الرئيسية | أقلام حرة | فصل النقاط عن حروفها أو احتجاز الحقيقة !

فصل النقاط عن حروفها أو احتجاز الحقيقة !

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
فصل النقاط عن حروفها أو احتجاز الحقيقة !
 

واقع أحيانا مخادع

 

تعتري المجتمعات المعاصرة ؛ في ظل التواصل بين أفرادها ؛ حجب أو حواجز اصطناعية إما لتضليل أهدافها أو الانتهاء بها إلى وقائع ورسائل مزيفة ، شتان بينها وبين الحقائق كما هي دون تمويهها أو تلبيسها أردية مقنعة . فكم من أحداث وفواجع وقعت في الماضي ، ما زالت حتى الآن محاطة بشتى الألغاز المحيرة ، بالرغم من شبكات التحقيقات الواسعة التي حاولت تناولها وإماطة اللثام عن حيثياتها .

 

ويقال بأن المجتمعات ذات النزعة الاقتصادية الليبرالية ، تشهد طفرة نمو معقدة في تواصل وتعايش أفرادها ومجموعاتها الاقتصادية والمالية ، تشعبت شبكات تواصلها إلى درجة ؛ أحيانا يسودها الغموض كمجال رحب للنيل من الحقيقة أو استمالتها للانتصار لطرف على حساب طرف آخر ، تطالعنا حينا بعد آخر لقطات منها ؛ سواء في العلاقات الزوجية الأسرية أو بين الأفراد والجماعات أو بين المنتج والمستهلك ؛ علاقات لم تكن دوما مطبوعة بالشفافية والصدقية .

 

الصراحة صراحة الطفل البريء

 

يقولون بأن الصراحة والوضوح ، كسلوك بشري ، يبلغ أوج عطائه الذهبي فقط لدى الطفل ، قبل أن يميز بين الكذب والصدق ، بين هذا واقع وهذا لا واقع ، لكن أحيانا تضطره غريزة الجوع أو حب التملك إلى التستر على شيء ولواذه بالصمت ، حتى لا تضيع منه ـ مثلا ـ قطعة شوكولاتة أو دمية صغيرة .

 

لكن ؛ هذه الصراحة أحيانا ؛ تكون صادمة ، سيما إن جاءت مفاجئة أو متأخرة ، ما تترتب عنها نتائج وخيمة ، تحمل الشخص على إعادة النظر في علاقاته العامة ، لكنها ؛ لدى البعض الآخر ؛ "راحة" طالما ساهمت في تبديد أجواء الاحتقان ومحو وخزات الضمير . بيد أن هذه الصراحة والمصارحة ؛ في مجال السياسة ، بمعنى تدبير الشأن العام ؛ لها أزياء خاصة ، من الصعوبة الكشف عما تخفيه إن كانت وجها صريحا أو مزيفا أو مجرد واجهة للاستهلاك ، على أن وضوحها من عدمه يعتمد على مناخ الحريات السائد في بلد ما ، فكلما كانت هذه الأخيرة متاحة بين أفراده ومؤسساته كلما أمكن معانقتها ، واستعمالها كأداة للرقي بالإنسان والعكس صحيح .

 

ما أكثر استهلاكنا "لوضع النقاط على الحروف" !

 

 

درجنا ؛ في معظم محادثاتنا ؛ على استعمال تعبير "وضع النقاط على الحروف" ، وهو ما يعني حرصنا على الوضوح "والصراحة" ، "والمكاشفة" في علاقاتنا وتواصلنا بالآخر ، لكن هل هذه النقاط تبقى كافية لاستجلاء حقيقة المواقف ؟ فقد تكون مبتورة مما يعني الإفضاء بنا إلى حقائق زائفة أو غامضة أو مغلوطة ، كما الحال في معظم الأخبار التي تمطرنا بها وسائل الميديا أو نستهلكها من الأقربين إلينا . والقارئ أوالمشاهد ؛ على حد سواء ؛ لا يعلم بالضبط درجة صحتها وملامستها للواقع الحي ، إلا أن الباحث المتمرس بالمجال والعلاقات الاجتماعية خاصة ، بإمكانه "تصحيح" الجملة الخبرية ، فيعيد لكل حرف وارد في خبر أو موقف معين نقاطه الطبيعية المستحقة ، وبذلك تنجلي أمامه حقيقة هذه الأخبار والمواقف بعد تشذيبها من الزوائف والمساحيق

مجموع المشاهدات: 957 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة