الرئيسية | أقلام حرة | الميديا الشعبية بين الترفيه والتضليل والترشيد

الميديا الشعبية بين الترفيه والتضليل والترشيد

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
الميديا الشعبية بين الترفيه والتضليل والترشيد
 

الميديا الشعبية حينما تخترقها الحكومات

 

ظاهرة باتت تجتاح بلدانا عربية ؛ تعيش على صفيح ساخن ، بفعل موجات الغضب الجماهيري ، تتحدد في اختراق بعض الأجهزة الحكومية للميديا الشعبية أو مواقع التواصل الاجتماعي Social media على نطاق واسع ، واتخاذها موارد استخباراتية Intelligence Resources ، أو قنوات لتمرير رسائل ؛ أكثرها ملغمة تستهدف بالدرجة الأولى تخطيء أو بالأحرى تضليل الرأي العام ، في محاولة لخلق تصدعات في مواقف التيارات الشعبية الداعية إلى "إسقاط" الحكومات كبوابة أولى إلى التغيير .

 

ونعلم جيدا ؛ من خلال القصاصات الإخبارية المتوالية ؛ أن هذه الحكومات تحت المرجل ، ذهب بها خوفها وقلقها على مصير كراسيها ومصالحها الشخصية إلى توقيف أو حجب الشبكة العنكبوتية Internet على الشعب ، وفي آن لتكسير وحدة التضامن الجماهيرية .

 

الميديا الشعبية أو الثقافة الفرجوية

 

لا مراء في أن الميديا الشعبية أصبحت ؛ على حد سواء ؛ محطة تلاقي العنصرين الأمي والمتعلم ، وأكثر موادها لا تخرج عن نطاق التضليل والتشهير أو الإشهار والتلفيق ، وأحيانا الترويج لتيار إسلاموي معين .. ولما كانت الصورة المحرك الأساس في كل معلومياتها ، تلقفتها شريحة واسعة من الجماهير الشعبية المنضوية تحت لواء 75% من الأمية الأبجدية ، واتخذت منها وسيلتها الحميمية في تلقي هذه الرسائل أو بث أخرى مناظرة أو مناقضة لها ؛ مستعملة تقنية مقطع الفيديو بإثارة جد عالية ، مما يسهم في استقطاب نسبة هامة من المستهلكين لثقافة الموبايل الذكي SmartMobile ، أفضت أخيرا إلى إلى خلق وعي مستلب بمرجعيات تضليلية متعددة ، يصعب معها إيجاد توافقات في الرأي ، وهو ما صرنا نلمسه حاليا في موائدنا المستديرة من آراء ومواقف متنافرة مشعثة لا تصمد أو بالأحرى لا يمكن أن يقبل بها الفكر البناء ولا يستسيغه منطق الأشياء في البناء الحضاري الإنساني .

 

الميديا الشعبية والبناء الديموقراطي

 

الميديا الشعبية أداة ذات حدين ؛ إما أن تسقط بأيدي أناس أميين جهلة أو بأيدي واعية ، وهنا يتساءل المرء ؛ هل التظاهرات الجماهيرية العربية وما صار لها من زخم في السياسات الحكومية حاليا قادرة على المضي في البناء الديمقراطي ، أم أنها مجرد زوبعة لا تلبث أن تنطفئ في فنجان العسكر ؟!

 

 

قد تكون لنا في التجربتين الجزائرية واللبنانية ـ على الأقل ـ مدخلا للإجابة عما إذا كانت الجزائر أو لبنان ماضيتين في مسارهما الديمقراطي أم لا ... لكن لطالما كان المناخ السياسي في البلدين لم يصف بعد ؛ حتى الآن ؛ على الرغم من مكاسب هامة تم تحقيقها ، والتي لا يجب نكرانها ؛ كتنحية الحكومة في البلدين وإجبار بعض رؤوس العهد الماضي على المثول أمام القضاء ... فإن تصريف الشؤون العامة في البلدين ما زال يجري تحت الإشراف المباشر للأجهزة الأمنية ، وبالتالي فالأمور ستؤول لها في نهاية مطاف التظاهرات هذه ، إما بالذهاب إلى صناديق الاقتراع لانتخاب أجهزة حكومية جديدة ، أو تنصيب حكومة تقنوقراطية يعهد لها بتدبير الشأن العام الوطني ، فالمؤسسة العسكرية ؛ وبمعظم الأنظمة السياسية العربية ؛ تتمتع بنفوذ قوي ، يصل تأثيره إلى مواقع القرارات ، ولا يمكن بحال إغفاله في أية معادلة سياسية ، بخلاف ما إن كانت هذه الميديا الشعبية موظفة من قبل جماهير شعبية تتمتع نسبيا بوعي سياسي وحس وطني ، كما عبرت عنه التظاهرات الشعبية في فرنسا المعروفة بأصحاب السترة الصفراء Gilet jaune ، فكان لها تأثيرها المباشر ، ولمطالبها الصدى القوي في العمل الحكومي الفرنسي ، أجبره على العدول عن عدة قرارات سياسية واستجابته إلى أهم المرتكزات التي انبنت عليها مطالب الجماهير الشعبية الفرنسية ، وفي هذا ضخ لدماء جديدة في الجسم الديمقراطي على درب التغيير وملامسة أحاسيس الشعب ... دون أن يذهب نضاله ليسقط بأيدي العسكر أو أن يتوارى خلفه ، كما عهدنا حتى الآن في الانتفاضات الشعبية العربية .

مجموع المشاهدات: 402 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة