والكيل بما أوتي من جهد كل الاتهامات التي "يحطبها" من على يمينه وعلى يساره ظلما وبهتانا . تنوعت الاتهامات وتعددت على لسان مسؤولين جزائريين ويبني عليها الاعلام الجزائري ليؤثث حلقات وبرامج من دون التزام حدود ضوابط المهنة بعد أن وصل بهم الأمر إلى المس بالمقدسات المغربية وكأنهم منزهون في ذلك عن المسائلة وأنه من حقهم أن يتطاولوا على المغرب متى شاؤوا وكيف ما شاؤوا.

كل ذلك يحدث طوال هذه العقود والأطروحة الرسمية للنظام الجزائري ما زالت تدعي أن الجزائر ليست طرفا في هذا النزاع ، بل أنها الطرف الوحيد الأوحد وإلا من أين هذه الأموال التي تتدفق على الانفصاليين ومن يدججهم بالسلاج والعتاد العسكري أليست الجزائر هي المسؤولة عن كل ذلك. عائدات النفط والبترول كلها صرفت من أجل قضية وهمية بدأ يشعر النظام الجزائري أنه قد خسرها وفقد السيطرة عليها. لقد حدث لك وما زال لا لشيء سوى من أجل إنهاك المغرب فإذا الإنهاك قد أصاب الجزائر، وخرج المغرب قويا مرصوص البنيان.

طوال خمسين عاما التزم المغرب سياسة التروي وضبط النفس وذهب إلى أبعد الحدود في المهادنة أملا في أن يستعيد الجيران رشدهم وأن يعودوا إلى جادة الصواب وأن يستجيبوا للدعوات التي كان يطلقها المغرب للعيش في كنف الأخوة والسلام وحسن الجوار. كانت السياسة التي انتهجها المغرب طوال هذه المدة تتم قراءتها في المختبر العسكري الجزائري على أنها تعبر عن حالة ضعف ووهن في الموقف المغربي. وقد جرب المغرب كل المحاولات من سياسة مد اليد إلى الجيران لكن عيل صبره. فإلى متى سنبقى غارقين في هذا الزمن المهدور ونبقى نساير حماقات هذا النظام؟ لعلها أسئلة يريد أن يطرحها المغرب على نفسه ليشهد العالم على هذا النظام.

ما قام به المندوب الدائم للمملكة المغربية السيد عمر هلال في المناقشة الوزارية العامة خلال اجتماع حركة عدم الانحياز لم يكن سوى ردة فعل على محاولة الجزائر طرح قضية لا علاقة لها بجدول الاجتماع ولا علاقة لها بالموضوع الأصلي الذي أراد مندوبو الدول تدارسه وهو موضوع الجائحة التي هزت ونهز أركان العالم وبالخصوص دول عدم الانحياز. النظام الجزائري كعادته في المحافل الدولية أراد هذه المرة أن يرهن الاجتماع بأجندته الخاصة ويحتجز المندوبين ليفرض عليهم نقاشا وهميا في قضية لا توجد إلا في قاموس العنقاء.

ولذلك ما قام به السيد عمر هلال كان أمرا طبيعيا بل كان عليه لزاما أن يقوم به كي يتصدى للتشويش الذي تعمده مندوب الجزائر وليوقف رمطان لعمامرة عند حده وهو العائد الذي يزهو بعودته. وكان لابد لجرافة جزائرية أن تقابلها جرافة مغربية في الوقت المناسب وفي المكان المناسب.

السيد عمر هلال، كما نعرفه، ليس من دعاة الانفصال ولن يكون. فحينما تطرق إلى قضية القبايل تطرقها إليها بنية أن يضع النظام الجزائري في تناقضاته وليفضح هذا النظام بأنه يتعامل مع مبدأ تقرير المصير كمبدأ تحت الطلب يستعمله بحسب المزاج. ففي هذه الحالة أراد المندوب الدائم للملكة المغربية أن يقول للعالم من خلال المؤتمرين أن النظام الجزائري يتنكر لهذا المبدإ في الحالات المطروحة داخل التراب الجزائري وعلى النقيض من ذلك يتمسك بهذا المبدأ لضرب الوحدة الترابية للمملكة. بكل بساطة وبحسب اللغة المتعارف عليها دوليا أن النظام الجزائري له مكيالان في التعامل مع هذا المبدإ. وهذا هو التفسير الذي يطالب به النظام الجزائري الجانب المغربي ويريد أن يلزم به

بلادنا في الوقت الذي يتحرر فيه من أي التزام ومن أي تفسير لمواقفه المعادية التي هي كثيرة ومتعددة آخرها موقفه المساند لإسبانيا في أزمتها مع المغرب. لماذا لم يقل لنا النظام الجزائري ما هذا الذي جعله يتخذ موقفا شادا عزله تماما عن الصف الموحد الذي تبلور في البرلمان العربي المساند للمغرب في استعادة مدينتي سبتة ومليلية. فهل النظام لا يعتبر المدينتين المحتلتين مدنا مغربية عربية. فكم هو عدد الاستفسارات التي يجب مطالبة النظام الجزائري بها لتوضيح مواقفه المعادية للمغرب. فهي كثيرة منها التجني على الخطوط الملكية المغربية بنقل الحشيش إلى إفريقيا. وقد جاء ذلك على لسان وزير خارجيتها الأسبق. بل أكثر من ذلك هل يوسع النظام الجزائري أن يقول لنا ما هذا الذي جعله يصطف إلى جانب إسبانيا في أزمة جزيرة ليلى عام 2002. نريد تفسيرا عن هذا وذاك من الجانب الجزائري. فالشعب المغربي قاطبة في انتظار تفسيرات من الجزائر عن كل المواقف التي اتخذت ضد المغرب وضد المغاربة، أم أن القلم مرفوع عنكم يا دولة الثكنات. فحينما تزودوننا بتوضيحات وتفسيرات ستجدون في المغرب خير من يرشدكم ويدلكم على الطريق السوي.

 

وبالعودة إلى مبدإ تقرير المصير وتمكين ما تسمونه بالشعب الصحراوي بالتمتع بهذا الحق، نؤكد لكم أنه حتى بالنسبة لهذه القضية تستخدمون هذا المبدأ لتغالطوا به الجميع. فأنتم في الأصل لا تومنون بهذا المبدأ ولا بقضية تتظاهرون بالدفاع عنها إنما تتخذونها مطية لتحقيق مآربكم عبر خلق كيان وهمي لمرحلة انتقالية من أجل احتوائه والسيطرة عليه لضمه إليكم أولا كي يكون لكم منفذ على المحيط الأطلسي لأغراض جيواستراتيجية، وثانيا لخنق المغرب من الجنوب وقطع أوصاله وجذوره الروحية والثقافية والاقتصادية الممتدة في إفريقيا الغربية. وفي كلتا الحالتين نؤكد لكم أن كل رهاناتكم هي رهانات خاسرة. فالمغرب أقوى وأكبر من المكائد التي تدبرونها ضده. ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله.

مجموع المشاهدات: 5288 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة