الرئيسية | أقلام حرة | مواطنان يتزوجان

مواطنان يتزوجان

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
مواطنان يتزوجان
 

 

في البدء ، وفي المنتهى ، هذا كل ما في الأمر، مواطنان يريدان الزواج، الشأن شأنهما ، إنه أول مايجب أن يتبادر إلى ذهن عاقل ، قبل التفكير في خوض غمار الحديث حول الخاص ، والعام ، وما بينهما من اتصال ، أو انفصال . ما حصل الآن هو أن خبر زواج الوزيرين ، أصبح شأنا عاما، بالصيغة التي أصبح بها ، هذا ما حدث ، كيف حدث ، ولماذا حدث ، أسئلة من هذا القبيل أصبحت الآن متجاوزة . 

 يبدو لي أن ما جرى ويجري من كلام حول الوزيرين ، المعنيين ، لايخلو من فائدة ، إننا نتعلم الكلام ، ويبدو أن طريقنا إلى التعلم ما زال طويلا ، نحتاج إلى جهود كبيرة من أجل امتلاك منطق في الحديث، وحيازة رصانة في القراءة والتأويل ، ونجاعة في التواصل والتفهم ،إذا أردنا حقا أن نتواجد جميعا ، ونتساكن جميعا ، ويدلي كل بدلوه ، من أجل هذا الوطن .                                                                    

 في هذا السياق ، الذي أريده إيجابيا ، وبصدد حدث الوزيرين ، وما صاحبه من تداعيات ، أحب أن أدلي بالملاحظات التالية : 

1 _ بصدد إثارة الموضوع ابتداء : من يتحمل إثارة هذا الموضوع الخاص بداهة ؟ ، لا يتصور أن يكون الوزيران هما من قاما بإشاعة خبر نيتهما الزواج ، هناك إذن من تلصص ، وتجسس ، وأسرع بالخبر إلى العالمين ، هناك من يخلط ما لايخلط ، لغايات تكون في مثل هذه الحالات غير بريئة ، بل وخسيسة .                                                   2 _ بصدد الكيفية التي أثير بها الموضوع : يبدو أن مشكلتنا مع الكيف كبيرة ، بل وعويصة ، إنها ضريبة التخلف الفكري ، والتربوي بامتياز ، قلما نوفق في تقديم القراءة الرصينة ، والهادئة للأحداث والعوارض ، في هذا إدانة قوية للكثير من نخبنا ، السياسية منها ، والإعلامية ، التي لم تكن موفقة في تناول موضوع ، يتقاطع فيه الخاص والعام ، عبارات ، وتأويلات تم اقترافها ،كانت مسيئة لشخص الوزيرين المواطنين، تهم أخلاقية جاهزة تم كيلها لهما ، إنه لأمر مؤسف هذا التدني في الخطاب ، نختلف مع الوزيرين ، نعم ، نقول لهما رأينا فيما أصبح عاما ، من شأنهما ، نعم ، لكن ، ليس هكذا ، وليس بهذا القاموس الضحل ، والمشحون حقدا ، وكراهية ، ورغبة في الإنتقام .

3 _ بصدد الفعل ( الزواج ) موضوع الإثارة : ماذا فعل الوزيران ، هل ارتكبا محظورا شرعيا  ، أو قانونيا ، هل خرقا مدونة الأسرة ، التي وضعت للتعدد شروطا ، دون أن تلغيه ، هناك من انبرى يقدم دروسا للوزيرين ، يقول إنها في الحداثة ، وفي التحضر ، ولكن ، من قال إن الحداثة تتنافى مع التعدد ، حين يكون التعدد ، تعددا ، بالمعنى الذي تعرضه المدونة . إن الحداثة كغيرها من الكلمات ، تفقد معناها ، وتتفسخ مضامينها العميقة ، حين تتحول إلى عبارات للاستهلاك المجاني على الطرقات ، لماذا لا يكون عين العقل ، وعقل الحداثة ، هو ذهاب الوزير، وبصحبة زوجه الأولى ، وعائلته ،لخطبة زوجه الثانية ، أليس في هذا قمة الإرتباط ، والإنسجام و المحبة ، ثم وما أدرانا بالأسباب ، ولم السؤال عنها ابتداء . ألسنا نقول ، إن بلادنا بلاد التعدد ، التعدد في الفهم، وفي السلوك ، وفي الإختيارات ، والتعدد في الزواج أحد هذه الإختيارات،علينا أن نتعلم كيف يحترم بعضنا البعض ، الحديث عن التعدد لايخلق التعدد ، التعدد واقع يعاش ، ويحيى بين الناس .

4  _ التعدد الأحادي أو هو التعدد بالمقلوب : منطق غريب يسكن بعض المتحدثين في موضوع العلاقة بين الجنسين ، يرفضون مثلا تعدد الزوجات ، ولو بمنطق المدونة ، وفي المقابل ، وبلا مقدمات منطقية ، ولاأخلاقية، يدافعون عما يسمونه الحق في الجنس خارج مؤسسة الزواج، ومنه الحق في تعدد الخليلات ، والخلان ، ثم الحق في الإجهاض، وبإطلاق ، بمعنى الحق في قتل النفس ، وكل هذا ينادى به ،   باسم الحرية  والحداثة مرة أخرى ، من حقنا أن تكون لنا آراء ، ندافع عنها ، لكن ، دون أن نفرضها على الآخرين ، هكذا نتعدد فعلا ،                                                    

نعم ، هي حياتهما الخاصة ، وفيها بعض العام ، بما هما شخصيتان عموميتان ، ولكن ، بأي منطق ، وأسلوب ، ونظر ، يجوز الحديث،ويصح ، ويستقيم ، هذا هو السؤال .

 

 

 

 

 

 

 

 

مجموع المشاهدات: 1946 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة