الرئيسية | أقلام حرة | رسالة في الحقد والكراهية

رسالة في الحقد والكراهية

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
رسالة في الحقد والكراهية
 
خلق الله تعالى البشر وجعل اختلافهم في الالوان والجنس محركا للتلاحم والمحبة .وقد ناصرت الفطرة السليمة توجه الانسان نحو الخير .فلسفيا دار نقاش بين طوماس هوبز وجاك روسو حول هذه القضية أي الخير ،اذ وصف طوماس هوبز الانسان بأنه " بشع " و " همجي " ،يستعصي عليه التساكن مع بني جلدته في سلام الا في وجود مجتمع وقواعد لكبح جماح غرائزه وشهواته ، ولكن روسو عبرعن معارضته على الملأ ، زاعما في المقابل أن الانسان يظل لطيفا ونقيا طالما كان بمنأى عن فساد النظام الطبقي الذي يفرضه المحتمع وما ينطوي عليه من ظلم وجشع.
علما ان الدراسات الحديثة في علم النفس التطوري قد أثبتت وجود شيء من ما يسمى ب" الخير الفطري " لدى البشر ،وقد تناولت الدراسة بشكل اساسي الاطفال .فتاكد أن بعض الاطفال على الأقل يتقدم لديهم الحس الاخلاقي الذي يملكهم القدرة على التمييز بين الخطأ والصواب في سن أقل مما كان متوقعا .
ولقد اعتقد ابن خلدون ان الشر نزعة طبيعية يقول في هذا الصدد " ومن أخلاق البشر فيهم الظلم والعدوان بعض على بعض فمن امتدت عينه الى متاع أخيه أمتدت يده الى أخذه إلى أن يصده وازع " 1
لكن يستدرك ابن خلدون امر الشر في الانسان فيتوقف لوجود وازع قد يكون دينيا عندما يتعلق بالمنظومة الفكرية لابن خلدون .او المنظومة الأخلاقية والثقافية عند شعوب اخرى ويعزز هذا الكلام ما أشار اليه عالم الاجتماع إميل دوركايم عندما صرح بان لكل مجتمع اخلاقه .
لكن مهما كانت الخطابات وتنوعها ،لا بد من ابراز أهمية النفور من الخير وسطوة الشر بل وكان إرادة الشر غالبة على الناس تحركم كما تريد .والشر عنف مستشري في منظومتنا الاجتماعية والتي تحمي التهميش والاقصاء والعنف .بل تدين كل شاهد خير .
قد يمنعنا الاسلام من الشر وقد يدعونا وبنصوص صريحة بملازمة الاعمال والافعال الخيرة .وقد تدفع التعاليم المسيحية اناسها إلى تفادي الشر وكذا كل الاديان والثقافات والافكار .
وليلقى الشر موجودا والحقد كذلك ومعارهما ناجحة لان العالم وما يسري فيه من قيم التخاذل والتهميش والتركيز على الانعزالية والتفرد بعيدا عن المشاركة والتفاعل والانحياز السلوك القويم .
وكم من حقود معجب بنفسه .وكم من معجب يتهور في لحظة احساس بنشوة انتصاره .ولابد من التأكيد على أهمية معارك الخير ضد الشر ،رغم قوة هذا الأخير.
شرط البشرية الانعتاق من أقبية الحقد والكراهية والسير في أفق الأخلاق الحميدة .ولنكن على دراية ان إقصاء الحقد فينا واعتبار الحسد من عوائق وحدتنا .لن نترك للشر مجالا العبث بارادتنا .
محمد للاغظف بوية العيون 
 
 
هوامش 

 

1 عبد الرحمان ابن خلدون كتاب المقدمة ص 482
 
مجموع المشاهدات: 2252 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة