نجاة حمص
ما إن يقترب حلول عيد الضحى المبارك,حتى يعمدا صحاب " الﮓانة والكأس" الى سن ألسنتهم الطويلة وقت غير الحاجة والقصيرة وقت الجد,فمن مرابي يحاول جذب اكبر عدد الضحايا بتعليق صور مخلوق اقرب ما يكون إلى فرس النهر منه إلى كبش ,وبذلك تترسخ في عقول المغاربة الصورة النموذجية التي يجب ان تكون عليها الأضحية,تسيل بسببها "ريوق" أصحاب المظاهر و"داكشي",خاصة ممن يدخل في حرب مع الله عز وجل من خلال قروض ربوية ليشبع البطن ويوزع صور "السيلفي" فشرا على الأقارب والأصدقاء..شوفوني وأنا مع الحولي.. وكيجاك الحولي ؟؟
كما تعتبر فرصة لبعض من تدور مطالبهم الحقوقية فقط حول الفم والفرج,لاستعراض طيبوبة قلوبهم وصفاء سريرتهم وحنكتهم,فتارة يتباكون بدموع التماسيح والعفاريت على عدد الاكباش التي تم تقديمها كأضاحي لله عز وجل,وقد تناسوا عدد الاكباش التي يحمرونها في كل "قصارة",دون الكلام على عدد الديوك الحبشية التي يتزاحمون لافتراسها مع النصارى في أعياد السنة الميلادية,ودون الدجاج الذي تبيده آلاتهم الفموية "كتصبيرة " بينما تجهز رؤوس الأغنام والمعزي والبقري التي تتم سرقتها من الكسابة والفلاحين المساكين..ولا ننسى أن انقراض "الحلالف" يعود إلى أنياب وقواطع سعادتهم وسيادتهم.
وتارة يتقمصون شخصية " بونظيف",فيتأففون من الازبال والفوضى التي تحدث خلال هذا العيد,رغم أنهم يعرفون تمام المعرفة أن المواطنين المسلمين المغاربة,يحاولون مبلغ جهدهم المحافظة على نظافة شوارعهم وأزقتهم طوال أيام السنة,ليس خوفا من البلدية ولكن لأنهم مسلمين يتقربون إلى الله بإماطة الأذى عن الطريق لاسيما في هذه " العواشر",فتراهم يتسابقون لجمع المخلفات وتنقية الفضاءات ,عكس هؤلاء "البونظيفات" الذين يختمون جلساتهم وسهراتهم بكسر "القراعي" ورميها مع ملابسهم الداخلية والخارجية في الطرقات,وكب نفايات علاقات الحب والود ونتاج الحرية الفردية قرب جدران البيوت والمساجد والمؤسسات التعليمية..
فمن يتكلم عن النظافة لا يجب أن يكون مشربه مشروبات عفنة تضاهي رائحتها رائحة "الخز" كأنما عبئت من أنجس " مرجة" فيك يا مغرب,اختمرت فيها الجراثيم والميكروبات لتصنع مياها شبيهة بمياه " الواد الحار",من اجل "قرعة" واحدة يدفع أصحاب "المجاج" ما قد يوفر اضحيتنين أو أكثر ..
ومن يتكلم عن النظافة عليه إعطاء المثل بالنظافة وهو الذي جل مأكله من لحم الخنزير الذي أثبتت التجارب الأجنبية ما فيه من نجاسة ورجس,أما من تظهر له النظافة فقط في " العيد الكبير" فحري به ألا يتناسى سيادته أن المغربي لا يحتاج لمن ينبهه لضرورة المحافظة على النظافة وإلا سيكون "كالمصنكع " الذي يحاول أن يلعب دور الفهيم مع أمه: " اجي نوري لمي دار خوالي"..
وهي مناسبة لبعضهم من اجل لعب دور الطبيب طيب القلب الذي يخاف على صحة المواطن,فيرشده إلى " اكتيفيا" لمحاربة الانتفاخ والتخمة,"دانون" لعشاء لطيف خفيف ظريف يريح المعدة و"المصران" من العمل المجهد,إلى " صابون ديتول" لمحاربة البكتيريا والميكروبات الميكروسكوبية,"تيد" للقضاء على بقع " ليدام" الصعبة, فتح"كوكا كولا" لجلب السعادة والفرح..
يعلمون بان المغربي البسيط يعتبر هذه المناسبة التي من الله عز وجل بها,فرصة لتذوق اللحم الأحمر,لذلك يستخسرون فيه "شنتيفة" اللحم تلك,يخوفونه منها ليمرروا رسائلهم ومنتجاتهم,فالمواطن لا يحتاج إلى أن يفتح " كولا كولا" ولا غيرها ليفرح,يكفيه انه صام يوم عرفة مع الحجاج,وانه استطاع أن يشتري أضحية بسيطة يتشبه بذبحها بإبراهيم الخليل,كما لا يحتاج إلى " اكتيفيا " ولا إلى " دانون" لان معدته ومصارينه لا يعملون بشكل متواصل ومجهد,كما هو حال أصحاب شركات الإعلانات و الاشهارات وأصدقاءهم,وإذا حصل ووقت تخمة أو انتفاخ فهي فرصة للشعور بما يحس به أصحاب الكروش الديناصورية بشكل يومي,فرصة لتجربة شعور الشبع وما فوق الشبع..
من قال بأننا نريد التخلص من أثار بقع "ليدام" فنحن نريد الاحتفاظ ببعض الذكريات التي تعزينا على طول العام كلما مررنا و رأينا قرب منازل أصحاب السعادة بقايا سهراتهم وحفلاتهم التي يقيمونها من اجل السهر على راحتنا والتخطيط الخماسي لمستقبلنا,ومن قال بأننا نبحث عما نغسل به أيدينا وما يذهب برائحة اللحم والشحم, فنحن نريد أن نشم رائحة الشواء والمحمر والمجمر طوال أيام العيد وما بعدها,مادام فيه لحم احمر ,نريد أن تتشبع أيدينا وملابسنا بتلك الرائحة لنشمها ونلمها,نريد أن نغرسها في أسفل الفص الأمامي من المخ,فسيستغرق الأمر سنة كاملة لمعاودة الشم,خاصة في ظل ظروف الغلاء المعيشي والكساد الاقتصادي..
أما من يحاول استعراض "تاشوميشت" فالمغربيات لا يحتجن إلى من يعلمهن كيف يطبخن أجزاء الأضحية,فكونهن لا يملكن القدرة الشرائية على طبخ اللحم طوال ايام السنة,لايعني انهن سيفقدن الذاكرة ولا يعود بمستطاعهن تذكر كيفية التفنن في الطبخ والنفخ..قاتل الله قلة ذات اليد وخلاص ..
