لاعبو الجزائر يتحدثون عن مواجهة الكونغو وحضور زيدان في ملعب مولاي الحسن

ولاية أمن وجدة تستعد لتأمين ليلة رأس السنة بتلوينات متنوعة من رجال الأمن

نظرية المؤامرة..جزائريون من قلب الرباط يصدمون حفيظ دراجي بأجوبة لن يتوقعها

ولاية أمن تطوان تعبئ مختلف وحداتها لتأمين احتفالات رأس السنة الميلادية

تحت الأمطار.. استعدادات أمنية مكثفة لتأمين احتفالات رأس السنة الميلادية بفاس

موظفو المالية يخوضون وقفة احتجاجية وطنية رفضا لمقتضيات القانون 14.25

المغربي يجالس الله ويطلع على أحكامه العقابية

المغربي يجالس الله ويطلع على أحكامه العقابية

جواد مبروكي

 

ألاحظ أن كل العلاقات بين المغاربة وبالخصوص في الدائرة العائلية مبنية على الإحساس بالذنب والخوف من الانتقام الإلهي "غَدي يْخْرّْجْ فيكْ الله دْنوبي". ويتساوى المثقف والأمي في الخوف من هذه الجملة القاسية والمهددة ومن حقيقة هذه الخرافات وبالخصوص لما نرى شخصا وقعت له مصيبة صحية أو مادية، فنسمع الكل يردد "خْرْجوا فيهْ دْنوبْ الله" أو "خْرْجوا فيهْ دْنوبْ فْلان" أو "خْرْجو فيهْ دْنوبي".

 

وتتعقد الخرافات العقائدية في ذهن المغاربة كثيراً بجملة "بْعْدّوا مْنْ هَداكْ، راهْ مْجْدوبْ أو شْريفْ أو بْدْنوبو". وترى الكل في محيطه يتعامل معه بالخوف لأنك إذا لم تُرضه في شأن أو شيء، سترى "الله يْخْرّْجْ فيكْ دْنوبو" بمعنى ستقع لك صاعقة بأمر من السماء. يخاف المغربي من خرافات "يْخْرْجو فيكْ دْنوبْ فْلانْ أو دْنوبْ الله"!

 

على عكس هذا نرى غياب تطبيق هذه الخرافات في ما يخص الوطن ولا نرى مغربيا يخاف من "دْنوبْ الدولة وْ دْنوبْ الوطن" لأنه يبرر غياب الأمانة والغش في عمله بخرافة "هادْ الدولة ساخْطْ عليها الله" و "دْنوبْ الله خْرْجو فيها".

 

والإيمان بهذه الخرافات تشير إلى أن المغربي لم ينضج ولا زال سن دماغه لا يفوق دماغ طفل في السادسة من عمره حيث يؤمن بعالم خيالي لا مستحيل فيه. ونرى أن الدّين لم يستطع أن يمحي هذه الخرافات ويسارع بنمو الدماغ وبلوغه إلى سن الرشد ليتمكن من استعمال النقد ويصل إلى الإيمان بما هو حقيقي وواقعي ويترك الخيال للتسلية.

 

الأخطر من هذا هو "اتهام الله بالقسوة وكأن المغربي ساكن في الذات الإلهية وله علم بقرارات الله ويصرح بكل ثقة "خْرّْجْ فيه الله دْنوبْ فلان" و"خْدا فيهْ الله الحق"؟ كيف له علمٌ بهذا؟ كيف يتجرأ المغربي ويتهم الله بهذه الأفعال الانتقامية؟ فما هي أسباب الإيمان بهذه الخرافات؟

 

1- وصف الله بشديد العقاب: الله يحذر الإنسان بعقابه لكن لم يعلن أبدا من سيعاقب منا اليوم أوغدا. الإنسان هو الذي يؤول ويجعل من أي مصيبة عقابا من الله وهذا اتهام خطير!

 

2- التربية الدينية كلها مبنية على الخوف من العقاب وليس على محبة الله ومحبة البشرية والفضائل الروحانية.

 

3- مفهوم الحسنات والسيئات والجنة والنار. لا يتعلم الطفل أن رضاء الله هو تقوية القدرات الأخلاقية وخدمة البشرية ولكن يتعلم رضاء لله طمعاً في الدخول إلى الجنة وتجنب النار وعقاب الله.

 

4- مفهوم عقاب الله في الدنيا وتنوعه: ومن هنا يؤمن المغربي بأن كل ما يقع لنا من المآسي هو عقاب من الله وليس نتيجة لسوء أعمالنا والابتعاد من الأخلاق الروحانية. وهذا سبب جهل المسؤولية الفردية.

 

5- طرق التربية كلها مبنية على إحساس الطفل بالذنب. مثلا الأم تقول لأبنائها "غَدي تْسْكْتّولي القلب" و "أنا صْبْرْتْ وْ ضْحّيتْ عليكم" و "السَّخطْ وْ الرّْضا" و "دْنوبْ الوالدين صْعابْ" ...

 

6- استعمال "دْنوبْ الله وْ دْنوبْ الشّْريفْ وْ دْنوبْ حامل الكتاب" كوسيلة للسيطرة على الإنسان واستغلاله ماديا وفكريا. وهذا سبب اختراع الخرافات وحكايتها في المناسبات الدينية من طرف الذين يجعلون من أنفسهم فقهاء وبِ "بَرَكْتْهُمْ".

 

7- قمع العلم والفلسفة وحداثة الفكر بتبرير أن هذه العلوم ضد دين الله ومن يسعى إليها سيصب عليه "دْنوبْ الله" ويصبح من الخاسرين.

 

8- مفهوم زعزعة العقيدة والأمن الروحي عززا "سْكوتْ خافْ مْنْ الله" و"سْكوتْ هَدا شِرْكْ بالله" وكل هذا هو سبب غياب خطاب المحبة وخطاب الحوار والتبادل وخطاب الحكمة والمنطق والتساؤل في وجود الله وحقيقة الأنبياء والأديان وبطبيعة الحال سبب غياب حرية الفكر والتعبير.

 

في الواقع فكر المغربي لم يتطور في مجال معرفة الله بسبب احتكار الدّين لأن الانسان إذا توصل إلى معرفة الله بطرقه وربط علاقته مع الله لا تعود له حاجة بِ"الفقيه" ويصبح حرا في حياته ويندثر مفهومه الخرافي عن الله ولن يعتقد ويقول أبدا "هادو دْنوبْ الله"

 

ولكن سيقول "عَملي السيئ هو سبب مصيبتي" ويتحمل المسؤولية. لكن "الفقيه" يخاف على مصالحه ولهذا يحارب الفكر النقدي بكل قواه وبالخرافات الخيالية الهوليودية.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة