الرئيسية | قضايا المجتمع | أسابيع قليلة بعد الانتخابات...فقدان الثقة في "التغيير والإصلاح" يرفع مستوى الاحتقان الشعبي مجددا وحكومة "أخنوش" مطالبة بالتحرك

أسابيع قليلة بعد الانتخابات...فقدان الثقة في "التغيير والإصلاح" يرفع مستوى الاحتقان الشعبي مجددا وحكومة "أخنوش" مطالبة بالتحرك

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
أسابيع قليلة بعد الانتخابات...فقدان الثقة في "التغيير والإصلاح" يرفع مستوى الاحتقان الشعبي مجددا وحكومة "أخنوش" مطالبة بالتحرك
 

بقلم : إسماعيل الحلوتي

أمام زخم الشعارات الخادعة وتعدد الوعود الكاذبة التي ما انفكت تتكرر مع كل موسم انتخابي جديد، ولا تعمل سوى على بث اليأس في النفوس وتعميق فقدان الثقة في المؤسسات والمنتخبين، لم تعد هناك من مصطلحات تثير حفيظة المغاربة وتجعلهم يشمئزون من سماعها أكثر من كلمتي "الإصلاح" و"التغيير"، لاسيما عندما توظفهما النخب السياسية في غير محلهما وبعد إفراغهما من معناهما الحقيقي أثناء الحملات الانتخابية والتصريحات الإعلامية، فلا يأتيان عدا بما يخدم مصالح المتهافتين على المناصب والمكاسب. 

 إذ أنه على عكس معنى "الإصلاح" الذي يفيد إعادة تقويم الشيء وتجاوز ما يشوبه من خلل أو نقص يضر بوظيفته ويحول دون تحقيق المبتغى منه. وكذا ما يتضمنه من سلم وأمن، لكونه عملية ذات أهداف نبيلة تأخذ بعين الاعتبار الحالة القائمة، وتقوم بتثبيت الصالح منها وتعديل أو ترك الفاسد فيها، مما يساهم في الانتقال إلى وضع جديد بكل سكينة وطمأنينة بدون جدال ولا سجال، سواء تعلق الأمر بالمشهد السياسي أو الحقل التربوي وغيرهما من المجالات الأخرى التي تستدعي الإصلاح الحقيقي لا الصوري.

 وخلافا لمفهوم التغيير الذي يقصد منه إحداث سلسلة من التطورات والتحولات، والذي يمكن اعتباره من العوامل التي من شأنها التأثير على شيء ما أو أمر من الأمور، ونقله من الوضع القائم إلى وضع آخر أكثر تطورا وتقدما. ولا ينحصر التغيير هنا فقط في حياة الإنسان لحاجته الشديدة إلى التطور الدائم والمتواصل، بل في كل ما حوله والارتقاء به نحو الأفضل والأجدى نفعا. وللتغيير الإيجابي عدة خصائص ومميزات، منها على سبيل المثال لا الحصر التخطيط القبلي الدقيق وفق استراتيجية واضحة المعالم، شريطة أن يتم بشكل تدريجي وتتوفر له كل الشروط الذاتية والموضوعية وقوة الإرادة، حتى يأتي بالنتائج المرجوة وفي أحسن الظروف...

 فإنه أصبح لهذين المصطلحين مفهوما آخر في قاموس عديد الأشخاص الذين يؤثثون المشهد السياسي ببلادنا، حيث أنهم وفي ظل غياب الإرادة السياسية والحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، يصرون على استخدامهما فقط في دغدغة العواطف والضحك على الذقون، مما يساهم في إنتاج الأزمات. وإن لا، فأين نحن من إصلاح منظومتي التعليم والصحة الذي طالما تغنت به الحكومات المتوالية؟ وأين نحن من تلك الوعود حول محاربة الفساد، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية، والخروج من دوائر الفقر والتهميش والإقصاء والأمية والحد من معدلات البطالة والفوارق الاجتماعية والمجالية؟

 ويأتي حديثنا اليوم عن الإصلاح والتغيير في خضم ارتفاع منسوب الاحتقان الشعبي، وما تشهده بلادنا من احتجاجات متصاعدة في الفضاءات العامة وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، ليس فقط بسبب ما باتت تعرفه أسعار المحروقات والمواد الأساسية من زيادات متوالية وحارقة، ولا في قرار إجبارية "جواز التلقيح" عند التنقل وولوج الإدارات العمومية والمؤسسات الخاصة وغيرها، وإنما في ما تفتقت عنه "عبقرية" وزير التربية الوطنية شكيب بنموسى، عبر البلاغ الصادر يوم الجمعة 19 نونبر 2021 المتضمن لقرار أقل ما يقال عنه أنه قرار تعسفي وغير قانوني ولا دستوري، حيث أنه يقضي بعدم السماح بالمشاركة في اجتياز مباراة توظيف أطر الأكاديميات الجهوية، لمن هم فوق سن الثلاثين سنة من العمر، دون أن يحدثنا عن مصيرهم بعد أن ظلوا يترقبون الإعلان عنها بشوق كبير، باعتبارها طوق النجاة التي كانوا يراهنون عليها في إخراجهم من بحر "الظلمات" العميق.

وبصرف النظر عما خلفه القرار الأحادي الأرعن من ردود فعل قوية بلغت حرارتها إلى البرلمان، حيث سارعت فرق برلمانية من الأغلبية والمعارضة إلى استنكار القرار الجائر، المتسرع وغير المتزن، وما تضمنه من شروط مجحفة في حق آلاف المعطلين، مؤكدة على عدم دستوريته ومطالبة بضرورة التعجيل بإلغائه قبل أن تتطور الأمور إلى ما لا تحمد عقباه، لاسيما أن البلاد في أمس الحاجة إلى الاستقرار. وبعيدا عن مهاجمة أحزاب المعارضة للحكومة ورفضها لتسقيف سن اجتياز مباراة التعليم، معللة ذلك بافتقاد القرار إلى السند القانوني، وتعارضه مع مقتضيات الدستور ومقومات الدولة الاجتماعية...

فإن ما زاد الأمور تعقيدا واستفز المغاربة وفي مقدمتهم المعطلون المقصيون وجميع فعاليات المجتمع، هو أنه وفي لقائه مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية يوم الثلاثاء 23 نونبر 2021 بمقر وزارته، أبي الوزير بنموسى إلا أن يظل متمسكا بموقفه الرافض للتراجع عن الشروط التي أملاها عليه "شيطانه"، وخاصة تحديد السن والانتقاء حسب الميزات وترخيص المشغل بالنسبة للعاملين في التعليم الخصوصي، بدعوى أن الأمر يرتبط بخيار حكومي، يندرج في إطار ما تعتزم وزارته تحقيقه من جودة وإصلاح للمنظومة التعليمية. فمتى كان تطوير المنظومة التعليمية يعتمد فقط على من هم في سن الثلاثين وأقل؟ وأي الدول قامت قبلنا بذات الشروط المريبة؟ وهل من الإصلاح والتغيير في شيء حرمان أعداد غفيرة من خريجي الجامعات من حقهم في الشغل؟

 

إنه لمن المؤسف أن يتحول أبناؤنا إلى مجرد كرات هوائية تتقاذفها أرجل المتعاقبين على تدبير الشأن العام ببلادنا، ممن ظللنا نتوسم فيهم الخير للنهوض بأوضاعنا وتحسين ظروف عيشنا. فكيف لا نشكك في مدى قدرة هذه الحكومة التي تعهدت بأن تكون في مستوى انتظاراتنا على تنزيل النموذج التنموي الجديد وتعميم الحماية الاجتماعية وفق التعليمات والتوجيهات الملكية، وهي التي دشنت ولايتها بقرارين جائرين، لم يعملا سوى على تكريس حالة الإحباط وتأجيج نيران الغضب.

مجموع المشاهدات: 10571 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (6 تعليق)

1 | طاطا
التزام
رئاسة الحكومه طبقت شعارها مع صافرة الانطلاقه . تستاهلوا اكثر.
مقبول مرفوض
15
2021/11/28 - 09:10
2 | متقاعد
وهل هي لعبة احزاب ودولة
علي ملك البلاد ان يتدخل هدا اصبح لعبة 5سنوات باسم اصلاح وتغيير وحنو (بدريجة ؛تنرشمو. خطة في محالها&& لمدة 5حكومات. ولا تغيير ولا اصلاح سؤال!هل هي لعبة ؟ ووصلات الي العظم ؟ بركة من لا مبالات في سياسة داخلية 5حكومات. اي بزاف
مقبول مرفوض
5
2021/11/28 - 09:22
3 | دماغ مهاجر
الإستقرار
نتمنى أن لا يصل الأمر إلى ما لا تحمد عقباه، على استقرار البلاد هاد الحكومة تزعزع استقرار النظام المغربي،
مقبول مرفوض
13
2021/11/28 - 09:32
4 | محمد
لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
يجب على السيد أخنوش أن يتدخل في هذه المهزلة ويعطي الضوء الأخضر لاجتياز المباريات لكل حاملي الشواهد بدون انتقاء وبدون تحديد السن (30) سنة لإنقاذ هؤلاء الشباب وحرمانهم من حقوقهم الوطنية. وإعادة النظر في الوزراء الذين سيتسببون في ما يحمد عقباه (الناس باغيا تخدم لانهم أصبحوا عالة على الأسرة والمجتمع. )الله يحسن العون.
مقبول مرفوض
4
2021/11/29 - 01:43
5 | كمال
التعليم
مقترح تحديد السن بالنسبة للتعليم جيد .هذا ما هو معمول به في الوظائف العمومية الأخرى .نريد شبابا وليس عجزة في كل مرة شهادة مرضية للتغيب .
مقبول مرفوض
-7
2021/11/29 - 07:38
6 | محمد
عكس رأي الوزير
قضيت حوالي 38 سنة في الوظيف، لاحظت أن الشباب دون 30 سنة الذين توظفوا يحبنا سوى المال وينتظرون بفارغ الصبر نهاية الشهر فقط. اما العمل كان يقوم به الكبار في السن والوظيف، إسالوا ناس الصحة، التعليم، والمؤسسات العمومية. انا عكس رأي السيد الوزير. إن أراد جودة التعليم هناك إصلاحات أخرى أولية كالبنية التحتية للمؤسسات، التكوين المستمر، تكوين المتخرجين في سنتين بدل 6 أشهر، الصراحة في إمتحانات التخرج، التحفيز، إعادة النظر في المقررات،ووووو...
مقبول مرفوض
1
2021/11/29 - 10:24
المجموع: 6 | عرض: 1 - 6

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة