الرئيسية | أقلام حرة | المغربي يجهل مفهوم الاعتراف بكل الديانات، لا مخرج لنا من غير التعايش المطلق

المغربي يجهل مفهوم الاعتراف بكل الديانات، لا مخرج لنا من غير التعايش المطلق

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
المغربي يجهل مفهوم الاعتراف بكل الديانات، لا مخرج لنا من غير التعايش المطلق
 

 

أنا بهائي وأنت مسيحي وأنتِ يهودية وأنتِ مسلمة وأنت بوذي وأنت سُني وأنتِ شيعية وأنت أحمدي وأنتِ لا دينية وأنتِ ملحدة ولكن ألسنا كلنا مغاربة ومواطنين تحت راية واحدة نستنشق نفس الهواء ونتدفأ بنفس الشمس وهدفنا العيش في الهناء والرخاء؟

 

هل المهم هو عقيدتنا أم وحدتنا كمغاربة وكعائلة مجتمعية؟ هل المهم أن البقال والنجار والموظف والعسكري والشرطي والصيدلي وسائق الطاكسي والممرض والطبيب والصحافي والفلاح والسماك أن يفرض عليه خدمة المغاربة من نفس الدين فقط ويتجاهل الآخرين أم المهم هو أن يخدمك مهما كانت عقيدته وعقيدتك ولا يرى فيك سوى مواطن مغربي بحاجة إلى خدمة؟

 

هل بعد قضاء غرضك يهمك أن تعرف إن كان من خدمك (أستاذا أو شرطيا أو بقالا) من نفس ديانتك أم أن الموضوع لا أهمية له ولم يخطر حتى السؤال بذهنك؟ بطبيعة الحال لا أحد يطرح هذا السؤال وكأنه اعتراف بإيمان الآخر كيف ما كان إيمانه فلماذا إذًا رفضُ الاعتراف بدين الآخر؟

 

المغربي لا يدرك مفهوم "الاعتراف" بدين الآخر ويخاف من هذا الاعتراف ويفضل الاختباء وراء تقديم الدلائل عن عدم اعترافه اعتبارا أن كل المغاربة مسلمون وإذا غير أحدهم عقيدته يعتبره مرتداً وهذا غير منطقي إذا طبقنا هذا الحكم على كل البشرية وإلا قد تصبح كلها مرتدة! اليهودي مرتد والمسيحي مرتد والمسلم مرتد والبهائي مرتد والملحد مرتد عما كانوا به يؤمنون من قبل؟ كما يشعر المغربي كذلك بالألم لما يرى مغربيا غير دينه ظناً أن لم تعد هناك قيمة لدينه بسبب خروج الآخر منه (كأنه حزب سياسي) ولهذا يقوم بالدفاع عن دينه باحتقار المرتد (حسب حكمه الخاطئ) وإيمانه وعدم الاعتراف به وبعقيدته.

 

الإيمان هو جزء من وجدان الإنسان وعدم الاعتراف بدين المغربي يعني عدم الاعتراف بإيمانه الشخصي وكمواطن وهذا يعني عدم الاعتراف بوجدانه الكلي ويصبح الاعتراف به جزئيا ويوضع في خانة الأقلية الدينية وهذا السلوك هو عنصري وفيه تمييز ويمنع هذه الأقلية من الاندماج الاجتماعي وتوضع داخل جدار دائري مغلق كعقوبة لها ولقرارها لتغيير العقيدة؟ ألا يذكرنا هذا بما قام به قريش ضد أوائل المسلمين الذين اضطروا للهجرة؟ هل لا نرى حاليا ما يحدث في برمانيا بسبب عدم التعايش والنظر إلى المسلمين مختلفين عن المؤمنين البوذيين وليس كمواطنين ولم يسمح لهم بالاندماج التام لتحقيق التعايش المطلق؟

 

الاعتراف بما يؤمن به الآخر لا يشكل خطرا ولا يعني أن هذا الدين أفضل من دينك أو أن هذا الدين حقيقي من السماء وليس الآخر لأن هذا يدخل في باب المعتقد الشخصي ولا يهم إلا المؤمن به. الاعتراف لا يشترط تقديم الدلائل بأن هذا أو ذاك الدين هو بالفعل من عند الله لأن لا أحد بإمكانه تقديم هذه الدلائل وكل ما في الأمر أنه في بداية كل الديانات ادّعى شخص بأنه رسول من الله وهناك من آمن به بدون أدلة وهناك من رفضه رغم رؤيته للمعجزات في وقت الرسول المعني. أما نحن في هذا الزمان لا أحد منا رأى معجزات الرسل ونحن كلنا سواسية أمام العجز على تقديم الدلائل القاطعة وهذه العملية كل ما بإمكانها صنعه هو إنتاج الجدال والنزاعات بيننا.

 

فعلى المغربي أن يحترم الإنسان كمخلوق الهي ويحترمه لأنه مواطن مغربي له الحق في العيش ببلده رافعا بيده راية حمراء تتوسطها نجمة خضراء ويحترم ما طاب له أن يؤمن به من دين ورسول وفلسفة عيش ويعترف بإيمانه احتراما له وهذا هو سر الاعتراف بدين الآخر بدون تمييزه بأقلية دينية ولا يعني أن دينه أفضل أو أقل من دين آخر وهذا هو سر التعايش والأخوة والمحبة والتضامن بين المواطنين وسر السلم والاستقرار المجتمعي. هل يرضي الله أن تسود بيننا الضغينة والعناد؟ وهل عدم التعايش والاعتراف بإيمان كل إنسان ليس دليل على عدم الاعتراف بالله؟ فلنتعايش بالروح والريحان مع جميع الأديان.

مجموع المشاهدات: 966 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة