هل هذا زمن الاحتقار؟

هل هذا زمن الاحتقار؟

الحسين أربيب

 

 

 

لقد سئمنا من دفعنا الى الوراء حيثما اتجهنا كأننا أغنام فيها الجرب ، نواجه بقساوة في الإدارات كما في  أبواب المشافي ، نضرب بقساوة من قبل عسكر البلاد أمام مؤسسة أخذت أصواتنا وحولتها أوراقا استمدت منها "شرعيتها" وقبضت القروض باسمنا من البنوك الدولية ولم تصلنا ولو حوالة واحدة تحمل رقما و ثلاثة أصفار، بل كلها أصفار  ، وقذفت بنا في الشوارع بالرغم من أن الوطن أنفق على تعليمنا ونلنا شواهد علمية لرفع الفقر عن ذوينا ودفع عجلة التقدم لبلادنا ، لماذا كل هذا ؟ لأننا لا نملك قوة المال ولا قوة الجاه والقربى والوساطة ، لأننا رفضنا الانحناء والاستجداء لنيل حق الشغل وحق الحياة الكريمة وجميع الحقوق . نرمى على الأرصفة كالقمامة لا يلتف الينا أحد ، نحن ذرية  الذين بنوا هذا الوطن بقلوبهم ودمائهم ، فلولاهم ما استطاعوا الوصول لأن جهل بعضهم  سهل لهم الركوب على أكتافهم  ، لأنهم "نية" بل قالت عنهم بعض الألسن انهم " اكوانب" لكن لن تدوم الحالة على حالها لقد استفقنا نحن الأبناء  من نومنا ولن ننام مرة أخرى سنبقى على يقظة على الدوام حتى لا تسرق منا ما تبقى لنا من ذواتنا وعزتنا ، لن نركع لأدمي ولن ننحني طمعا في خبزة حافية وتتبعها نظرة إذلال ، بل سنحدق بكل عيوننا ونشير بكل أصابعنا للذي خطف منا الفرحة ونهب كل خيراتنا ، سنصرخ في وجه كل طاغ أننا قادمون فلن ترتاح في بحبوحة سرقتها من جلودنا ولن تنسج من الآن ثيابا من خيوط عروقنا ، فزمن الحكرة قد ولى ، فارحل لتصطاد أرانب غيرنا فلم نعد فرائس سهلة، لن تغرينا بوعودك ولن تنطلي علينا لعبة شاخت ولم تعد تلهينا ، لقد بلغنا من النضج ما يكفي لبناء مغرب لا مكان فيه للحكرة . فلم تعد الكلمات المعسولة تسيل ريقنا ولن نفتح أفواهنا بالنعم وأنتم بعدها تنعمون بخيراتنا ، لن نضع الورقة في الصندوق حتى نعرف الصندوق ومن صنعه ، حتى لا يكون لنا مصيدة كما كان دائما يأتينا بوجوه غريبة لا نعرف من أين تأتي وما تاريخها ، وهل لها تاريخ ؟ لا ليس لها من التاريخ سوى  صفحات من السواد. فكم من عنصر كان يعذب رجالا شرفاء تربع على كرسي ممثل الشعب ، ومازالت عيونه تحدق بشرارة وقساوة في ردهات البرلمان ودهاليز المسؤولية  وهو يحن لزمن الحكرة حيث كان ينقض على كل بريق أمل ويرديه رمادا بكل أصناف التعذيب التي مازالت ذاكرة السياسين موشومة بها ولهم فيها ما يقولون لتأريخ المرحلة التي أرادوا لها أن تزول من سجل الذاكرة ، فهل كانت هيئة الإنصاف والمصالحة في مستوى مسح الجروح ؟ وهل التعويض المادي قادر على ذلك؟  فلون الرماد مازال يغطي مساحات كبيرة من سياسة البلاد في مجال الحريات والحقوق ومازال المواطن يبحث عن موطئ قدم في تراب وطن سيجوا مساحاته من شواطئ وأراضي وبحار وأصبح ضيعة خاصة . أين نحن ذاهبون ؟ ألا يكفي ما قدمنا من قرابين للحوت في أعماق البحار من أبنائنا ؟ ألا يكفي غربتنا عن وطن لا نراه إلا عبر أخبار تأتينا لنعاود الحساب ونصبر على البقاء لأن السياسة القائمة لم ترسم في مخططاتها زوارق العودة للوطن مع مفتاح مشروع عمل في اليد . هل بحارنا لا تكفي لمراكب صيد تقليدي يطعم أبناء القرى المجاورة ؟ هل الأراضي الخصبة ورثت بالكامل ولم تبق للدولة ما تمنحه للشباب العاطل لاستغلالها في شكل تعاونيات أو في أي شكل يساهم في نزع شوط الفقر والبطالة ؟ هل عقم السياسة وصل الى حد لا رجعة ؟ ولنا من النخب والمفكرين ما يكفي لتحويل البلد الى حديقة تفوح منها الأزهار  . غدا سنرحل لمستوى آخر من الوعي والنضج، وسنبني الأمل لأن الوطن لا يمل من ضم أبنائه واحتضانهم مهما بعدت ونأت السياسة في دهاليز الضباب. وسنبني زمنا غير هذا الزمن      .  

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة