الرئيسية | أقلام حرة | عند ماسح الأحذية

عند ماسح الأحذية

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
عند ماسح الأحذية
 

 

محمد بوعلام.عصامي

+ الديكتاتورية من زاوية المسح  هي من يجد المواطن نفسه مجبرا على  مسح ولعق حذائها أو أن تدوسه بحذائها الثقيل كل يوم.

+ واذا هاجرت فقد تزاول احقر المهن لأنك بكل بساطة في نظرهم قادم من الجنوب المتخلف, وبالتالي يصعب ان تعيش المواطنة من الدرجة الأولى.

+ فعلا ما أشقانا نحن المواطنون البسطاء في كل هذا العام الفسيح الذي أضحى أمامنا أضيق من ركن معزول ومنبوذ !

اذا مررت يوما ما بجوار أحدهم ونظرت الى حذائك وأردت تلميعه عند ماسح الأحذية,فاعلم ياصديقي العزيز أن من ستمد له رجلك ليمسح أوساخ حذائك أنه انسان مثلك قهرته الظروف  في مجتمع لا يرحم وواقع مرير ووطن مسروق أنتج لنا أناسا في الهامش البعيد جدا, لا أحد يكترث بهم وكأنهم من خارج الزمن! 

قبل أن تمد رجلك لماسح الأحذية,فكر ألف مرة,ثم فكر في الظروف ألاإنسانية التي جعلت منه ماسح أحذية  وجردته  من كرامته الإنسانية.فهي نفس الظروف التي قد تسقط فيها انت يوما ما, أوغدا ابنك,أو أحد أبناء أبناءك.., ومن يدري فقد تكون هي  نفس الظروف البئيسة التي داست كرامة أحد أبائك و أنت لا تدري؟

فقط مجرد دعوة للتأمل والتفكر قبل أن تمد حذائك الى ماسح الأحذية لتزهو بلمعانه ونوعيته الايطالية..

فقط تذكر أن في هذا العالم هناك أنواع عديدة من الماسحين والمسّاحين. فقد  تجد من يمسح لك حذاءك ويلمعه بأجر زهيد من أجل لقمة عيش زهيدة! وأن هناك من يحترف النذالة وينحني بخبث جبان ليلعق الأحذية ويمسح غرورالأسياد,ليس من أجل لقمة عيش..ولكن ليجعل بعضا من الأشقياء تحت حذاءه  اشباعا لشجع ومرض عميق متجذر من الخبث و النذالة ! 

أما أنا فانصحك أن تتذكر أن الدنيا فانية وأن الانسان هو "المعاني والقيم الانسانية العليا" وأدعوك أن تحترف المسح بدورك في حياتك الاجتماعية, والمسح هنا يا صديقي هو أن تكون ماسحا من ن تكون ماسحا من نوع آخر, أن تمسح دموع البؤساء والأشقياء من أصدقاءك وأحبائك وأهلك ومعارفك في كل مكان وبقدر استطاعتك, فحتى الكلمة الطيبة صدقة, وأفضل بكثير من المجاملات السخيفة التي تصنع الغرور و الاستبداد في كل مكان فلن ترسم على ملامحك الا سمات من الوضاعة والنفاق والانتهازية الرخيصة..ورحم الله أمرءاً أهدى إلينا عيوبنا.

هناك أناس يستحقون فعلا أن نمسح على دموعهم من أثار الحرمان والتهميش  ليس عطفا و انما تضامنا, ليس معهم فقط  وانما أولا مع انسانيتنا !

هذه هي أخلاق الأنبياء, الذين لم نعهد منهم أحدا يمسح أحذيتهم ولا يفترشون لهم  الزرابي الحمراء !

ليس المروءة فقط يا صديقي أن لا  تنحني للآخرين..ولكن قمة المروءة ألا تجعل الآخرين ينحنون لك.

أو ليس كما قال : من اليمين ولو كان عمر في اليسار؟

 وأنت مقبل على مدِّ أحد رجليك اليسرى أو اليمنى لماسح الأحذية, توقف قليلا يا صديقي وفكر في هذا الانسان,فالانسانية معاني  ولا يحيا الانسان ولايرقى الا بالمعاني. وخذ حذائك وتناول الفرشات من عنده وامسح حذاءك بنفسك,ثم امنحه أجره كاملا كأنه هو من قام بتنظيف حذاءك ثم انصرف..ولا تنسى كلمتي "شكرا "و"عفى الله"..

 أن تشعر بانسانيتك هي أن تشعر وتحس أنك من الاخرين..صدقني حينها فقط ستفهم معنى السعادة الحقيقية.

يجب أن نخلص مجتمعنا من بعض المظاهر التي تحط من كرامة الانسان أو على الأقل أن نعلمها للأجيال الصاعدة فالناس سواسية كأسنان المشط.

"عندما وقف نيرون في شرفة قصره يتمتع برؤية روما وهي تحترق بكامل مجدها، كان يقف إلى جانبه مرافقه الفيلسوف رينون. فسأله نيرون كيف وجد منظر روما وهي تحترق، فقال له الفيلسوف:
"إذا احترقت روما فسيأتي من يعيد بناءها من جديد، وربما أحسن مما كانت عليه، لكن الذي يحز في نفسي هو أنني أعلم أنك فرضت على شعبك تعلم شعر رديء فقتلت فيهم المعاني، وهيهات إذا ماتت المعاني في شعب أن يأتي من يحييها من جديد ".

 وقتل المعاني هنا من" زاوية المسح" في غياب الشفافية, هي عندما  يجد المواطن نفسه مجبرا على تقمص دور ماسح ولاعق للاحذية لتخطي المراحل وتبني نهج الوصولية,القانون الذي يتعايش مع الديكتاتورية عوض المثابرة, أو أن تجد نفسك حقيرا تحت حذائها الثقيل !

 

أرجوكم لقد سلبتم كل شيء فلا  تسلبوا العقول عندما تقتلون المعاني !

              السلام عليكم        

 

[email protected]

 

مجموع المشاهدات: 4291 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (1 تعليق)

1 | moha olho
فعلا ظاهرة مسح الأحذية أصبحت منتشرة بكثرة في شوارع مدننا وقرانا رغم اختلاف العوامل المؤدية اليها. نتمنى أن تزول في شوارعنا لكوني أنا أرى أنه من العيب أن تمد رجليك لانسان مثلك طالبا منه تلميع أحذيتك مقابل دريهمات قليلة. أنا شخصيا أمتنع عن منح تلميع أحذيتي في الشارع ليس من التزقريم ولكن احتراما لانسانية الانسان .ونفس الشيء ينطبق على العامل في الحمام او مانطلق عليه بالعامية : أكسال / الكسال .أستحيي أن أطلب من ِشخص كبيرـ قد يكون في عمر أبي ـ حك ظهري مقابل 10 دراهم .
مقبول مرفوض
0
2011/06/02 - 02:23
المجموع: 1 | عرض: 1 - 1

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة