الرئيسية | أقلام حرة | الآلة الحربيّة الإسرائيليّة تحصُد المزيد من الضّحاي

الآلة الحربيّة الإسرائيليّة تحصُد المزيد من الضّحاي

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
الآلة الحربيّة الإسرائيليّة تحصُد المزيد من الضّحاي
 

لقد مَنحت الولايات المُتحِدة لنفسها الحقّ في إدراج الدول و الحركات التّحرُّرية و كلّ من يُناهِض سياستها في خانَة الإرهاب و التّطرّف، فتلجأ بذلك إلى فرض عقوبات عليها و إجبار دول العالم بِعدَم خرق هذه العقوبات..

إن إدراج الولايات المتحدة لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" و فصائل أُخرى من المُقاومة الفلسطينيّة في خانة المنظمات الإرهابية هي إشارة واضحة لإعطاء مُبرّر لإسرائيل من أجل شنّ حربِها الوحشيّة على غزة العِزّة و توْسيع رُقعتها الهجوميّة في جميع رُبوع فلسطين المُحتلّة و استباحة دماء أبنائها الزَّكية الطاهِرة بعد أن ضمِنت صمْت جميع الدول العربيّة عبرَ اتفاقية (ابراهم) و التطبيع و تمتين علاقاتها معها، كما أنّ التنسيق الأمني مع إسرائيل من طرف السلطة الفلسطينيّة، هو خطأ فادِح وَجبَ إصلاحُه، و ذلك مِن خلال حلّ هذه السّلطة لِنفْسِها و إلغاء التنسيق الأمنيّ و فَسْح الطريق أمامَ المُقاومة الفلسطينيّة، مِمّا سَيُؤدّي، حتماً إلى إرباك إسرائيل و إفشال خُطّتِها الهادفة إلى التّفْرِقة بين أبناء الشعب الفلسطينيّ (فرِّقْ تَسُدْ) لِكسْر إرادة المُقاوَمة.

إنّ الجرائم الإنسانية التي ترتكِبُها إسرائيل في الأراضي الفلسطينيّة في حقّ الشعب تقع أمام أنظار ما يسمى ”المجتمع الدولي”، الذي يجنَحُ إلى جانب إسرائيل و يدعَمُها في الإبادة الجماعيّة للفلسطينيّين، فمُعظم دول الغرب تَعتبر ما ترتكبُه إسرائيل من جرائم بشِعة في حقّ الشعب الفلسطينيّ ما هو إلّا دِفاعٌ عن نفسها من "الجماعات الإرهابيّة"، التي تعني بها فصائل المُقاوَمة الفلسطينيّة.

أما التنديدات العربية الرسمية التي تصدر من هنا وهناك، فما هي إلا درّ للرماد في العيون و امتصاص غضب شعوبها التي تحترق قلوبها أسَفا على تفكيك أواصر فلسطين و التنكيل بشعبها الأبي المناضل المِقدام و التفريط في القدس الشريف الذي تم تهويده بالتدريج منذ توقيع "أوسلو" الذي رحّب به كل من ساهَم في مُحاولة طَمْس القضية الفلسطينيّة العادلة.

أشير إلى أنّ أسوأ ما عرفَته الساحة العريّة اليوم هو اتفاقية (ابراهم) التي أبرمتها مُعظم الدول العربيّة مع الكيان الصهيوني، بضغط من الولايات المتحدة الأمريكية، قصد ربْط علاقات مع الكيان و فتح جسور التعاوُن في جميع المجالات. بدأت العديد من الدول العربية تتهافت نحو التطبيع و ربط علاقات مع إسرائيل دون مُراعاتها لما تهْدِف إليه إسرائيل و أمريكا من خلال هذه الاتفاقية.

هذه "الاتفاقية" ترمي ،في حقيقة الأمر، إلى الاستِفراد بالشعب الفلسطينيّ ، من أجل القضاء على المُقاومة و إقبار القضية الفلسطينيّة.

 لقد انتفضت الشعوب العربية الحرّة التي تؤمن إيماناً راسخاً بالقضيّة الفلسطينية المشروعة، و قد جوبِهت انتفاضاتها و احتجاجاتها بالقمع من طرف سُلطات دولها.

و لمّا أدركت فصائل المُقاومة الفلسطينيّة حقيقة الأمر و ما يُحاك ضد قضيتها من خذلان و نُكران لمشروعيتها من قبل بني جِلدتها ، صمّمت العزم على تقويَّة نَشاط المُقاومة و وحّدت صفوفها و خلقت خلايا مقاومة جديدة في الضفة الغربية و القُدس و غيرهما، عازِمين على سلك طريق المُقاومة المُسلّحة كسبيل وحيد لمُواجهة العدوّ و إيلامِه من خلال عمليات بطولية في كل مناطق فلسطين المُحتلَّة، و هذا ما فاجأ إسرائيل و عُملاءَها الذين لم يكونوا ينتظرون اتحاد كل القِوى الفلسطينية في بوثقة واحدة و في خندق واحد من أجل تلقين الكيان دروساً لم و لن ينساها، و بالتعويل على أنفسهم و على مقاومتهم الباسلة، التي قامت بِتطوير أساليب مُقاوَمتها و تحديثِها، مِمّا قذف في قلوب الإسرائيليّين الرُّعبَ و الهَلع و عدَم الإحساس بأيّ استقرار و لا أيّ اطمئنان، حيثُ فقدوا ثقتهم في جيشهم و قوّاتهم التي عجزت على صدّ هجَمات المُقاومين الأشاوس الشُّجعان.

 سينتصر الفلسطينيون على عدوّهم و سيُحرّرون أرضهم بقوة السلاح و سيُنشئون دولتهم على أرضهم كل أرضهم و عاصمتها القدس الشريف. نعم، فلسطين ستتحرر، قريباً و سينعم رجالها المغاور بالحرية و الرخاء و الازدهار و ستتبخر أحلام إسرائيل و الغرب و أزلامهم لأن الحق يعلو و لا يعلى عليه و حق المظلوم مكفول و لو بعد حين لأن التاريخ هو الذي علمنا أن طالب الحق لم يخب يوما أو ينهزم ،و من تَوَّهم أنه سيستطيع بمخططاته أن يغير مسار التاريخ فهو مُخطئ ..

و ها هي المُقاومة الفلسطينيّة يومه السبت المُبارَك 7 أكتوبر 2023 تُفاجئُ إسرائيل بِهجمَاتِها العنيفة غير المَسبوقة: عملية "طوفان الأقصى". فقد أطلقت كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكريّ لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، اليوم السبت عملية عسكرية واسعة النّطاق ضد إسرائيل شملت إطلاق آلاف الصواريخ والقذائف وعمليات تَسَلُّل و مُفاجأة الجيش الإسرائيلي في قواعِده، حيثُ لَقَّنتهُ درساً لن ينساه، فقد قتلت منه العديد من الضُّبّاط و أسَرت منه العديد، بالإضافة إلى اقتحام مستوطنات إسرائيليّة حسَبَ ما أوردهُ "موقع الجزيرة".

كما أضاف نفسُ المصدر أن القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف قد أعلن بدْء عملية "طوفان الأقصى" ضد إسرائيل وإطلاق آلاف الصواريخ باتجاهها.

وأضاف محمد الضيف، في رسالة صوتية، إن الضربة الأولى من "طوفان الأقصى" تجاوزت 5 آلاف صاروخ وقذيفة استهدفت إسرائيل و من جهتها، قالت الإذاعة الإسرائيلية: إن "حماس" أسَرَت 35 إسرائيليا منذ بدء الهجوم من غزة. حيث تمكنت من التوغل برّاً وبحراً وجواً في المستوطنات المتاخمة لقطاع غزة. كما أدّى الهجوم غير المسبوق إلى مَقتل وجرح المئات من الإسرائيليين، فضلاً عن عشَراتِ الأسرى من الضباط والجنود، الذين تُؤكد المقاومة أنهم باتوا في قبْضتِها ونقلوا إلى أنفاق، وأماكن آمنة في غزة."حسبَ المَصدر نفسِه".

ووصل عدد القتلى الإسرائيليين حسب الجيش الإسرائيلي إلى أكثر من 1300 قتيلا، بينهم 169 عسكريا، وإصابة أكثر من 3 آلاف، وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى ارتفاع عدد الأسرى لأكثر من 150.

وأعلنت القسام مقتل قائد كتيبة الاتصالات في الجيش الإسرائيلي. في حين كشفت صحيفة جيروزاليم بوست أن 750 إسرائيليا في عداد المفقودين، كما أكد المفوض العام للشرطة الإسرائيلية فقدان عدد من أفراد الشرطة وانقطاع الاتصال بهم.

لقد اكتفتِ بعض الدول العربيّة، بالتَّنديد الخَجول المُحتشِم، دون و المُطالَبة بإيقاف الحرب و فتح مَمَرّات آمنة لدُخول المُساعدات الإنسانيّة إلى قطاع غزة، دون اللّجوء إلى ضُغوطاتٍ حقيقيّة تلجم آلة الحرب الإسرائيلية، من خلال، قطع علاقاتها مع الكيان و منع تصدير النفط و الغاز إلى أمريكا و الغرب التي تقِف إلى جانب إسرائيل، بإمدادها بالسّلاح و العتاد الحربيّ الذي هي في حاجةٍ إليه.

 لقد أربَكت المُقاوَمة الباسلة غير المُنتَظرة كلّ حساباتِ المسؤولين في إسرائيل، و لم يتخيَّلوا يوْماً أنّ المُقاومين الفلسطينيين سَيَهزمون "الجيش الذي لا يُقْهَر" ظانّين أنَّ "السلطة الفلسطينيّة"، و بِدعمٍ منهم، ستَنجحُ في العودة مرّةً أخرى إلى "المُفاوَضات" التي ما هي إلّا لُعبة إسرائيليّة تسعى من خلالها إلى تكريس احتلالها و تثبيت أركانها في الأرض عن طريق الاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينيّة، حتّى لا تتركَ للفلسطينيين ما يُقيمون عليها دولتَهم، إنشاء هذه الدويلة على نسبة تقلّ عن 20% من أرض فلسطين التاريخيّة، و التنازُل عن القُدس الشريف، الذي هبَّ اليوم سُكانها هبّةً واحدة في وجه الإسرائيليين بمواجهتهم للجيش الإسرائيلي مُواجَهةً لم تشهَدها قوات الاحتلال من قبلُ.

ما حدَث يوم السبت 7 أكتوبر 2023 في الأراضي الفلسطينية من مُقاوَمة شرِسة و و حربٍ حامية الوطيس قد ألغت كُلَّ بُنود اتّفاقية (اوسلو)، التي لمْ تزِد الفلسطينيّين الأحرار إلّا مَزيداً من الاعتماد على أنفسهم و مزيداً من الإصرار على الدّفاع عن أرضهم المُحتلّة المُغتَصَبة.

و أريد أنْ أُشير إلى أنّ أمريكا و الدول الأوربيّة كُلَّها قد أَدانت و استنكرت ما قامت به المُقاوَمة الفلسطينية و اعتبرتهُ "إرهاباً" ضدّ الكيان الإسرائيلي، و هذا يدُلّ على أنّ ما يُسمّى "المُجتمع الدولي" يَقِف إلى جانب إسرائيل و يعتبِر جرائمها في حقّ الشعب الفلسطينيّ دِفاعاً عن النفس. فهل نُعوّل على أمريكا و أوروبا أنْ تحلّ القضية الفلسطينيّة، و تمنح للفلسطينيّين حقَّهم في إنشاء دولتهم على أراضيهم؟؟؟

لا زال الكيان الصّهيوني يُواصِل عُدوانَه على أبناء الشعب الفلسطينيّ الأبرياء بمَزيد من القصف الهمجيّ لبيوت المواطنين الآمنين مُخلِّفةً ضحايا من شهدا و جرحى.

لقد أعلنت وزارة الصحة في غزة يومه الأحد 15 أكتوبر 2023 ارتقاء عدد الشُّهداء إلى 2329 شهيدا، من بينهم أكثر من 700 طفل، وإصابة أكثر من 9 آلاف، في القصف الإسرائيلي الذي جاء ردا على عملية "طوفان الأقصى"، وكشفت وزارة الصحة الفلسطينية أن نحو 60% من الإصابات جراء القصف على قطاع غزة من الأطفال والنساء، وألحقت الغارات الإسرائيلية المتواصلة دَماراً واسعا بالمباني السكنية والمرافق الحيوية وسيارات إسعاف.

و رغم كلّ ما يتعرّض له إخواننا في فلسطين من تقتيل مُمَنْهج و إبادة جماعيّة نَكراء، فإنّ جميع فصائل المُقاوَمة مُتّحدة و في خندَقٍ واحد، أكثر من أيّ وقت مضى، و مُصِرَّةٌ على أنْ تُكبِّد الصّهايِنة خسائر تلو الخسائر حتى تجعله يَنْدم على اليوم الذي فكّر فيه في أن يحتلّ أرضَ أسيادِه الأمجاد الأحرار المَقاديم.

 

 

مجموع المشاهدات: 9623 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة