الرئيسية | سياسة | العلاقة المغربية الجزائرية : لا بديل عن التطبيع إلا التطبيع

العلاقة المغربية الجزائرية : لا بديل عن التطبيع إلا التطبيع

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
العلاقة المغربية الجزائرية : لا بديل عن التطبيع إلا التطبيع
 

بقلم: الصادق بنعلال

"أدعو فخامة الرئيس الجزائري، للعمل سوياً، في أقرب وقت يراه مناسباً، على تطوير العلاقات الأخوية، التي بناها شعبانا، عبر سنوات من الكفاح المشترك": محمد السادس

في سياق الأزمة الحادة غير  المسبوقة التي تسم العلاقة المغربية الجزائرية، وفي إطار السعار الإعلامي الساقط والمنحط مغاربيا وعربيا، ورغبة البعض في "صب المزيد من الزيت على النار"، ومهما كانت درجة إحساسنا  باليأس والإحباط من الحديث عن العلاقة “الغرائبية” بين البلدين المغاربيين الكبيرين المغرب و الجزائر ، إلا أننا نصر إصرارا على المضي قدما في دق “جدران الخزان”، إيمانا منا بخطورة الوضع الجيواستراتيجي بالغ الحساسية في شمال إفريقيا، و يقينا منا أيضا من إمكانية تحويل هذه المنطقة إلى أكبر ورش اقتصادي ، بإمكانه أن يجعل من دولها بلدانا متقدمة ترفل في معالم التنمية والازدهار والتقدم.

وهكذا  يجمع خبراء كثر ومعنيون بالشأن السياسي الدولي و العربي تحديدا، على أن الجزائر مصرة و إلى أبعد مدى، على استهداف المغرب و الدفاع الأسطوري عن عقيدتها العسكرية المتمثلة في أن "جارها الغربي" عدو بالغ الخطورة على وجودها الكلي،  بالتالي فإن محاصرته و شيطنته على أكثر من صعيد هو الحل ” الأمثل ” لإعطاب آلته و شل حركتها نحو الانطلاق التنموي المأمول! خاصة و أن أصحاب القرار الجزائريين يدركون أكثر من أي وقت مضى أن بلادهم تواجه أشكالا من مظاهر القصور السياسي و الاجتماعي سواء في حالة ارتفاع أسعار النفط والغاز أو حالة تراجعها وانخفاضها، مما يحدو ببعض المسؤولين السياسيين والإعلاميين والعسكريين و"المثقفين" إلى التهجم المنهجي على المغرب بمناسبة و بدونها. إنها الجزائر التي عوض أن تبحث عن مخارج موضوعية و علمية لأزماتها المفصلية، وتجترح حلولا كفيلة بوضع حد للفساد و الاستبداد، و تزرع الأمل في قلوب المواطنين الجزائريين الأشقاء، عوض ذلك ، تتخذ من كراهية المغرب هدفها التنموي و مرادها الاستراتيجي و تطلعها الأبدي!

بيد أن هذا لا يعني بحال من الأحوال أن المملكة المغربية تعيش في بحبوحة من العيش، أو ترفل في نعيم من الديمقراطية والتنمية الشاملة، كلا فأمام المغرب مشوار طويل و شاق من أجل اللحاق بالدول الصاعدة، والحصول على مكانة محترمة تحت شمس التقدم و الحداثة، من خلال احترام مضامين الدستور والقوانين المنظمة للحياة العامة، و تقدير الإرادة الشعبية و الفصل الفعلي بين السلطات و محاسبة الفاسدين.. إلا أن خطوات بالغة الأهمية اجتازتها المملكة المغربية سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا  ظلت شبه غائبة عن  الجارة الجزائرية، وأن أي مقارنة محايدة و جادة بين المنجز التنموي المغربي و الجزائري ستكون في صالح المغرب، وهذا باعتراف المنظمات الدولية و المؤسسات المالية و السياسية العالمية، و السياسيين الجزائريين الأحرار الشرفاء  الذين لا يقتصرون على تحصيل معلوماتهم عبر الإعلام الرسمي المنحاز، بل من خلال زياراتهم الدورية لمختلف المدن المغربية المحورية، رغم أن الجزائر تسبح في محيط من النفط والغاز المدرين لأموال خيالية، وتحظى بموقع استراتيجي بالغ القيمة! فما الذي يصيب النموذج السياسي الجزائري في مقتل؟ ما الذي يجعله يبدد مئات الملايير من الدولارات في ظرف زمني استثنائي، و يحرم  مواطنيه من رؤية الضوء في آخر النفق؟ ما الذي يجعل المواطن الجزائري يشعر بمرارة التهميش و الضياع  و الغربة داخل بلده؟

 

ليس التشفي من سمات صاحب هذه السطور، و لا الابتهاج بمعاناة الآخرين و مصائبهم، بل إنه ينطلق من إيمان راسخ وعقيدة صادقة و يقين حازم، بأن تطبيع العلاقة بين البلدين الشقيقين، و فتح الحدود بينهما و تحييد المشاكل والنزاعات الوهمية المؤججة للصراعات، والمهددة بأوخم العواقب يمكن أن يؤدي لا محالة إلى قطب مغاربي غير مسبوق، و قوة فعالة  نحو البناء و التشييد، و إقامة مستقبل واعد، مستقبل الدولة الوطنية الديمقراطية بحصر المعنى. إن كلا من المغرب و الجزائر في حاجة إلى مد جسور المودة والتآزر والعمل المشترك من أجل غد مشرق ، أما الاتهامات المجانية و المسيئة فلا يمكن أن تزيد واقعنا العربي و المغاربي إلا فسادا فوق فساد. فهل تفعلها الجزائر و لو مرة واحدة في تاريخ استقلالها الحديث، و تكفر عن خطاياها و تضع حدا لمسلكياتها السياسية، و تتوقف عن التصريحات العدائية و المواقف غير المسؤولة، ذات الصلة بشؤون المغرب الداخلية، و المعادية لمصالحه الحيوية ونخص بالذكر الوحدة الترابية أقدم مقاسات المملكة، وتساهم في طي صفحات حالكة السواد، و كتابة أخرى بوازع العقل والعروبة و الدين  و القيم و المواثيق المعترف بها دوليا؟ أم أننا  سنظل ” نحلم في زمن الوهم ” ؟ في كل الأحوال الكرة  هنا  و الآن في مرمى الجزائر، أما المغرب فقد قرر رغم كثير من الأخطاء و المعيقات أن يمضي قدما في سفر طويل الأمد، في اتجاه أفق يراه أنسب، مع الحفاظ على سياسة مد اليد لأشقائنا الجزائريين للعمل الجماعي المثمر بعيدا عن جو المشاحنات والمماحكات غير المجدية، من أجل خدمة الشعوب المغاربية المحكوم عليها بالعيش المشترك، التواقة إلى الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.

مجموع المشاهدات: 17751 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (4 تعليق)

1 | حسن
حسنا
الجنرالات الجزائرية همهم الوحيد الحصول على قصر يطل على المحيط الاطلسي سياستهم الوحيدة وضع الاحجار في الطريق الذي يسير فيه المغرب لا تنتظروا منهم سوى النباح والشر
مقبول مرفوض
2
2022/08/12 - 07:34
2 | سفيان الفاظيل
السياسة تبنى على استقراء الواقع
السياسة الحقيقية هي سياسة الحقيقة.والحقيقة الواقعية ان الجزائر عدو وستضل كذلك حفاضا على ما نهبت من ارض مغرببة بسبب الغباء العاطفي للمغاربة.سياسة اليد الممدودة ليست سوى اهدارا للكرامة الوطنية وتمسكا بالسراب.فالعقرب بطبعه اللسع مهما تضاهر او وعد
مقبول مرفوض
-1
2022/08/12 - 08:08
3 | الحداد
عصابات الجزائر
كلام موضعي ولكن المشكل هو من يحكم الجزائر مند ستين سنة فهذا سؤال مطروح من سيجيب على هدا السؤال المحير اظن بان لا تبون ولاشنقريحة لاعلاقة لهم بحكم الجزائر بل هم ممتلين لاحدى الدول المتحكمة في زمام الدولة الجزائرية المغرب مد يده لنقاش وحل جميع المشكل لكن من سيرد على اليد الممدودة لا توجد دولة بل في الجزائر عصابات كثر وكل العالم يعرف هنا علامة استفهام المجتمع الدولى ساكت عن هده العصابة
مقبول مرفوض
-1
2022/08/12 - 09:53
4 | Fadfou
تحرشات
صحيح نتمنى من النضام الجزائري ان ينتبه لمستقبله و ينسى الحقد و التحرش بالمغرب بالسماح لعصابة البوليزاريو بالهجوم على المغرب بالسلاح من داخل الجزائر و بتمويل الجزائر. و لاكن ادا استمرت الجزائر في نفس الخطة فعلى المغرب ان ينتقل الي الهجوم بخطط سرية لتقسيم الجزائر بدعم الحلفاء ،و تضيق مساحة المنطقة العازلة رويدا رويدا بسبب انطلاق الهجمات من داخل ااجزائر .و على المغرب ان يبنى مجتمعات تطالب بالانفصال عن الجزائر لاسيما جنوبا اما شمالا فلا انصح به.
مقبول مرفوض
-2
2022/08/12 - 11:34
المجموع: 4 | عرض: 1 - 4

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة