فضيحة "ملعب الرباط" والحساب الإنتهـازي الضيِّـق
أخبارنا المغربية - عبد الرحيم القــاسمي
إذا كانت "فضيحة ملعب العاصمة" ،قد كشفت للعيان عن بعض أوجه الفساد التي لا تُفارق الكثير من الأوراش الكبرى ببلادنا؛ فإنها بالمثل كشفت عن غياب الموقف الواضح من لدُن الحكومة ،أمام قضية مست الشعور العام لكل مغربي وطني غيور على صورة بلاده على المُستوى الخارجي.
وإذا كان المُواطن المغربي يُنادي بأعلى صوتٍ في كثير من المُناسبات بضرورة تفعيل بُند ربط المسؤولية بالمُحاسبة ،كلما وقعت واقعة أو حلت كارثة ؛فإن الحسابات السياسوية تقف أحياناً حجرة عثرة دون تحقيق ذلك في خرق سافرٍ لما جاء في دستور 2011.
في بداية أشغال المجلس الحكومي الذي انعقد الخميس الماضي، قال السيد رئيس الحكومة مُعلقاً عن فضيحة المجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله ، "ما وقع بهذا الملعب ليس كارثة وطنية"، موضحاً أن ما جرى هو إشكال محرج تم فتح تحقيق بخصوصه، والأمور ستأخذ طريقها إلى النهاية، فيما نتائج التحقيق ستعلن في وقتها".
كما شدد في ذات المجلس على أن "يستمر الوزراء في العمل بجد وتفان، كل في قطاعه المسؤول عنه، حتى تتم معالجة الإختلالات التي يمكن أن تقع في مسار الحكومة"، قبل أن يستدرك بالقول "إيجابيات الحكومة مُتوفرة، وليس هناك مسار يتسم بالكمال"، وفق تعبيره.
يومٌ واحدٌ بالتمام والكمال على كلام السيد رئيس الحكومة ،الذي لم يُوفق في تقدير حجم الضرر الذي خلفته الفضيحة ؛خرج بيانٌ للديوان الملكي يدعو بنكيران إلى فتح "تحقيق مُعمق وشامل لتحديد المسؤوليات" ،كما طلبه بـ "تعليق أنشطة وزير الشباب والرياضة المرتبطة بهذه التظاهرة الرياضية الدولية الهامة، ومنها على الخصوص حضوره في المباراة النهائية، وذلك في انتظار نتائج هذا التحقيق".
أمس السبت ،وأثناء لقاء الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية المجتمعة بالرباط ،أوضح الأمين العام لحزب المصباح ضمن مُداخلته التي افتتح بها اللقاء، أنه "سيتخذ الإجراءات اللازمة حال انتهاء التحقيق في حق كل من ثبت تورطه في ما وقع"، مؤكداً "أنه لا يُمكن أن يرضى بالإضرار بصورة الوطن وهدر المال العام".
على ما يبدو أن الموقف تبدّل، فكلام رئيس الحكومة في المجلس الحكومي عوَّم القضية مما يُفهم منه أنه أراد طمأنة حليفه المعني في الحكومة ،مما يوحي بالقول أنه كذلك حريص على تماسك تحالفه ؛في حين كلمة السيد أمام أمانة حزبه جاءت مُغايرة لسابقتها.
إن الحساب الإنتهازي الذي جسده الموقف الأول لرئيس الحكومة ،ابتعد عن حسم الأمور من زاوية مسؤولة وواقعية ،إذ حاول إقامة موقع تعادل مستقر لتحالفه.وهذا النهج يقود لا محالة إلى خُسران الكثير، ذلك أن المواقف الحائرة المترددة لا تستطيع إطلاقا المُحافظة على مواقعها الراهنة ومن ثم تأمين وجودها السياسي الفاعل.ومن هذا المنطلق، أمكننا القول أن الموقف القوي و الواضح في مثل هكذا قضايا،هو قبل كل شيء إخلاص للحقيقة لأن غايته الأساسية الكسب المبدئي وليس الحفاظ على تماسك التحالف وفق الحساب الإنتهازي.
عدد التعليقات (7 تعليق)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟