الرئيسية | أقلام حرة | معادلة للحل حول الصلاة1

معادلة للحل حول الصلاة1

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
معادلة للحل حول الصلاة1
 

نصل إلى المقال الثاني في هذا "المليْف" الفرعي. وهو يتعلق بممارسات تشوب الركن الثاني من أركان الإسلام.. وهي وإن كانت في ظاهرها ممارسات فردية، إلا أنها في حقيقة الأمر نتيجة حتمية لتربية وتوجيه المؤسسات التربوية والإعلامية، الموجَّهة بدورها من طرف السلطة السياسية، أي أنها لا تعدو أن تكون مظهرا فرديا لفعل مؤسساتي متراكم، ولو بشكل مستتر..

إنها معادلة ليس من السهل حلها حول الصلاة، ذلك أن الله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ}(سورة العنكبوت، الآية 45). كما ورد في الأثر موقوفا على ابن مسعود رضي الله عنه أن: "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له".. وقول الله حق، وكل حق صدق لا مرية فيه ولا شك.

من جهة ثانية، المسلمون هم أكثر الأمم المتدينة حفاظا على عباداتهم وشعائرهم(وآكدها الصلاة) على الإطلاق. بل إن كثيرا من الديانات الأخرى لا يرتبط بها أتباعها إلا بحكم الاعتراف والانتماء،، ولا يكاد يلتزم بالشعائر منهم إلا "رجال الدين"،،، المتفرغون!!!..

من جهة ثالثة، يعتبر المسلمون من أكثر شعوب الدنيا تخلفا وانحطاطا، سواء من الناحية الحضارية، أو من جهة الرقي الاجتماعي والسمو الأخلاقي.. فجميع الأمراض المرتبطة بالنفاق والرياء والغش والتدليس والسرقة والخداع والانتهازية والاستغلال والتملق والوصولية... متوفرة بفائض عن الحاجة، يوفر اكتفاء ذاتيا لأمثال أمثالهم من أنام الأرض،، وإن تعددوا!!!..

والحق أن الحديث حول فضائل الصلاة هو من طينة حلو الكلام.. هذا لا شك فيه، بل كل ما قيل في هذه الشعيرة التي هي أساس العبادة، والتي هي بدورها(العبادة) سر الخلق وغايته، وهي أيضا(الصلاة) سنام الذكر الذي تطمئن به القلوب وتسكن به النفوس.. كل هذا حق لا جدال فيه ولا مراء.. غير أن التوفيق والتوافق بين هذه الحدود أو الرؤوس الثلاثة يأبى الفهم ويستعصي على التجاوز أو التجاهل، أي أن المعادلة عصية على الحل..

ذلك أنه على المستوى الفردي، لا أظن أحدا لا يشْده أمام مصلّ مواظب على الصف الأول في مسجد الحي في كل الصلوات الخمس، وهذا لسنوات عديدة، غير أن ممارساته المهنية، أو علاقته بالجيرة، أو معاملاته اليومية، أو سلوكه الشخصي... يمثل عين المنكر الذي تنهى عنه إقامة الصلاة بنص القرآن الكريم القطعي الثبوت والدلالة!!!..

فكيف تُحل المعادلة إذن؟ هل نلجأ إلى التشكيك في رصد ممارسات "المصلي" المشينة، وهي الثابتة بالصوت والصورة؟؟!!!.. فهذا محال واقعا، ما دام الحال يغني عن المقال.. أم نتجه إلى التشكيك في ثبوت أو معنى النص والعياذ بالله؟؟!!!.. وهذا محال لا يجوز عقلا ولا نقلا على السواء.. أم نتوجه إلى التشكيك في ماهية الفعل الممارس(الأداء ذاته) الذي يمكن أن يكون أي شيء آخر غير أن يكون إقامة صلاة؟؟!!!..

أما على المستوى الجماعي، وكما سبق، يعتبر المسلمون أكثر المتدينين أداء للشعائر التعبدية -وأساسها الصلاة- على الإطلاق، ويعتبرون في نفس الوقت أكبر مرتكبي المناكر على الإطلاق، بدليل تذييلهم لسلم ترتيب كل "المؤشرات الخيّرة".. ومع استحضار أحكام ومقتضيات النصوص السالفة الذكر، فإن الحل لا يمكن أن يختلف عن الحالة(الفردية) السابقة!!!..

وكخلاصة، إذا كان "الإمام/الخطيب" يمكن أن يعتبر أدق مؤشر، وإذا كانت شهادة الزور والكذب والنفاق من أوبق المنكرات وأشنعها وأفظعها، وإذا كان الأئمة والخطباء لا يتورعون عن اقتراف كل ذلك كعادة مستديمة راسخة مرسمة في المحارب وفوق المنابر، لقاء دريهمات معدودة،، فإن الدلالة والمقصود يكون أوضح في "صلاة العوام".. لذا وجب التمييز بين الصلاة و"صلاتنا"!!!..

حقيقة لا أجد أبلغ في التعبير عن الموقف من قول "ناس الغيوان" في أحد أغانيهم: "منْ زْمانْ بْعيدْ وْراسْنا عَلْ القبْلَة، ولا حدْ منّا فْ يُومْ نْسى شيطانو"!!!..

إنها حيرة جديرة بالبحث عن موطن الخلل في أداء هذه "الصلاة"..

شخصيا، تفسيري هو أننا لا نصلي شكلا ولا مضمونا، وإنما أقصى ما يمكن أنّا نقوم به هو توقيع محضر، أو إثبات حضور، أو "Cocher la case"... أي أن "الصلاة" التي نؤديها يقينا يعتريها خلل في الشكل(متعلقات وضوابط الصلاة من شروط وأركان وفرائض...)، أو في المضمون(الاستحضار والخشوع والنية...)، أو فيهما معا.. فيكون الحل إذن في إعادة تقييمنا لصلواتنا شكلا ومضمونا..

يتبع..

 

مجموع المشاهدات: 9470 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة