احتفالية رائعة بالأضواء في مباراة الجزائر وبوركينافاسو بملعب مولاي الحسن

مدرب الجزائر بيتكوفيتش: رغم الصعوبات، تمكنا من تقديم أداء قوي وتجاوز التحديات

زيدان وأسرته يحضرون مجددا لمؤازرة المنتخب الجزائري في كأس إفريقيا بالمغرب

مغاربة فرحانين بفوز المنتخب الجزائري أمام بوركينافاسو بملعب مولاي الحسن

لحظة وصول منتخب أوغندا لمدينة فاس

إبراهيم مازا سعيد باختياره أفضل لاعب في مباراة الجزائر وبوركينافاسو

دور الدولة6: حول الطرق والنقل

دور الدولة6: حول الطرق والنقل

سعيد المودني

سيكون هذا آخر مقال في هذه السلسلة التي تضمنت ملاحظات حول دور الدولة ووظيفتها النظرية من جهة، وما يقوم به واقعيا "نظامنا" بوصفه مدع للقيام مقام الدولة، مع أني لم أتعرض فيها للكثير من الجوانب والمجالات منها الحيوية والأساسية، على رأسها قطاع الصحة ومجال السكن وغيرهما...، ربما أعود لها في وقت لاحق إن شاء السميع القدير..

 

وأختم هنا بالتعليق على قطاع لا يقل حيوية ما دام يشكل أساس البنية التحتية، وشريان الاقتصاد، ومسار وحامل الإنسان الذي لا غنى له عن التنقل ما دام حيا.. إنه مجال النقل بطرقه ووسائله خاصة البرية، ما دامت الجوية والبحرية في حكم المعدوم..

 

فعلى مستوى الطرق، يلاحظ أن كثيرا من جهات البلاد تكاد تقتصر طرق الربط وطرق المناطق القروية على ما شيده الاحتلال أيام حكمه المباشر، ويُضرب هنا الشمال وروابطه مع الداخل مثالا واضحا.. بل إن كثيرا مما تآكل منها وتحفر وانجرف وضاق لا يتم استصلاح ولا توسيع أغلبه، اللهم ما كان من بعض الأعمال الترقيعية السطحية، ناهيك عن أن مناطق شاسعة لا تخترقها أية طريق، وفي مناطق أخرى شيد السكان لأنفسهم طرقا، ولو بدائية، يستعملونها في غير فصل المطر والوحل..

 

ومع هذا الفقر المدقع والخصاص المهول، فإن من يسافر في هذه المسماة طرقا -غير الطرق السيارة- يقتنع أنها نوعان: نوع "مدوّر/محفّر"، إذا سقت فيه بحليب، تيقن أنك ستصل به لبنا، ونوع "مستّن"، أي مسقف السرعة في 60 كلم/س بـ"القانون".. فكلما أتيحت لك فرصة لتدارك الوقت الضائع وإراحة أعصابك ومحرك سيارتك، تجد أمامك جنيا أحمر في لوحة يمينية: 60!!!.. والغريب أن أصحابنا أطر التجهيز(ومعهم "القناصة") "مغرمين" بـ 60، إذ يثبتونها في الطريق التي يمكن أن تسير فيها بسرعة 100 كلم/س،، كما يضعونها على الطريق التي لا يمكنك أن تتجاوز فيها 30 كلم/س!!!..

 

من جهة أخرى، ولأن مسؤولينا لهم وجه للداخل وآخر للخارج، فإن لوحات تحديد السرعة المنصوبة واقعيا في الطرقات تخالف المعطيات المسلمة إلى الجهات الدولية، ذلك أن علامات تحديد السرعة في التطبيقات الرقمية الخاصة بالسير على الطرقات غالبا ما تكون أكبر من تلك المثبتة على الأرض.. إنها قمة مراتب النصب والاحتيال والانفصام والظهور أمام الغير بمظهر "معقول" يلائم فيه تحديد السرعة حالة الطريق، وتغيير سقف السرعة على الأرض بما لا يلائم بتاتا حالة الطريق والسرعة الافتراضية الدنيا فيها..

 

هذا التشدد والتحايل في وعلى وضع لوحات تحديد السرعة ومراقبتها، تقابله رداءة قل نظيرها في الاهتمام بشق الطرق أو تعبيد الموجود منها أو صيانة المعبد منها، لدرجة أن القائمين على "امتحانات" رخص السياقة في المغرب يجب أن يضيفوا مكونا يتعلق بـ"المراوغة" أثناء السياقة، مع أني لا أظن أن ينجح فيه إلا من كان ذا بداهة وسرعة خارقة في رد الفعل!!!..

 

خطوط سكك حديدية لا يتعدى عدها أصابع اليد الواحدة أغلب غالبيتها غير مثناة، شبكة طرقية هزيلة التغطية، الموجود منها رديء التصميم، منعدم الصيانة، يقف على المقبول منها قناصو "الزفت" براداراتهم البشعة الطلعة... وهذا حال طرق الربط، أما الطرق والمسالك القروية فهي بين المعدوم والموحل وما شقه السكان... هذه بنية المواصلات البرية في البلاد..

 

أما بالنسبة للوسائل التي تسير على هذه الشبكة، فهي ليست أحسن حالا، ولم تكن لتغطي على عيوب هذه الأخيرة.. فعلى مستوى النقل الحضري، نجد حافلات قديمة بالية مهترئة قليلة العديد والخطوط، ما يجعل الركاب لا يعانون من طول الانتظار فقط، وإنما من سجن الزحام ومن منتهزي الفرص لممارسة رياضة خفة الأصابع.. أما بخصوص سيارات الأجرة للنقل الحضري، فإن العديد من سائقيها يرفضون استعمال العداد ليحددوا هم الأجر الواجب دفعه..

 

النقل في القرى مصيبته أعظم وكارثته أضخم.. ففي غياب الوسائل القانونية لنقل الركاب إلى المراكز والأسواق والمداشر، يبقى قطاع النقل أهم مجال للاستثمار المحلى، حتى أن كثيرا من الفلاحين باعوا أراضيهم واشتروا بثمنها لأبنائهم سيارات تحمل دائما غير ما خصصت له، وفوق ما خصص لها من أمتعة وركاب وحيوانات تحت سقف واحد..

 

 

وقد تعبر بعضَ الطرق المعبدة بعضُ حافلات النقل العمومية، كما تعبرها بعض سيارات الأجرة.. لكن مع ذلك يظل الإشكال قائما لسببين على الأقل: أولا، لآن تلك الوسائل القانونية تمتلئ غالبا عند نقط الانطلاق أو في المراكز الآهلة، أما المنتظرون على حافتي الطرق الطويلة فلا يجدون من يقلهم، ليبقى أملهم الوحيد في الوصول إلى مقصدهم هو التعرض لأصحاب السيارات الخاصة السالفة الذكر تكدسهم قياما وقعودا، بشرا وحيوانات.. ثانيا، تلك الوسائل القانونية لا تقبل إلا الركاب الذين سيقطعون مسافات معينة، أما من يقطع مسافة أقل فلا يقبل، نظرا لزهد الثمن المنتظر أداؤه.. ثم إن الوسائل هاته غالبا ما تمتنع عن حمل بعض السلع والأمتعة والدواجن وغيرها مما يحتاج الناس لنقله للتسوق أو غيره.. زد على ذلك أنه لا أثر لها في الطرق غير المعبدة المؤدية إلى المداشر والدواوير والمرافق التابعة لها من أسواق ومستوصفات ومدارس وجماعات محلية...


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة