الرئيسية | قضايا المجتمع | هل كان "ميارة" محقا عندما أطلق النار على التنسيقيات؟

هل كان "ميارة" محقا عندما أطلق النار على التنسيقيات؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
هل كان "ميارة" محقا عندما أطلق النار على التنسيقيات؟
 

بقلم : إسماعيل الحلوتي

عند استضافته من طرف المنشط التلفزيوني المتميز عبد الله الترابي في حلقة برنامجه الأسبوعي "حديث مع الصحافة" على القناة الثانية 2M، أبى القيادي بحزب الاستقلال، رئيس مجلس المستشارين والكاتب العام لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب "النعم ميارة"، إلا أن يصوب مدفعيته تجاه التنسيقيات الوطنية التي أسسها عدد من الموظفين في عدد من القطاعات، رافضا أن تمنح لها فرصة إجراء أي حوار مع الوزراء في إطار الحوار الاجتماعي، معتبرا أن المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية هي وحدها المخول لها ذلك قانونيا.

وهو ما جعل حلقة البرنامج تكون مختلفة عما سبقها من حلقات على مستوى ما تضمنته من تصريحات نارية، حيث أنها أثارت جدلا واسعا وردود فعل ساخطة ليس فقط في أوساط التنسيقيات الوطنية، بل حتى داخل أكثر من منظمة نقابية، التي استنكر بعض قادتها ما ورد على لسان أحد أبرز أفراد الأسرة النقابية من إساءة لها واتهامها بالتقصير واستنزاف المال العام بدون جدوى.

فبقدر ما كان مباشرا في ردوده ومنها تلك المتعلقة بالنقابات، بقوله "النقابات تستفيد من الدعم العمومي من خزينة الدولة مثلها مثل الأحزاب السياسية، دون أن تتم محاسبتها حول أوجه صرفها لذلك المال" وهو ما نتقاسم معه الرأي حوله، لعدم اضطلاع جل النقابات بمهامها وفق ما تنص عليه مقتضيات الفصل الثالث من الدستور، من حيث "الدفاع عن المصالح الاقتصادية والاجتماعية والمعنوية والمهنية، الفردية منها والجماعية، للفئات التي تؤطرها وإلى دراسة وتنمية هذه المصالح وتطوير المستوى الثقافي للمنخرطين بها"، ولا حتى الأحزاب السياسية نفسها حسب ما ينص عليه الفصل السابع في"... تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية وتدبير الشأن العام...". كما أنه لم يدع المناسبة تمر دون أن يدعو الحكومة إلى محاسبة النقابات على ما تتوصل به من دعم مالي، مطالبا برفع الحصار على قانون النقابات الذي طالما تهربت الحكومات المتعاقبة من إخراجه إلى الوجود، ومؤكدا على أن من شأن تمريره أن يصون كرامة الكتاب العامين للنقابات ومعهم الآمرين بالصرف، ويجنبهم المزيد من الاتهامات.

بقدر ما كان قاسيا على التنسيقيات الوطنية بدون مواربة، وخاصة تنسيقية "الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد" باعتبارها الأكثر شهرة ونشاطا في الساحة الوطنية، مما استفز منسقيها وأعضاء المجلس الوطني الذين رفضوا اتهامها "تمييع العمل النقابي بجعل يوم الإضراب يوم عطلة". وأدى بأحدهم من المشاركين الرسميين في لجنة الحوار مع وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى، إلى اعتبار عدم إيمان "ميارة" بالتنسيقيات ومعارضته لتأسيسها، أمر يخصه وحده ولا يعدو أن يكون كلاما بلا عمق وبلا روح، ويندرج فقط في إطار "البوليميك" غير المجدي، لكون التنسيقيات الوطنية أضحت واقعا ملموسا وقوة حقيقية في المجتمع، ولا يمكن لأي كان إنكارها مهما بلغت درجاته.

فنحن لا نعتقد أن يكون رئيس مجلس المستشارين يجهل ما آل إليه واقع النقابات ببلادنا من ترد كبير، إذ لو أنها استطاعت أن تظل محافظة على إشعاعها واستمرت في القيام بما أنيط بها من أدوار طلائعية، تتلقى مقابلها دعما ماليا سنويا من أموال دافعي الضرائب، لما وصلت إلى هذا الحد من الوهن والترهل والانقسامات والاختراقات، والارتهان للسلطة والإسهام في تمرير مخططاتها إلى درجة فقدت معها ثقة العمال والموظفين. والأكثر من هذا أنها بتصرفات بعض قادتها مهدت سبل ظهور هذه التنسيقيات الوطنية التي بات الكثيرون يرون فيها البديل المنتظر، الذي يراهنون عليه في الترافع بصدق عن قضاياهم الأساسية والدفاع عن مطالبهم الملحة. حيث أن الشغيلة لم تعد تقبل في ظل ما تراكم لديها من خيبات أمل منذ سنوات بالمزيد من التهميش و"المتاجرة" بملفاتها المطلبية.

ثم أين نحن من تلك المركزيات النقابية الحقيقية، والجميع يعلم أنها ليست أفضل حالا مما وصلت إليه معظم الأحزاب السياسية من تفكك وتراجع صارخ في أداء وظائفها؟ فالعمل النقابي فقد بريقه ومصداقيته منذ عدة سنوات لتضافر عدة عوامل يمكن الإشارة إلى بعضها بإيجاز تام، غياب الديمقراطية الداخلية وعدم احترام دورية انعقاد المؤتمرات، تغليب المصالح الشخصية وتهميش الطاقات الشبابية المتنورة. ضعف نسبة الانخراط النقابي الذي لا يتجاوز في أحسن الأحوال 10 في المائة وضعف تأطير الشباب واقتصار البرامج النقابية على الجوانب الاقتصادية، وتكريس العمل النقابي في خدمة الأحزاب السياسية أكثر من خدمة الشغيلة المغربية.

إن الكاتب العام لنقابة حزب "الميزان" يعلم أكثر من غيره أن الوضع النقابي في تفاقم متواصل، لاعتبارات عديدة ومتنوعة لم تعد خفية على أحد في السنوات الأخيرة، مما أوصل الطبقة العاملة في القطاعين العام والخاص إلى هذا المستوى من الحنق والنفور والبحث لها عن بديل آخر أكثر شفافية وديمقراطية، والذي لم يكن سوى "التنسيقيات الوطنية" التي جاءت منسجمة مع قضاياها ومطالبها لتملأ الفراغ الكبير الذي خلفته النقابات.

إذ كان عليه وسواه من الذين يرون في وجودها تهديدا لمصالحهم الشخصية الضيقة، عوض التمادي في المزايدات والاتهامات وتبخيس نضالاتها ومحاولة نسفها وتثبيط همم وعزائم أعضائها من الشباب المتوثب، في تواطؤ مكشوف أحيانا مع السلطات العمومية، العمل على تصحيح مسار النقابات والتنسيق بينها ومختلف التنسيقيات لأجل إقامة تنظيم وحدوي وجبهة قوية، تنتصر لهموم وانشغالات الشغيلة.

مجموع المشاهدات: 9503 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (6 تعليق)

1 | لحسن
موضوع التنسيقيات
لماذا التجا الموظفون لانشاء التنسيقيات ربما لم تجد في الجهة المخولة لها سندا في الدفاع عنها وللاسف كثرت هذه التنسيقيات وأصبحت كل واحدة تتخد قرارات تضر لمصلحة التلميذ والمواطن عموما
مقبول مرفوض
-17
2022/03/16 - 10:59
2 | مواطن
رأي
لو ان النقابات ترافعت عن الطبقة العمالية كما هو مطلوب منها وهذا اصل وجودها لما اسست التنسيقيات والسكرتاريات، يجب على النقابات ان تجري قراءة نقدية ذاتية وحركة تحيحية لمسارها وتطور آليات ترافعها
مقبول مرفوض
3
2022/03/16 - 12:49
3 | جمال بدر الدين
المؤسسات متهمة!!!
التنسيقيات لم تظهر دون سبب موضوعي وهو تراجع النقابات وضعفها وعدم قيامها بدورها الذي تأسست من أجله، ولذلك ضاعت جل المكاسب التي كانت بين يدي الأجراء والموظفين، وأهمها إفساد التقاعد وظهور ما يسمى بالتعاقد في التعليم أو التوظيف الجهوي في التعليم، دون غيره، بينما الجهات لم تتهيكل بعد...فأين هو موقف ودور النقابات من هذه المآسي والمصائب والتراجعات الخطيرة التي ظلت تتفرج عليها كل المؤسسات بين الأوامر تنزل والكل غير معني إلا بالتنفيذ...لاتبحثوا عن الحائط القصير، المواطن لابد أن يدافع عن حقوقه بالنقابات أو بدونها!!!
مقبول مرفوض
2
2022/03/16 - 01:11
4 | Mohamed
شيوخ التربية والتعليم ضحايا النظامين
ذ ميارة ماحصل في ملف شيوخ التربية والتعليم ضحايا النظامين سيجعل الجميع يفقد الثقة في النقابات
مقبول مرفوض
7
2022/03/16 - 04:49
5 | اوفوا بالعهود
var
التلاميد الدين فرض عليهم التجهيل بدل التعليم
مقبول مرفوض
-1
2022/03/16 - 07:38
6 | عبد الله
متسلق
ماذا حقق هذا المدعو ميارة داخل العمل النقابي؟
مقبول مرفوض
1
2022/03/16 - 08:19
المجموع: 6 | عرض: 1 - 6

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة