حريق مهول يندلع بمصنع ضواحي طنجة والسلطات تستنفر عناصرها لإخماده

السلطات المحلية بعين السبع تهدم دوار بيه بعين السبع أحد أكبر الأحياء الصفيحية بالدار البيضاء

الأمن الوطني يشن حملة أمنية واسعة على الدراجات النارية المعدلة

جــريمة لاكريم تُبعث من جديد.. كروط يكشف أسرارًا مدوّية في أول خروج إعلامي

خبراء وأكاديميون يناقشون بطنجة سبل توظيف الرياضة في خدمة التربية والتنمية ببلادنا

من طوكيو إلى البيضاء.. مغربي-ياباني يفقد 100 مليون سنتيم ويضيع حلم امتلاك 3 بقع في مشروع باب دارنا

دور المرأة في الحياة السياسية بالمغرب: من منطق الكوطا إلى رهانات التأثير

دور المرأة في الحياة السياسية بالمغرب:  من منطق الكوطا إلى رهانات التأثير

هشام حنوز

شكل انخراط المرأة في الحياة السياسية أحد أبرز مؤشرات التحول الديمقراطي في المغرب، حيث تم اعتماد آليات تشريعية ومؤسساتية لتعزيز حضورها داخل المؤسسات المنتخبة وأجهزة القرار. ومع ذلك، يظل هذا الحضور محطّ تساؤل بشأن مدى فعاليته: هل يعكس انتقالًا حقيقيًا نحو التمكين السياسي، أم أنه لا يزال رهينًا لمنطق الترضيات والتمثيل الشكلي؟

انطلقت أولى بوادر التمثيلية النسائية في البرلمان سنة 1993، بتسجيل دخول رمزي لامرأتين فقط. إلا أن المنعطف الأبرز تحقق في محطة 2002 باعتماد اللائحة الوطنية للنساء، كآلية لرفع الحضور النسائي داخل مجلس النواب، حيث تم تخصيص 30 مقعدًا كحد أدنى، في سابقة شكلت نقطة تحول في المشهد السياسي المغربي. ومع تطور التجربة، تم الرفع من عدد المقاعد المخصصة للنساء إلى 90 في انتخابات 2021، مما ساهم في تحسين نسبة التمثيلية البرلمانية.

على مستوى السلطة التنفيذية، شهد المغرب تعيين أول امرأة وزيرة سنة 1997، ومنذ ذلك الحين، عرفت الحكومات المتعاقبة حضورًا نسائيًا متزايدًا، بلغ ذروته في حكومة 2021 التي ضمّت سبع وزيرات. وهو معطى لا يمكن إنكاره، ويعكس، ظاهريًا على الأقل، تحولًا في البنية التقليدية لتوزيع السلطة.

غير أن القراءة المتأنية لهذا المسار تُبرز مفارقة جوهرية: فبينما تحقق تطور كمي ملموس، لا تزال الفعالية النوعية محدودة في كثير من الحالات. ففي ظل استمرار هيمنة منطق الكوطا، غالبًا ما يتم انتقاء المرشحات بناءً على اعتبارات حزبية أو توازنات ظرفية، لا على أساس مشروع سياسي أو كفاءة فردية. كما أن أغلب المواقع الوزارية المسندة للنساء تظل محصورة في قطاعات ذات طابع اجتماعي أو تقني، دون ولوج فعلي لمراكز القرار السيادي أو الإستراتيجي.

إن استمرار هذا الوضع يُضعف من جدوى التمثيلية، ويؤجل الانتقال من منطق "الإدماج المحسوب" إلى منطق "المشاركة المؤثرة". وهو ما يستدعي إعادة التفكير في الآليات المعتمدة، من خلال الربط بين تمكين المرأة سياسيًا وضمان استقلاليتها الفعلية داخل الأحزاب، وتوفير مسارات للتأطير والتكوين، بعيدًا عن الاستعمال المناسباتي لصورتها.

ومع ذلك، لا يمكن القفز على حقيقة أن حضور النساء في المجال السياسي مكّن من كسر العديد من الحواجز النفسية والاجتماعية، وأسهم في إعادة صياغة النقاش العمومي حول قضايا الإنصاف والعدالة المجالية والحقوق الفردية. وهناك نماذج نسائية استطاعت أن تفرض نفسها بقوة الحضور والخطاب والمبادرة، ما يؤشر إلى أن الرهان الحقيقي ليس في عدد المقاعد، بل في من يشغلها، وكيف يشغلها.

ختامًا، إن دور المرأة في الحياة السياسية بالمغرب يوجد في مفترق طرق: إما أن يظل حبيس التمثيل الرمزي والمناسباتي، أو أن يتحول إلى رافعة فعلية للمشاركة الديمقراطية والتعددية السياسية. والانتقال إلى هذا الأفق يتطلب إرادة سياسية واضحة، ومسؤولية حزبية حقيقية، وقناعة مجتمعية بأن التمكين السياسي للنساء ليس ترفًا، بل شرطًا من شروط ترسيخ الخيار الديمقراطي كما حدده دستور المملكة.

 

 


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات