ظاهرة المغني "طوطو" بعيون الدولة
نورالدين زاوش
لكل دولة "مناضلوها" الأشاوس، و"حراس" عقيدتها الغراء، و"حماة" الأخلاق والفضيلة فيها؛ إنهم أكثر الناس "غيرة" على العفة والكرامة، وأسرعهم في الانفعال والانتقاد، وأحمسهم للاحتجاج والصراخ والعويل، بغية استدراك الانزلاقات العقدية من أن تتطور في قلب المجتمع، واحتواء الانفلاتات الأخلاقية من أن تتسع في أوصال الأمة؛ وليس المغرب استثناء في هذا الأمر؛ حيث أخرجت ظاهرة "طوطو" هؤلاء الأشاوس للتنديد والتنبيه من خطورة هذه الظاهرة على الشباب الصاعد، وعلى قيمه وأخلاقه وذوقه.
مما لا يتناطح حوله عنزان، أن ظاهرة "طوطو" سيئة ومشينة، وأن من شأنها أن تلوث الذوق العام وتفسده، وتُلْبس المجتمع المغربي الأصيل بلباس ليس من قياسه، ولا من أصالته؛ إلا أن الإشكال هو ردة فعل أبطالنا الأشاوس، وُعاظا كانوا أو كُتابا أو مفكرين أو قادة في الحركات الإسلامية والمنظمات الحقوقية، حيث خرج علينا أكثرُهم بنظريةٍ تُحَمِّل الدولة مسؤولية هذه الوضاعة والصفاقة، وإن كانوا لا يتهمونها مباشرة؛ إلا أنهم محترفون، غاية الاحتراف، في التلميح إليها باستعمال الأفعال المبنية للمجهول، وبارعون، غاية البراعة، في استدراج أتباعهم وجمهورهم ومريديهم، لاستنتاج أن الدولة هي المعنية بنشر هذه الظاهرة، وأنها تريد بذلك خلق مجتمع قُدوته "طوطو" ومن والاه.
العجيب في الأمر، أنه حينما يوشح جلالة الملك، حفظه الله، الحُفّاظ والقُرّاء والعلماء، مثلما وشح، جلالته، الشيخ "عمر القزابري" بوسام من درجة ضابط، ولا واحد من هؤلاء "الأبطال الأشاوس"، خرج علينا بنظريةِ أن الدولة تريد أن تجعل من أهل القرآن قدوةً للشعب وللأمة، نفس الأمر يتكرر حينما يحتفي رجال الدولة الفضلاء بأهل القرآن، وآخره استقبال مدير الأمن الوطني السيد الفاضل "عبد اللطيف الحموشي" حافظات القرآن الكريم، وتوشيحهن والاحتفاء بهن. إذا دل هذا عن شيء فإنما يدل على أن نظرية "القدوة" عند "أبطالنا الأشاوس"، لا تشتغل إلا في وقت البداءة والدناءة؛ أما في وقت العفة والعزة والأصالة، فإنها، وبدون سابق إنذار، تتعطل عن الاشتغال.
من المعلوم أن الدولة ليست مسؤولة عن أذواق الناس وعن اختياراتهم وميولاتهم، وليس من مهمتها أو من واجبها أن توجه الشعب لنوع معين من الفن أو الموسيقى أو المسرح، مثلما تفعل الدول الشمولية التي تتحكم في رغبات الناس، وعواطفهم، وهواياتهم، وأذواقهم، وعدد أطفالهم، وأوقات نومهم، وتتحكم حتى في نوع الأفلام التي يشاهدونها، ونوع الموسيقى التي يتعاطونها؛ وإذا كان "أبطالنا الأشاوس"، دعاة العفة والكرامة، هم أشد الناس عداء للدولة الشمولية، فما الذي دعاهم لأن يتبنوا مواقفها حينما يجدون ذلك يناسب أهواءهم المريضة وأمزجتهم المتقلبة؟
من المفروض على الدولة أن تحمي حرية الناس في معتقداتها وأذواقها وميولاتها، ما لم يشكل ذلك تجنٍّ على حرية الآخرين؛ أما التصدي للذوق البذيء، والفن الهابط، والأغنية الساقطة، والظواهر الفاسدة المستشرية في المجتمع؛ فليس هذا من شأنها أو من اختصاصها؛ بل هو من صلب اهتمام "أبطالنا الأشاوس"، الذين من المفروض أن لا يواجهوا الظواهر المشينة بكثرة الهرج والمرج، وشدة التنديد والاحتجاج، وبالمظاهرات والمسيرات؛ بل يواجهونها بطرح البديل الراقي والمغري، والذي ينسف البداءة من الأصل، ويطعن التفاهة في الصميم.
لقد جلبت ظاهرة "طوطو" المشينة مئات الآلاف من المتتبعين والمعجبين، وهذا لا يسائل الدولة، لا من قريب ولا من بعيد؛ بل يسائل "أبطالنا الأشاوس" الذين لهم "غيرة" وحماسة أكثر من الجميع؛ لكن للأسف الشديد، لديهم عقل أبهت من الجميع.

الزهراني
التخربيق
هادوك للي كتكلم عليهم ماشي هوما للي جابو طوطو لموازين المره للي فاتت ودار فضيحة، وعاود جابوه للمرة الثانية، و هو نفسه صرح وقال المسؤولين على المهرجان ووزارة التقافة عارفين الأغاني دياولي الطايحة ولاش معيطين .علي