الرئيسية | أقلام حرة | جنوح "فقيه" بين "الدين والسياسة"1

جنوح "فقيه" بين "الدين والسياسة"1

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
جنوح "فقيه" بين "الدين والسياسة"1
 

هذا المقال يمكن أن يصنَّف أنه ورد بشكل عرضي-ارتجالي.. فهو لا يدخل إذن ضمن "السلاسل" المعدة سلفا، والجاهزة في مجملها، التي نحن بصدد نشرها، والتي حددنا معالمها وحدودها الكبرى في بداية النشر قبل زهاء سنتين ونصف..

فالمقال إذن جاء كرد فعل "مستفَز" جراء نقاش عرضي..

أصل المسألة كان سؤالا فقهيا محضا، وجهتُه إلى شخص "انتقيته" بحرص شديد وعناية فائقة.. سؤال، رغم بساطته في ذاته، إلا أنه لا يفتأ يراودني(بشكل منغص) تقريبا كلما أديت صلاة في مسجد..

ورغم أني أمتلك جوابا(وقد ذكرتُ المسألة في مقالات سبق نشرها)، إلا أني آثرت التشكيك، ووددت جزم الأمر ممن يمكن أن يُعتد بقوله.. ولذلك كان الحرص والعناية المذكوران في اختيار "المسؤول"..

قصدته لاتهامي نفسي بتأثير الفكر والموقف على الفقه،، و"زكيته" لأنه، فوق مميزات أخرى قد ترد في درج الكلام، لأنه "فقيه رسمي"..

هو رجل وقور، أظنه ستيني السن، خطيب مفوه في مسجد معتبر، يلقي خطبة الجمعة من ذاكرته دون النقل من مكتوب، وإمام صلاة في مسجد أصله "قاعة صلاة مهنية"، ومع هذين هو يسترزق الله -بين الصلوات- من عمل حر، يوفر له دخلا،، ويُفترض استقلالا..

سألته: "ما حكم التسميع في محل لا يتطلب ذلك"؟

لا أذكر ما كانت بداية كلامه، إلا أني زدت: "لأني أظن أن الجهر بثلاث تكبيرات في صلاة سرية(مثلا) يترتب عليه سجود السهو"(طبعا سجود السهو، وكما يدل عليه اسمه، يترتب على السهو، أما العمد مع سبق الإصرار، فلا أعلم ما حكم زيادة أو نقص في شعيرة قصدا، لكني لا أتوقع أن يكون لطيفا، ولا هينا إطلاقا..)..

صححَ: "بل الجهر في تكبيرتين فقط يترتب عليه ذلك"..

لكنه، ولسبب لا أتفهمه لحد الآن، لا أدري لمَ أقحم نفسه في ورطة لم يدع لها أدنى داع، أردف: "ولكن هذه أمور ثانوية، لا تستحق ذاك القدر من الوقوف والتدقيق، لأن الدخول في متاهاتها لا يأتي بخير".. وليته اكتفى،، وسكت.. بل استمر صديقنا في التوسع في الدفاع وتبرير "الاختيارات العرفية" للوزارة الوصية، انتصارا للقطرية و"المذهب"، وتدثرا بذريعة بتمادي "تطاول الغرباء" على شؤون المساجد، "بما كاد يؤدي للفوضى داخلها"!!!..

لم تكن الظروف تسمح باستطراد النقاش، لا من حيث المكان ولا من حيث الزمان.. فانسحبت بعدما أخبرته أني أنشر في مجالات منها "الإسلاميات"، فطلب مني أن أوافيه بالمقالات ذات الصلة في نسخة ورقية، بما أنه لا علاقة له بالمنتج الرقمي.. وعدته بذلك وأكملت طريقي..

وفي الطريق اجتررت السجال، فقدّرت أن شيخنا كان بعيدا جدا عن حسن تقدير وتدبير الموقف..

لن أقف طويلا على الإيمان المفرط، المطلق و"الحصري" بهذه القطرية المقيتة المفروضة من طرف عصابة سايكس-بيكو، من لدن شخص يفترض فيه -على النقيض- الإيمان المطلق والحصري بـ"إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ"، والتعامل مع الواقع بحكم أنه واقع مفروض، فقط لا غير..

ولن أسترسل كثيرا في سلاسة انزلاقه من الفقهي المحض إلى "السياسي" المشبوه..

لكني أتعجب من اندفاع صاحبنا للدفاع عن مواقف كان في غنى عن وقوفها أصلا.. ذلك أنّا -كلنا- نُضطر لتطبيق قانون لا نؤمن بعدالته ولا بإنصافه.. بل لعلنا نؤمن بمعاكسته لروح القانون نفسه.. لكن، ومع اضطرارنا لتطبيقه، لا ننزهه ولا نتبناه ولا ندافع عنه.. بل ننتقده ونقول للمعترض أنّا أيضا نرى مثلما يرى، لكنا مضطرون للتنفيذ، والعتب على المشرع.. فنمني النفس أنا على الأقل بقينا في زمرة "المغيّرين بالقلب"، وراعينا، على الأقل أيضا، الفؤاد في "إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا".. وما لم نستطع قول حق، لم نصفق لباطل،، خصوصا إذا كان التصفيق إرادي،،، وبالمجان..

لو كنت مكانه، وفي أدنى الأحوال، لاكتفيت بالجواب عن السؤال في شقه الفقهي. ولو جرني المحاور جرا إلى غير ذلك، لقلت هذا مجالي، وغيره لا دخل لي فيه، فكيف أكون أنا المبادر إلى إقحام نفسي في ما لا مصلحة دنيوية ولا دينية لي فيه؟؟!!!..

يتبع..

 

مجموع المشاهدات: 5695 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة