الرئيسية | أقلام حرة | تناسق وانسجام التشريع و"القيم" بين الغرب والإسلام3

تناسق وانسجام التشريع و"القيم" بين الغرب والإسلام3

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
تناسق وانسجام التشريع و"القيم" بين الغرب والإسلام3
 

تابع..

والحق أنه لا غرو من وجود مثل هذا الكم من التناقض والتخبط، خصوصا فيما تعلق بالجانب الديني، ما دام "إطارهم النظري" في هذا المجال لا يستقيم أصلا من الناحية العقلانية، إذ تشكل علاقة أهل الكتاب(من العهدين) بالمسلمين نموذجا مثاليا للتناقض في الهيمنة النظرية المفترضة وعكسها الواقعي، ذلك أن المسلمين يؤمنون بما يؤمن به الكتابيون في أصله، ويقرّون أنه حق، فيما عدا ما بدّل السابقون أو حرفوا، ويقدسون مقدساتهم كما وردت أول مرة، وكتاب المسلمين مهيمن على كتبهم، وهي مسألة طبيعية -عقلا- ما دام الكتاب متأخرا -كرونولوجيا- عن كتبهم، وصادرا عن نفس المصدر.. وعليه فمنطق غير العنيد، غير الحسود، غير المتكبر، أن يؤمن السابق بشرع اللاحق، ما دام هذا الشرع المتأخر يعتبر مجرد تحيين وتحديث، من نفس المشرع، لنصوص وشرائع النسخ السابقة،، والحال أنهم -رغم هذا الوضع- لا يؤمنون، بل ويتهمون المتأخرين بالكفر.. بل أصبح أولئك السابقون، المنسوخة دياناتهم، يؤصلون للمسلمين، اللاحقين، "المحيّنة" رسالتهم، و"يؤصلون" لهم دينهم، ويسعون لأن يضعوا لهم ضوابطها،،، ولم تتنزل عليهم، ولم يحيطوا بها!!!..

إن تناقض الغربيين ونفاقهم ليظهر أكثر ما يظهر في ما يكنون من حقد وبغض وضغينة للمستضعفين عامة، وللمسلمين بشكل خاص.. ولعل المجال السياسي والعسكري، والاستغلال الاقتصادي، والسيطرة الثقافية، هي أبرز وجوه هذه النقمة، بما أن الرداءة التي يتدحرج فيها المسلمون، مردّ الجزء الأكبر من أسبابها إلى تكالب وتآمر منظومات أولئك "المتحضرين" القيادية السياسية والفكرية والإعلامية، بما ينصّبون علينا في الكيانات السياسية التي أحدثوها من دمى عميلة يكلفونهم، من ضمن ما يكلفونهم به، ولأغراض استراتيجية، بإفساد القيم والأخلاق،، وإن كان هذا، طبعا، لا يبرر عمالة أصنام هذه الكيانات، ولا تخاذل "نخبها"!!!..

والحق أن الانفصام والتناقض والنفاق والتخبط ليست جديدة على الغرب، بل هي حالات متمكنة منهم منذ القدم، ويكفي أنهم سَمّوا ثوراتهم بـ"التنوير" أو "ثورات الأنوار"، غير أنهم أعقبوها باحتلال مباشر لكل بلدان العالم المستضعف، وكأن "النور" والاحتلال يجتمعان أو ينسجمان.. والحال أن الأمر لم يكن "تنويرا" إذن، إذ لو كان كذلك، وبما أنه بعد تلك الثورات أصبح الشعب هو من يفرز الحكام الذين يحكمون باسمه وإرادته، لما أمكن أن ينتج عن "تنويره" أن تفرز أوربا كلها قوى تحتل العالم بأسره، بما يتبع ذلك من حروب ودمار ومعاناة... فهذه حلكة الظلام الدامس، والعتمة القاتمة.. عتمة جعلت -إلى يوم الناس هذا- المدجج المتغطرس المتجبر يقتل الملايين بالكبس على زر.. بل قتلوا ويقتلون في المستضعفين المستقبلَ وأورثوهم اليأس، عبر تنصيب أولئك الأنصاب وحمايتها والعمل على تأبيد حكمها...

المفارقة أن هؤلاء الأعداء، ورغم قوتهم وضعفنا، ورغم بنائهم أسوارا بشرية عالية منيعة من العملاء الذين يحكمون المسلمين باسمهم، ويكفونهم شر التماس،، رغم هذا كله، متحقق فيهم الفزع، متمكن منهم الخوف والرعب، ولو كانوا من وراء جدر أو سبعة أبحر، لأنهم يعلمون، وبيقين، أنّا وإن كنا منبطحين، لله ساجدين، فإن كل هاجسهم أن نرفع من السجود، لأنهم متأكدون أن قيامنا يعني سقوطهم بالضرورة، كما أنهم واثقون أن ذاك القيام حتمي الوقوع،، ولو بعد حين،،، وإن طال الزمن!!!..

انتهى..

 

مجموع المشاهدات: 6645 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة