الرئيسية | أقلام حرة | هنيئا للعسكر في الجزائر

هنيئا للعسكر في الجزائر

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
هنيئا للعسكر في الجزائر
 

 

وكما كان متوقعا وصل الديكتاتور العليل إلى السلطة في الجزائر ، وتربع على عرش الجزائريين رغم علة جسده، ورغم أنف من كان يحلم بأن ينعم بالحرية وبربيع ديمقراطي يذهب عنهم مآسي العسكر الذي أنهك السياسة وقدم للشعب الجزائري الويلات على مر عقود من الزمن. 

ما تم تقديمه من نتائج يفيد بأن العسكر قد لعب لعبته المفضلة وأعاد بالرجل مرة أخرى لكسب المزيد من الوقت للبقاء في السلطة ، فكيف يتم الحديث عن فوز الرئيس بحصوله على 81 في المائة من الأصوات، والجزائر تعرف حراكا شعبيا ضد ترشح هذا العليل الذي لا يستطيع أن يحرك ساكنا إلا عبر كرسيه المتحرك ، وكيف تكون النتائج نزيهة ونحن كنا قد شاهدنا أنصار الزعيم المبجل قد احتفلوا قبل موعد الإعلان عن النتائج ؟

الديكتاتور العليل قد عاد ليتربع على العرش لعهدة رابعة والجزائر هي الضحية والتغيير الذي كان الأمل الوحيد للشعب الجزائري قد ذهب إلى غير رجعة، والمراهنة على الديمقراطية هو ضرب من الخيال وحلم في واقع تشوبه قبضة العسكر الحديدية، التي لا تدع مجالا لأحد للتدخل ، ما يعني أن الجزائر سقطت مرة أخرى في يد هؤلاء الذين كانوا على الدوام نقمة على الشعب الذي كان يتطلع إلى دولة ديمقراطية تحتكم إلى صناديق الإقتراع في اختيار من يحكمها .

فوز بوتفليقة كان قد حسم فيه العسكر قبل أن يدخل هذه المسرحية، وهذه المهزلة التي أساءت للجزائريين جميعا والتي وربما ستدفع بالبلاد إلى المجهول ، خاصة وأننا نعرف حجم السخط الذي ازداد بشكل مهول بعد أن تم الإعلان عن فوز بوتفليقة ، وإن كان البعض ممن يطبلون لحكم العسكر يحاولون إخفاء هذه الحقائق التي أصبحت جلية.

حتى لو صدقنا رواية أنصار بوتفليقة أو بالأحرى أنصار العسكر، وذهبنا بالقول أن الانتخابات مرت في جو من النزاهة والديمقراطية ، وأن الرجل مازال يملك شعبية إلا أن هناك أسئلة تطرح وهي كالتالي هل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قادر على إدارة مرحلة مابعد الفوز خاصة وأن الرجل شبه مشلول  ؟ وهل لديه القدرة على الاستجابة لمطالب الشعب الجزائري الذي يعيش أزمات لا تنتهي ؟

لو كان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يحترم نفسه ، لما قبل أن يستخدمه العسكر في هذه المسرحية المشروخة مرة أخرى ، ولما سمح لنفسه الوصول إلى السلطة وهو العليل الذي بلغ من العمر عتيا ، لكن وبما أن الرجل كان على الدوام في خدمة العسكر، وبما أنه الابن الذي لا يعصي للجنرالات أمرا فقد قبل بأن يعيد هذه المسرحية على مسامع الشعب ليضمن للعسكر عمرا مديدا في تركيع الشعب .

الجزائر غارقة في الفساد من رأسها حتى أخمص قدميها ، والوضع فيها ينذر بأزمة أنهكت البلاد والعباد وأدخلتها في مرحلة الفوضى، والرئيس الذي يشار إليه الآن على أنه الحل الوحيد لإخراج البلد من أزماته، هو نفسه من أوصل البلاد إلى النفق المسدود فكيف بمن أفسد في حق الشعب وأنهك الحرث والنسل أن يحقق الإصلاح ويحارب الفساد ، بل ويوصل بالبلاد إلى بر الآمان؟

 الجزائر تعيش في ظل نظام شمولي عسكري يلعب لوحده في الساحة ، فلم يسبق أن عرفت البلاد رئيسا خارج المؤسسة العسكرية ، رئيسا يستمد شرعيته من الشعب ، عبر صناديق الاقتراع ويعبر عن طموحات الشعب ، فحتى وإن كانت الساحة تظهر أن هناك أحزابا سياسية وحرية تعبير ودستور مدني وبرلمان منتخب، إلا أن ذلك كله مجرد أصباغ وديكورات تخفي الوجه القبيح للديكتاتورية التي يمارسها العسكر على مر عقود .

من المعروف جدا أن العسكر في الجزائر يخشى الديمقراطية ،ولا يمكن أبدا أن يدع المجال لهذه الأخيرة أن تتطور ، حيث باختياره الديمقراطية خسارة كبرى لمخططاته التي يهدف من خلالها إلى نهب خيرات البلاد التي لا تحصى ، فكلنا نعرف قصة الانتخابات النزيهة التي عرفتها الجزائر لأول مرة في حياتها في مطلع التسعينات بعد أن فازت جبهة الإنقاذ، والتي على إثرها تدخل العسكر وألغى نتائج الانتخابات ،وأدخل البلاد في أتون حرب حصدت اليابس والأخضر، كل ذلك طبعا للحفاظ على مصالحه التي يهددها ، وهذا بالفعل ما يحاولون الآن العمل عليه بعد مهزلة الانتخابات الأخيرة التي أظهرت قمة اللعب بمشاعر الشعب الجزائري.

العسكر في الجزائر استغل فرصة ما يحدث الآن في بعض الدول العربية ودول المغرب الكبير من فشل للثورات الديمقراطية ، خاصة بعد الانقلاب العسكري الذي وقع في مصر ،حيث ولد لدى عامة الجزائريين فكرة أن الثورات لم تصل بعد إلى نتيجة تذكر، وأن عليهم أن يقبلوا بهذه المسرحيات بدل الدخول في مغامرة غير محسوبة العواقب ، فالجزائريون ينظرون صوب المشرق  فلا يرون إلا الدماء والقتل ، ما ولد لديهم تخوفا من إعلان الثورة على هؤلاء الذين استباحوا كرامتهم ،وجعلوا بلادهم عرضة للأزمات ، حيث مكن ذلك العسكر من الاعتقاد بأن الثورة هي مستحيلة تماما ، وأن المجال مفتوح له لإعادة مسرحياته من جديد .

 

 

 

مجموع المشاهدات: 1048 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة