الرئيسية | أقلام حرة | لحظات تاريخية من الزمن السياسي المغربي الجميل‏

لحظات تاريخية من الزمن السياسي المغربي الجميل‏

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
لحظات تاريخية من الزمن السياسي المغربي الجميل‏
 

 

إن السياسة قبل كل شيء ، فهي أخلاق

فالأخلاق جزء لا يتجزأ من الرؤية الذاتية للإ نسان والتي تحدد له الى حد كبير صورة العالم الاجتماعية - السياسية. وبما أن السياسة هي واحدة من أهم مجالات النشاط الإنساني، فإنها لا يمكن ان تكون منفصلة عن الأخلاق.

القيم والمعايير الأخلاقية ذات العلاقة بعالم السياسة ومؤسساتها وعلاقاتها، والسلوك السائد في هذا المجتمع أو ذاك، تشكل مجتمعة الأخلاق السياسية المستخدمة لتقييم النهج السياسي للنظام الحاكم والنشاط السياسي للأحزاب و المنظمات والأفراد. *.(1)*

أما عن إشكالية العلاقة بين الأخلاق والسياسة، فإن المذهب الواقعي في السياسة الذي أسسه ميكيافيلي و لازال حاضرا في الحياة السياسية المعاصرة يجرد السياسة من أي اعتبارات أخلاقية، ولازالت نصائحه المدونة في كتاب الأمير ملهمة لكل من يريد أن يمارس السياسة بغرض الحصول على السلطة والمحافظة عليها ويسعى لممارسة القوة والنفوذ، غير أن ميكيافيلي الذي نجح على صعيد الفكر والتنظير فشل فشلا ذريعا في عالم السياسة والسلطة، وهذا هو الجانب المجهول عند كثير من الناس في حياةالرجل*(2

ويقول المفكر المغربي حسن أوريد

قد أتيت إلى الأدب علي سبيل الصدفة. من خلال مسالك عدة، لا تفضي بالضرورة إلى الكتابة أو للكتابة الإبداعية. درست العلوم السياسية، واشتغلت في مضارب السياسية، وأهمتني شؤونها، وغلبني طموحها…وكان لي أن أكتشف الجوانب الخفية من الممارسة السياسية…هذا الاكتشاف، المشفوع بالخيبة، هو ما دفعني أن أعيد الصلة مع تمرين كاد أن ينقضي من حياتي، أن أقرأ، وأكتب، وأتخذ لنفسي مسافة مع الأشياء، الأحداث و الأشخاص ؟ استقيت فكرة بيسوة من أن هناك وشيئا أهم من الحياة و حوّرتها : هناك ما هو أسمى من فعل السياسة، التفكير فيها.*3

...تذكروا معي 1998فبرايرتذكروا معي، لما تشكلت حكومة التناوب في شهر ألف مرة أو أكثر هذه اللحظة التاريخية من حياتنا السياسية بالمغرب ، فكم كانت حينها فرحتنا كبيرة نحن جيل الستينات والسبعينات لأننا عشناها بقلوبنا وعقولنا ، لما كنا نشعر به من رغبة في التغيير نحو المستقبل... فكم بعدما تم التوافق حول حكومة التناوب برئاسة المناضل كانت سعادتنا أكبر ، المغربي الشهم عبد الرحمان اليوسفي ...وكان ذلك بعد سنوات طوال من الصراع ...وكم كانت آمالنا كبيرة أيضا في هذا الإصلاح السياسي المنشود تذكروا معي ثورية جبران، هذه الممثلة المغربية المقتدرة ، محترفة المسرح متياز ، وهي فوق الخشبة...في عز مجدها وعطائها وشبابها...تذكروا معي ، با*العيطة عليكمسرحية تحت عنوان *

فثريا جبران التي كانت تحبها أمي -وأحببتها قبل أن تتأسس أيّة علاقة لي بالمسرح، أحببتها لأن أمي كانت تحبها- تهادت تجربتها في “مسرح اليوم” صامدة، مناضلة، فالمسرح في المغرب نضال بلا شك، بل في العالم العربي برمّته، وقدمت مسرحيات لافتة مثل “نركبو لهبال” من تأليف عبدالواحد عوزري و ”النمرود في هوليود” لبرشيد و ”سويرتي مولانا” و

”الشمس تحتضر” و”أيام العز″ و ”اللجنة” و ”طير الليل” و ”إمتا نبداو إمتا” و ”البتول”، و ”العيطة عليك” و ”امرأة غاضبة” و ”الجينرال” و ”أربع ساعات في شاتيلا”، و ”ياك غير أنا”.

سيُلقي المسرح بثريا جبران إلى ضفاف السياسة، وستجد نفسها يوما ما وزيرة للثقافة، بقيت ثريا الوزيرة هي نفسها ثريا الممثلة المسرحية، وخلال نفس المرحلة كانت التلفزة تقدّم المسلسلات أو الأعمال السينمائية التي شاركت فيها “السيدة الوزيرة” قبل استوزارها، و كانت تصلنا أصداء ذلك من نقاشات في ردهات البرلمان والحكومة والأصوات التي كانت تطالب بتوقيف بث تلك المسلسلات لأنها لا تتناسب مع “هيبة السيدة الوزيرة”. وكانت تصلنا أصداء إصرار ثريا على تقديم تلك الأعمال، لأنها لم تتخلّ يوما عن هوية الفنان فيها، و لم تتخلّ يوما عن انتمائها للفن و للمسرح، و كانت تدافع عن ذلك

وزيرة، بحجم فنانة، أيهما الأكبر؟ المهم، ثريا الوزيرة لم تتخلّ عن هوية الفن، ولم تتخلّ عن المسرح، لهذا، ربما، وجدت نفسها يوما ما مريضة، إذ من المستحيل أن تجمع في اللحظة نفسها بين الفنان والسياسي، لا بدّ أن تتخلّى عن أحدهما، وفي النهاية، تخلّى جسد ثريا عن السياسي، وحافظ على الفنان، ثريا أثبتت لنا أن الفن قد ينتصر على السياسة بهدوء؛ شكرا لك ثريا*4*.

(و العيطة بالذات ، لما قالت بصوت حزين تذكروا معي أيضا هذه اللقطة ، و الأستاذ اليوسفي حينها كان حاضرا عليك أسي عبد الرحمان اليوسفي)يتابع ملحمتها المسرحية... 2011في قاعة ثريا السقاط بالدار البيضاء سنة هذا الرجل الذي أحبه المغاربة وبصدق ، كما أحب هو أيضا وطنه ودافع بلوماسيا واقتصاديا و... ولم ينفضه التاريخ السياسي عنه ، حقوقيا ودالمغربي ، لثقل وزنه وقوة شخصيته وهيبته ورمزيته الوطنية والدولية في الدفاع عن الديمقرا طية وحماية حقوق الإنسان ، فقد سبق له أن مارس ه مهنة المحاماة و ا ستبر أغوارها ، لحنكته وخبرته وتجربته وقناعاته بمبادئفي الدفاع عن حقوق الإنسان وكرامته... ، وتذكروا معي أيضا الأستاذ الكبير محمد العربي المساري أيقونة الصحافة المغربية وذاكرتهاـ رحمه الله وطيب

الله تراه ، لما تسلم وزارة الإعلام والاتصال حينها في حكومة التناوب ، سيقدم عليه من إ جراءات فسأله أحد الصحفيين مباشرة على الهواء، عن ماعملية واستعجالية لإصلاح الإعلام وهو الآن قد أصبح في مركز القرار؟؟ فكان رده سريعا وبديهيا : سنشرع طبعا في تطبيق ما كنا نخرج به من توصيات وقرارات خلال مناظراتنا السابقة حول إصلاح منظومة الإعلام الصحفي الكبير الأخ محمد ...تذكروا معي أيضا المناضل الصامت ووالذي عرف عليه "سمو أخلاقه وتمسكه بالمبادئ الاتحادية الكعص (5واطلاعه الواسع وصلابة موقفه" حسب بعض المناضلين الاتحاديين..)**.

والذي مازالت الذاكرة السياسية للشعب المغربي تحتفظ به ، فقد ارتبط سماها بتسميته (المخيمات اسمه بإبداع فكرة المخيمات الصيفية ، والتيالشعبية)... تذكروا معي كل ما له علاقة بهذا الزمن السياسي المغربي الجميل الذي افتقدناه وبدأنا نحن إليه شئ فشئ

فقد كانت السياسة المغربية حينذاك لها ذوق وطعم خاص، ولا ر من واجهة ، يمارسها إلا من استطاع إليها سبيلا ، لأنه سيصارع على أكثخاصة إذا كان يحمل هموم الشعب وطبقاته الفقيرة والمحرومة ، وانظم لأحد أحزاب اليسار ، والتي التصقت في ذلك الزمن بهموم الطبقة العاملة وصغار الموظفين والحرفيين، لتدافع عنهم وعن مستقبل أبنائهم ضد كل رية والمساواة أشكال التمييز و اللامساواة ، ومن أجل الكرامة والحوالديمقراطية وحقوق الإنسان ...

إنه، كان بحق فريقا سياسيا متكاملا، عاش السياسة، وعاشرها بحب ونضال وتضحية نحو مغرب الغد ...مغرب المساواة والديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وارجاع المظالم لأصحابها ...نعم فريق سياسي مغربي جاء من أجل لا شئ غير الإصلاح ،وإعادة الاعتبار للعمل السياسي النبيل حتى الإصلاح ،وتصبح له روح ، وحتى تصبح له مدرسة سياسية بخصوصيات مغربية ، قد يكون قد ساهم في التنظير لها أساتذة ومفكرون كبار أمثال عابد الجابري ، د وعبد الله العرو ي و علي أ ومليل ومحمد كسوس والمهدي المنجرة وعبالقادر باينة وباهي والساسي ومحمد عزالدين التازي واللائحة تطول... ومن أجل أن يتخرج منها سياسيون جدد، يمارسون العمل السياسي النبيل بحب في إطار تكثلات وتحالفات ديمقراطية ...ولم لا قد ننافس بها ، نحن أيضا

طانيا أو فرنسا أو الدول الراقية ديمقراطيا على الصعيد الدولي ، كابريألمانيا و لما الجارة الشمالية إسبانيا القريبة منا جغرافيا وغيرها

وبذلك سنتوفر على قطبين سياسيين يتنافسان ديمقراطيا في جميع الاستحقاقات الانتخابية التشريعية منها والجماعية، وتبقى الفيصلة حينذاك ار والبرامج المطروحة ، وبذلك للشعب عبر صناديق الاقتراع ، ونوعية الأفكتتشكل التحالفات حسب المرجعيات الحزبية والايديولوجية

وبذلك غابت الممارسة السياسية الحقيقية والصراع الحزبي المتمثل في جودة الأطر و البرامج والأفكار ، وفي غياب قوة سياسية يسارية ديمقراطية ثيبا جدا ومخيفا أيضا، لأن ، ليتحول الزمن السياسي الحكومي ثقيلا ورشعاراته هي الاصلاح وإنقاذ ما يمكن انقاذه بالزيادة المتكررة على المواطن الفقير والمتوسط والبسيط... ثم كذلك بالنسبة للغة الدخيلة على منظومتنا السياسية من تماسيح وعفاريت وهلم جارة... وغابت المفاهيم السياسية ها والتي عادة ما يتم انتاجها تبعا للحظة التاريخية الحقيقية التي اعتدنا عليوالسياسية التي يعيشها جميع الفاعلين السياسيين في حينها، كالكثلة الديمقراطية ،أم الوزارات ، حكومة التناوب، لجنة المصالحة وجبر الضرر وغيرها من المصطلحات السياسية ذات حمولة فكرية وايديولوجية

فالسياسة أخلاق يا من يمارسها ، قبل كل شئ...السياسة علم كباقي العلوم الأخرى لها مبادئها وأسسها ، و نمارسها بوعي وبحكمة لننتصر للحق تدبير وللمساواة وللكرامة ضد القهر والظلم والاستبداد ...السياسة وحكامة ...السياسة هي كيفية التعامل مع ما هو ممكن ...السياسة لاتمارس بعفوية ومزاجية وبدون أن نحسب خطواتنا كما قال الدكتور المهدي المنجرة قد لانعرف أنه الحائط ولا نحسبها جيدا حتى نصطدم به ( رحمة الله عليه: لسياسة لا تمارس خارج ...اوحينها نقول إن هذا حائط حقيقة وليس كذبا)إطارها الدستوري والقانوني ...السياسة هي منظومة متكاملة ، لا تقبل التجزئ ..السياسة ليست لعبة ، السياسة ليست مكر ولا بهرجة ولا خديعة ...السياسةأخلاق

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت //فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

المقال ، بأن السياسة قبل كل شئ فهي أخلاق إذن قد نجزم في نهاية هذا ... ونصبح وكأننا في غابة وإذا ما غابت عنها الأخلاق تحولت إلى لعبة الأدغال من استطاع الروغان راغ و من غلب وانتصر قهر، وغيب وسط مبادئ الكرامة وحقوق الإنسان في الحرية والمساواة والديمقراطية

مجموع المشاهدات: 999 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة