نجاة حمص
ككل مرة يقع فيها حادث من الحوادث المأساوية التي يشهدها الحرم الجامعي,يتذكر من مر بالتجربة الجامعية,العصابات المدججة بالأسلحة البيضاء التي تخرج من العدم لتقتحم المدرجات,مخرجة الطلبة عنوة,تطبيقا "للتشرميل"و تعطيلا للتعليم,تأصيلا لمعنى للبلطجة,وتفريخا للجريمة المنظمة,التي تعتمد على تصفية الرأي الأخر,باعتبار أن الأخر هو"الشيطان"..
إن هذه الميلشيات المرابطة في الباحات الخلفية وبين أشجار حدائق كل جامعة مغربية,لتصول وتجول زارعة الرعب بين صفوف الطلبة,مسوقة نفسها كحامية حمى حقوق الإنسان,باحتقار المخالف ومضايقته,ولم لا تصفيته جسديا,كما تنصب نفسها :المنافحة عن الطبقة الكادحة,والملقى على عاتقها توفير الحياة الكريمة لكل من تراه مستحقا للقب إنسان,وذلك بإشهار "ساطور" السلام والأمان,و"شرملة" جناح المحبة والوئام..
ومن منا لا يتذكر جلسات الحوار الهادئ والرزين,التي تشهدها ساحة "لافاك"تلك الجلسات الحمراء الدامية,التي يعقدها " القواعدة"مع باقي الفصائل المخالفة,والتي توقع العديد من الضحايا,بين جريح وكسير,ومن منا لا يتذكر نواتج الإعصار "القاعدي" بعد كل نقاش,وكيف يصر " الرفاق" على الدخول بثقلهم,مدججين بأسلحة الحوار والنقاش,متقبلين بصدر رحب باقي الأفكار والأيديولوجيات,التي تسقط صريعة لباقتهم وتسامحهم,فلطالما استعبد الإجرام.. إنسان.
وانك لتعيد النظر كرتين, في سياسيي اليوم والمنادين بضرورة احترام حقوق الإنسان,شيوع العدالة الاجتماعية,و إزالة الفوارق الطبقية,وأنت تشاهد ممارسات اعرق فصيل يساري متطرف وسط الحرم الجامعي,فكيف يعقل أن يتصدر للدفاع عن الحقوق والحريات,من لا يقيم لحياة الأخر وزنا ولا قيمة؟,وكيف يَأمن المجتمع لقيادة من عرف بالتسلط والشطط؟ وكيف يتقبل اليوم الخصم,وهو الذي كان بالأمس لا يرى في التصفية الجسدية عيبا ولا جرما,بل مبررا ميكيافيليا, الغاية تبرر الوسيلة, ومن كان شعاره بالأمس: السيف والساطور,لن يصبح سلاحه اليوم الحوار والنقاش,فالطبع يغلب التطبع..
وكيف لا يستشري العنف في" البيت,الشارع,المدرسة..."وقد استشرى من قبل ومازال في من سمي حرما,لحرمة أماكن العلم والتعلم,وكيف لا يحمل الأمي والجاهل السيف ل"شرملة" المواطنين,وقد حمله من قبل وما زال يصول به ويجول من يتابع دراساته العليا,استعدادا لتقلد المناصب القيادية في عصب الدولة..
وانك لتعجب من استفحال تطرف " القواعدة",وكيف تلتزم السلطات المسئولة الصمت,رضا وقبول,مفلتة الحبل على الغارب,عملا بشعار" فخار يكسر بعضه",حتى تخطت ممارسات الفصيل القاعدي,حدود الحرم,ووصل الأمر إلى الأحياء السكنية,سواء الداخلية أو غيرها,وأصبح الأمر مشابها لحد كبير للممارسات المافيا الصقلية,فهناك أباء روحيون,وهم بعض السياسيين الذين وصلوا إلى مناصب مرموقة,تمكنهم من رعاية وتربية النشء الجديد ,ماديا ومعنويا,وهناك حراس خاصون,وهم مجموعة من الطلبة المنتسبين والذين عمروا لسنوات عديدة بين الأشجار وفي الطرقات الفرعية,دون الاهتمام بمحاولة الدخول إلى مدرجات الدراسة,دورهم الوحيد هو ترويع المخالفين,وملاحقتهم,إن سجن منهم فرد,عوضته أفراد,وذلك لسد الخصاص ورتق الصدع,كما لا ننسى القيادة والتي هي عبارة عن جمع من الذين يتصدرون منصات الخطابة,بعد حفظ عبارات من كتب تفل عليها الدهر وبصق,لشحذ الهمم وإلهاب الحماس,حاملين صور من سطر التاريخ إجرامهم وبطشهم..
وهذا يجعلنا نتساءل : كيف يطالب هذا الفصيل باعتراف المجتمع المغربي بأفكاره واطروحاته,وهو الذي يرفض الاعتراف بالرأي الآخر ويصل به الأمر إلى اغتيال المخالف جسديا وقمعه فكريا؟ وكيف كان يطالب بإيقاف مهام " الاواكس" وهي المهام الموقوفة التنفيذ أصلا, وهو الفصيل الذي يعيث الفساد أينما حل وأينما ذهب؟ وكيف يشتكي من تكتل الطلبة وتعاضدهم ,وهو الذي على استعداد لاستقدام عناصر من خارج الحرم الجامعي لتشتيت الوقفات,قمع النشاطات, إخراج الطلبة وتهديد الدكاترة؟..
إن التشرميل الذي يتأفف منه الجميع اليوم,قد شاهده وعاينه العديد من الطلبة ومازال يراه في باحات الجامعة ونواحيها,وان الذي حدث في مدينة فاس من قتل للطالب الحسناوي,الذي ذنبه الوحيد انه يشكل" الآخر",والذي استحل دمه بفتاوى " الرفاق المناضلين",ليكون عبرة لمن يتجرا على مخالفة شرذمة هجينة,تسعى لإحياء مبادئ اعتى مجرمي الماضي,في غياب للأمن,وانتشار " للسيبة" الفكرية,الاجتماعية والسياسية,كما يلقي الضوء على ممارسات غض الطرف عنها لعقود عديدة,وقد آن الأوان لفضحها والتعامل معها,لتدارس أسبابها وإيجاد سبل للخروج من متاهاتها بتوصيات عملية فعالة تضع حدا لها..
