الرئيسية | أقلام حرة | "بريكس" وإخفاق الجزائر

"بريكس" وإخفاق الجزائر

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
"بريكس" وإخفاق الجزائر
 

1 - يشكل "بريكس" إطارا- تكتلا اقتصاديا كبيرا يشمل الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، يعود تأسيسه إلى سنة 2006، بهدف إقامة منظومة اقتصادية تنافسية متعددة الأقطاب، تواجه تكتلات دولية بالغة القوة، ومحاور اقتصادية أمريكية وأوروبية وآسيوية بقدر من "النجاعة والندية" المطلوبين. وهكذا انطلقت يوم الثلاثاء 22 غشت 2023 في جنوب إفريقيا أعمال اجتماعات المجموعة الخامسة عشرة، للبحث في طلبات انضمام أكثر من عشرين دولة لهذا التكتل، كان من ضمنها دول عربية: مصر والسعودية والإمارات العربية والجزائر. وقد اتخذ تكتل "بريكس" بالأمس الخميس 23.8.24 قرارا مفصليا تمثل في قبول طلبات ست دول وهي الأرجنتين وإثيوبيا وإيران، فضلا عن الدول العربية الشقيقة: السعودية ومصر والإمارات، مع رفض قبول طلب الجزائر. فما هي المعايير والمحددات التي على أساسها تم التعاطي مع ملف طلبات الانضمام؟

2 - جوابا على هذا السؤال المحوري، قال وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف" ما معناه: إن الإجراءات والشروط التي اعتمدت لقبول عضوية البلدان المعبرة عن رغبتها في الانضمام، تتجلى بشكل أساسي في توفرها (هذه البلدان) على الهيبة والوزن السياسي، أي مكانتها الاعتبارية في العالم. وما من شك في أن كل الدول التي نالت شرف القبول تحظى باحترام وتقدير المجتمع الدولي. وإذا اقتصرنا على الأقطار العربية المشار إليها سابقا، فإن المملكة العربية السعودية دولة عظمى اقتصاديا وعسكريا وتنمويا، تسعى بكل إمكاناتها إلى المساهمة في بناء عالم أفضل، تقل فيه المناكفات السياسوية الضيقة، وتكثر فيه قيم التآزر والتضامن والاستقرار وعدم التدخل في شؤون الآخرين، تماما كما هو الشأن بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث العمل الحثيث على بلورة استثمارات ومشاريع تكون في خدمة الإنسان، والمواطن في هذه القطرين العربين المحترمين يعيش في أمن وسلام، متمتعا بالحرية والعدالة والعيش الكريم، ولا يختلف الأمر كثير في أرض الكنانة مصر العزيزة، التي لا تتوقف عن الاجتهاد واجتراح حلول كفيلة بالمضي قدما نحو التقدم والتنمية الشاملة.

3 - أما الجزائر فلم يكن أحد من المراقبين والمتابعين للشأن الإقليمي والدولي، ينتظر أن يأخذ "أصدقاؤها الأوفياء" ملفها على محمل الجد، اللهم رئيسها الذي بالغ في عقد "لقاءات صحفية"، يطمئن عبرها الشعب الجزائري الشقيق بأن قبول دخول دولة "المليون شهيد"، إلى مجموعة " بريكس" حقيقة لا شك فيها، ويقين لا يكتنفه الريب! فجرت "الرياح" بما لم تشته المؤسسة العسكرية وإعلامها المندفع. ليس بسبب "مؤامرة مغربية إسرائيلية" ولا بتعنت الهند والبرازيل كما زعم البعض، تم رفض المطلب الجزائري، بل إن هذا الصفعة كانت نتيجة نقاش حاد خلص إلى أن الجزائر ليست "قوة ضاربة" لا اقتصاديا ولا اجتماعيا ولا تنمويا.. بل إنها تفتقر إلى هيبة ووزن الدول ذات الاعتبار والمكانة. وكأن الأطراف الفاعلة في مجموعة "بريكس" نبهت الجزائر إلى حقيقتها المرة؛ فالدولة التي تحظى بقبول الانتماء إلى التكتلات والمحاور الاقتصادية والتجارية والسياسية، يرتقب أن تكون مدنية ديمقراطية تعددية مسالمة، قادرة على قبول الاختلاف والعمل المشترك.. فضلا عن تنوع مبادلاتها التجارية، والحال أن اقتصاد الريع والاقتصار على مصادر الطاقة (الغاز والنفط)، والوضع الاجتماعي الداخلي الصعب القابل للانفجار في أية لحظة، ونزعتها العدائية تجاه دول الجوار.. كل ذلك يمثل عراقيل وعقبات في طريقها نحو التصالح مع الذات والآخر القريب والبعيد.

مجموع المشاهدات: 11585 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة