الرئيسية | أقلام حرة | رائحة الموت في كلّ ربوع الوطن

رائحة الموت في كلّ ربوع الوطن

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
رائحة الموت في كلّ ربوع الوطن
 

لم يَعُد على هذه الأرض ما يستحقّ الحياة، أينما وليّت وجهك فثمّة رائحة الموت تَزكُم أُنوف من لازالوا ينتظرون دورهم .

 

إنّك ميّت في هذا الوطن لا محال ، لا داعي للبحث عن الموت فهوّ أقربُ إليك من حبل الوريد ،ولا تقلق فالدّولة حريصة كلّ الحرص على توزيعه بالعدل على أبناء الشّعب و بالمجّان.

 

قبل أن نرى مآسينا تعلو على الشّاشات ، وقبل أن نرى موتنا يُرفرف عاليّا كل يوم ، وقبل أن تُسافر أرواحنا إلى مثواها الأخير، فإنّها قد لقيت الموت في وطنها آلاف المرّات.

 

ماذا تُسمّي العيش في أوطان أقل ما يقال عنها أنّ أرخص ما فيها هو الإنسان .

 

بماذا يمكن أن نسّمي وجودنا في أوطان بلا أدنى كرامة أليس مَوتاً؟ أليس وجودنا على هذه الأرض أكبر وقعاً علينا من الموت الذي يقينا على الأقل شرّ هؤلاء الذين يتلذذون بعذاباتنا كل يوم ؟

 

قبل أن نموت غرقاً أو حرقاً أو حتّى شنقاً فنحن نموت ألاف المرات .

 

نموتُ عندما تُهان كرامتنا، ونموت عندما يُستهتَر بأرواحنا في هذا الوطن، ونموتُ عندما يُجرّدوننا من كل خصائصنا الإنسانية،ونموت عندما نصبح مجرّد أرقام في معادلات من لا يريدوننا أن نُشاركهم هواء هذا الوطن .

 

القصّة لن تنتهي عند موت أحدنا أو غرق بعضنا أو سقوط بعضنا، القصّة أكبر من ذاك بكثير فموتنا هو حياة لغيرنا.

 

نموت كي يحيا الوطن نقصد الوطن الذي سرقوه من الشّعب ونسبوه إليهم وحولوه إلى مزارع لأبنائهم وزوجاتهم أمّا البُسطاء من أمثالنا فلم يعد لديهم من وطن سوى الموت .

 

سَنموتُ كي يحيا الطّغاة وأبناؤهم وعائلاتهم وعشيقاتهم .

 

سنموتُ كي نفسح المجال للّصوص المال العام لكي ينهبوا أموال الشّعب بكل أريحية ،

 

سنموت كي لا نشهد على فشل مخطّطات ساستنا العظام الذين لا يقبلون أن نرى فشلهم ،

 

سنموتُ كي لا يُقال إنّنا نَشهد على الظّلم الذي يُمارس على الشّعب لأنّ أمثالنا لا يستحقون أن يكونوا شهوداً على كل هذا الظُّلم والأجدر بهم أن يكونو شهداء.

 

مع أن مَوتنا هذا سيُريحُهم من صرخاتنا ، من أنيننا ، من أهاتنا، من عذاباتنا، كما أنّه سيُمكّنهم من مُمارسة المزيد من الظُّلم والفساد ومزيد من الاستبداد ،وبما أنّ موتنا سيُتيح لهم المجال لبناء صروحهم على أنقاضنا فإنّنا نقترح عليهم أن يبتكروا طرقاً للموت أكثر تقدُّماً من تلك التي يوزّعونها على الشّعب بالمجّان، ربّما لأنّ الطّرق القديمة وإن كانت فعّالة فإنّها لم تعد تستجيب لمتطلّبات العصر، فهؤلاء يستحقُّون أن نموت بلا ضجيج وبلا أدنى صُراخ ،فموتُنا ربّما يُفسد عليهم فرحة الاستمتاع بأموال الشّعب وبثرواته التي أدركوا أنّهم أحقّ أن يستمتعوا بها دون غيرهم .

 

 

رحم الله ضحايا الحادث الأليم وأسكنهم فسيح جناته

مجموع المشاهدات: 712 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة