عبد الحميد الحرشي
إذا درسنا تاريخ المغرب ستجده ممتلئ بالإنجازات وبتاريخ عظيم، حيث إن الغرب إذا أرادوا احتلاله فلا يستطيعون ذلك، وكان المغرب آناذاك دولة عظيمة حيث كان متطورا في عدة مجالات، فإذا تحدثنا عن المجال العسكري فستتحدث عن طارق بن زياد الذي فتح الأندلس، وإذا تحدثت عن المجال العلميفستتحدث عن محمد بن آجروم، صاحب الأجرومية الذي خدم الإسلام والعربية، وكذلك عن علال الفاسي، وفاطمة الفهرية... وكانوا يهتمون بطلب العلم والعلماء وكان في ذلك الزمان الحياء والحشمة وكانوا يهتمون بالدين الإسلامي.
أما في عصرنا هذا أصبحنا نشاهد أمورا وكأننا في بلد غير إسلامي، فقد كثر في مجتمعي الفساد وأصبح علانية أمام الجميع ولا أحد يتكلم، وأصبح في مجتمعي العري والكلام الساقط هو عنوان الحضارة، ودليل كلامي أنظر إلى مباريات كرة القدم حيث إنه إذا خسر فريق وفاز الآخر تشاهد الشجارات الشنجات بين المشجعيين إلى درجة القتل وكأنه عدوه وينسى أنه أخوه في الإسلام، وتشاهد الخراب في الشارع وذلك بتكسير الزجاج وينسون أن كرة القدم هي مجرد رياضة وليس حربا.
وأصبح في مجتمعي يهتمون بالكرة أشد الاهتمام إلى درجة أنهم يحفظون أسماء اللاعبين ولا يعرفون أسماء الأنبياء المرسلين، حيث إن سألتهم عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجيبون وإذا سألتهم عن سيرة أفضل لاعب أو مغني فسيجيبونك بسرعة وبأدق التفاصيل.
فلا تستغرب في مجتمع أهمل العلماء وأهل القرآن واهتم بالغناء، ولا تستغرب في مجتمع أصبح فيه النهي عن المنكر والأمر بالمعروف عيبا، ولا تستغرب في مجتمع أصبح يشاهد إخوانه يموتون بكثرة وهو صامت وأن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى الكعبة وقال:
"ما أطيبَك وما أطيبَ ريحَك ما أعظمَك وما أعظمَ حُرمتَك والَّذي نفسُ محمَّدٍ بيدِه لحُرمةُ المؤمنِ عند اللهِ أعظمُ من حُرمتِك مالُه ودمُه". ولا تستغرب في مجتمع أصبح فيه الغني يبقى غنيا والفقير يزيد فقرا، ولا تستغرب في مجتمع أصبح فيه الأم تهان وتقتل وتذبح من الوريد إلى والوريد، وأصبح الولد يصرخ في وجه أبيه ويتشاجر معه، ولا تستغرب في مجتمع أصبحت المقاهي ممتلأة والمساجد فارغة...
نعم هذا هو حال مجتمعي اليوم الذي نسمع في الإعلام أنه في تقدم وتطور، فأي تقدم وتطور تقصدون؟ هل تقصدون أن المغرب يتقدم في الفساد؟ هل تقصدون أن المغرب يتطور بالابتعاده عن دينه؟ هل مفهوم الحداثة عندكم هو العري؟ ورحمه الله أحد الحكماء عندما قال: " لو كان العري هو رمز الحضارة فهنيا للحيوانات فلها كل الحضارة" وكما قال الحسن الثاني رحمه الله: "إذا كان المقصود بالحداثة: القضاء على مفهوم الأسرة وعلى روح الواجب إزاء الأسرة ، والسماح بالمعاشرة الحرة بين الرجل والمرأة والإباحية في طريقة اللباس مما يخدش مشاعر الناس ، إذا كان هذا هو المقصود بالحداثة ، فإني أفضل أن يعتبر المغرب بلدا يعيش في عهد القرون الوسطى ، على ألا يكون حديثا".
