أخبارنا المغربية- المهدي الوافي
مرة أخرى، تكشف الوقائع الميدانية زيف الخطاب الإعلامي الموجه، وتسقط الأقنعة عن أبواق اعتادت الاصطياد في الماء العكر كلما تعلق الأمر بالمغرب، خاصة مع اقتراب انطلاق نهائيات كأس الأمم الإفريقية، التي تحتضنها المملكة ابتداءً من يوم الأحد المقبل، في حدث قاري ينتظره الملايين.
ففي مشهد غير متوقع، توقفت مباراة الترتيب بين السعودية والإمارات ضمن كأس العرب المقامة بقطر، بعدما تحولت أرضية الملعب إلى ما يشبه “مسبحاً” حقيقياً بفعل التساقطات المطرية الغزيرة، ما جعل استئناف اللعب مستحيلاً، وأحرج المنظمين أمام عدسات العالم، في صورة تناقض كلياً حملات التطبيل والتهليل التي سبقت البطولة، والتي قادها حفيظ دراجي في محاولة منه للتقليل من طريقة تنظيم المغرب للعرس الإفريقي.
غير أن اللافت في هذا الحدث، ليس فقط توقف مباراة رسمية بسبب ضعف تصريف المياه، بل الصمت المريب لأبواق النظام الجزائري، وعلى رأسهم المعلق المعروف بقنوات بي إن سبورت القطرية، الذي اعتاد شن هجمات هستيرية على المغرب كلما سنحت الفرصة، والطعن في قدرته التنظيمية، حتى قبل أن تنطلق المنافسات.
السؤال الذي يفرض نفسه بقوة: ماذا لو وقع هذا السيناريو في أحد ملاعب المغرب خلال كأس إفريقيا؟ كيف كانت ستشتغل “ماكينة التشويش”؟ وكم من تدوينة، وتعليق مسموم، وتحليل حاقد، كان سيُضخ عبر الذباب الإلكتروني لتصوير الأمر على أنه “فضيحة تنظيمية” و”فشل ذريع”؟
لكن حين يتعلق الأمر بقطر، يتحول الفشل إلى “ظرف مناخي استثنائي”، وحين يكون المغرب في الواجهة، تصبح أبسط التفاصيل مادة للهجوم والتشكيك والطعن، في ازدواجية فاضحة تعكس أكثر ما تعكسه أزمة مزمنة في تقبل النجاحات المغربية المتراكمة.
المغرب، الذي يستعد لاحتضان “كان” استثنائي، راكم تجربة تنظيمية مشهودة، من مونديال الأندية إلى أكبر التظاهرات القارية والدولية، واستثمر لسنوات في بنية تحتية رياضية حديثة، وملاعب بمعايير عالمية، وشبكة لوجستيكية وتنظيمية تشهد لها الهيئات الدولية، وعلى رأسها “الكاف” و”الفيفا”.
ومع ذلك، لم تتوقف محاولات التشويش، لأن الهدف ليس النقد، بل ضرب الصورة، والتقليل من أي نجاح مغربي، حتى وإن كذبته الوقائع، وفضحته الأحداث، كما حصل في الدوحة.
إن ما وقع في كأس العرب لا يُدين بلداً بعينه، بقدر ما يفضح خطاباً انتقائياً، ويؤكد أن التنظيم الرياضي، مهما بلغ مستواه، يظل خاضعاً لعوامل متعددة، وأن الاحتراف الحقيقي يبدأ بالاعتراف بذلك، لا باستغلاله سياسياً وإعلامياً حين يخدم أجندات معروفة.
ومع اقتراب صافرة انطلاق “كان” المغرب، يبدو أن الرهان الحقيقي لن يكون فقط فوق المستطيل الأخضر، بل أيضاً في معركة الوعي، حيث ستثبت المملكة، مرة أخرى، أن التنظيم يُقاس بالإنجازات لا بالصراخ، وبالواقع لا بالحقد المُعلّب.

محمود
سكتت الأبواق المأجورة
البترودولار لم يكن يومآ كافيآ لصنع مجد الأوطان، التاريخ .والعراقة مع شيء من المال هم مفتاح تألق كل بلد