متخبطو الداخل الإسلامي5: نموذجهم الدولة العلمانية

أقلام حرة

21/06/2022 00:34:00

سعيد المودني

متخبطو الداخل الإسلامي5: نموذجهم الدولة العلمانية

تابع..

وهم أصناف.. منهم "ممخزنون"، "ممخبرون"، يدرون ما يفعلون.. فهم مرتزقون، متكسبون، متنفعون، منتفعون،، وعلى آثارهم دهماء تابعون(تابعين جيلالة بالنافخ)..

ومنهم من تورط في "سوء حسبة"، حتى إذا انتبه أخذته العزة بالإثم ومنعه كبرياؤه من التراجع.. فأصبح مضطرا أن يرى بمنظار الطائفة: سوادها سواده وبياضها بياضه!!!..

ومنهم من جرفته العلاقات الشخصية، ليجد نفسه متورطا، أو ملزما باتخاذ مواقف قد لا يكون يتبنى عمقها،، ولا يستطيع الدفاع عنها.. وإنما وقف الموقف ارتباطا بأشخاص معينين..

ومنهم من وقف هناك هروبا من مواجهة أو سجال معين، أو تفاديا لتأطير معين.. ذلك أنه يخشى أن ينعته الأقران المعاصرون التقدميون الحداثيون العلمانيون المتنورون،، يخاف أن ينعتوه بالظلامية والرجعية والأصولية...، فيُنبذ في الصالونات،، ويسقّف مستقبله الوظيفي والأكاديمي و"الإشعاعي"...!!!..

ومنهم من يقتات من شرعية واقعية تاريخية، سطرها بضع أبطال، ونسفها خلفهم بعض الأنذال، بما ارتزقوا بها ومنها..

ومنهم "مناضلون مثقفون"، سبق لهم أن اشتموا رائحة "جرعة نضال" رفقة مناضل سبعيني، فأخذتهم العزة بالغي، واستحلَوا الوفاء للباطل.. فثبتوا صامدين على زيغهم، متشبثين بضلالهم، خشية أن يقول الناس "لان أبو جهل"،، أو ربما هم للجهل نفسه أقرب.. أو مروا بتجارب متناقضة، ولم يوفَّقوا في التوفيق بين تناقضاتها.. وفي هذه الحال غالبا ما تكون آخرُ تجربة هي آخرَ ما يعلق بالذهن، وتفرض العلاقاتُ المبنية عليها في سن متأخرة حاجزا يمنع من تغيير الموقع، ولو اتضح ضلاله، ليبقى أقصى ما يمكنهم فعله هو محاولة الموافقة بين المتضادين والبحث عن موقف وسط لا يعدو أن يكون إيغالا في التخبط وتجسيدا له،، اللهم ما كان من بعض الشجعان القادرين على الانقلاب الراديكالي العلني..

وإذا كان هؤلاء -على علتهم- هم المأمول مخاطبتهم، فإن عيبهم في الشكل والمضمون.. والمضمون أهم والبدء به أولى. ومتنه أنه لا برنامج لهم شخصيا ولا لذويهم تنظيميا في الفكر ولا في السياسة ولا في الاقتصاد، فقد جربوا الدهر بحاليه(في جل الكنطونات): رخف الحكومة وشدة المعارضة،، ولم يأتوا بخير في الحالين.. أما على مستوى الشكل، فيكفي أنهم يعانون من إفلاس كوني،، هم حقيقة من ينطبق عليهم ما يرمون به غيرهم: "رجعيون، ماضويون، ظلاميون، ضبابيون"...

هم مسلمون، غير أنهم يعترضون على "تدخّل الفقيه في السياسة"،، وهذا من حيث المبدأ،،، وبإطلاق.. بمعنى يحبذون ألا يكون للسياسي أية علاقة بـ"الفقه"، أي أن لا تخضع الممارسات السياسية للأحكام الشرعية التي يرجع بيانها للفقيه.. بمعنى ضرورة تنصل السياسي من عباءة الأحكام الشرعية الفقهية التي تؤطر أفعاله، ولو كانت مخالفة لتعاليم الشريعة، والتي(الأفعال) قد تبدأ بالمعصية،، وربما توصل للكفر،،، لكن لا يهم، المهم ألا تخضع للتقييم وفق ميزان الشرع!!!..

تنزيلهم السياسي لـ"الفكر"(وهو الوجه الأكثر بروزا وأثرا) هو المطالبة باعتماد نموذج "الدولة العلمانية"، بدل "الدولة الدينية" التي يطالب بها غرماؤهم.. والحق أن المنهج العلمي الرصين يقتضي تحديد المفهومين("الدولة الدينية"، و"الدولة العلمانية")، كما أن دواعي انسجام الطرح وتواؤمه بين الذات والموضوع تستوجب تحديد منطلق الذات التي تتولى التحديد(ديني أم علماني)..

فإذا كان المسلم هو من يقوم بنقد وتشريح المفهومين انطلاقا من واقع الحال، فإن الدلالة السائدة عنهما توحي أن "الدولة الدينية"(بالمفهوم المسوق له الآن، وليس بإسقاط التعريف الكنسي للمفهوم الذي ساد في العصور الوسطى)، تفيد الحكم بما أنزل الله سبحانه وتعالى، كما أُنزل في محكم كتابه، أو ما يعبر عنه بـ"الاصطلاح الجامع": "تحقيق الحاكمية لله"(وقد تمت الاستفاضة في الموضوع في سلاسل مقالات سابقة..).. أما "الدولة العلمانية" فتعنى فصل الدين عن الحياة الجماعية سياسية كانت أو فكرية أو اقتصادية أو اجتماعية... أي باختصار شديد: اعتماد ما يؤدي إلى حذف حتمي وآلي لمصطلحي "حلال/حرام" من قاموس تدبير الشأن العام..

يتبع..

 

مجموع المشاهدات: 30661 |  مشاركة في:
        

عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟