بوسلهام عميمر
اليوم وقد اعترفت أكبر دولة في العالم بسيادة المغرب على كامل ترابه الوطني من طنجة
لكويرة، بتوقيع الرئيس الأمريكي لمرسوم رئاسي له قوة قانونية و سياسية واضحة، وإبلاغ
دول مجلس الأمن، والأمم المتحدة بالقرار، مرفوقا بطلب فتح قنصلية بمدينة الداخلة، كان
من نتائجه توقيع السفير الأمريكي بالرباط على خريطة المملكة المغربية تضم كافة أراضيه
بما فيها أقاليمه الجنوبية. هذا علاوة على حزمة من المشاريع الاستثمارية تهم الطاقات
المتجددة، و الصيد البحري، والسياحة وغيرها من القطاعات مما يعود على ساكنة المنطقة
بالرفاه.
فماذا جلبتم أنتم للصحراويين المحتجزين بتندوف لمدة تزيد عن أربعين سنة، أكثر من
العيش على المساعدات الأجنبية لا يصلهم منها إلا الفتات، و حياة الذل والعار تحت الخيام
شتاؤهم كصيفهم، بدون أمل في تحسين أوضاعهم المعيشة؟
ما الذي تبقى لكم عسكر قصر المرادية، تراهنون عليه لإطالة عمر هذا المشكل المفتعل
الذي جنى على شعوب المنطقة جناية سيحاسبكم عليها التاريخ لا محالة، بتعطيل قطار
وحدتها عن بلوغ محطته، ومن تم تفويت فرص التنمية على شعوبها مجتمعة؟
فما الذي بقي لكم تقامرون به، والقنصليات يتوالى فتحها بمدينتي العيون والداخلة من قبل
دول عربية شقيقة ودول إفريقية بعد أن أدركوا الخداع الذي مارستموه عليهم طيلة عقود
من الزمن، مستغلين مقعد المغرب الفارغ بالاتحاد الإفريقي، لتمرير قراراتكم المجحفة في
حق المغرب، وصل بكم الحال لمقايضة بترول الشعب الجزائري الشقيق وغازه بالاعتراف
بجمهورية الوهم.
اليوم يتساءل الجزائريون عن الملايير الممليرة التي انتُهِبت باسم دعم جبهة البولساريو، و
يتساؤلون بمرارة عما ربحته بلادهم من وراء هذا الصراع طيلة كل هذه العقود. فحبل
الكذب قصير. مهما طال أمده فهو إلى زوال؟
ثارت ثائرتهم، و قامت قيامة أقلامهم المأجورة ولم تقعد، فطفقوا يوزعون الاتهامات يمينا
و شمالا بغير بوصلة، دون أن تكون لإعلامهم الرسمي الشجاعة للتفوه بكلمة في حق
الولايات المتحدة فيكون الثمن غاليا. إن بين يديها كل الملفات الحساسة على رأسها صفقات
الأسلحة.
أفلا تستحيون؟
اليوم فقط بعد عقود من الزمن على تأسيس الاتحاد المغاربي تذكرتموه، وتدّعون زورا بأن
ما قام به المغرب باستئناف علاقته مع إسرائيل، إنما هو طعنة في خصره وشوكة في حلقه،
وهلم هلوسات لا أساس لها، وكأنكم قبل هذا التاريخ كنتم أحرص حكام المنطقة على تفعيل
مقتضياته.
فمن ظل يعرقل مسيرته طيلة كل هذه السنين؟ المغرب لم يفوت أية مناسبة رسمية إلا و
يبسط ملكا و شعبا، يدعوكم فيها إلى طي صفحة الخلاف والعمل معا لتحريك عجلته
الوحدوية، فتقابلون كل الدعوات تارة بالتجاهل وأخرى بالاستخفاف و الإمعان في الكيد له
في كل المحافل الدولية. ولكن كما يقال إذا لم تستح فقل ما شئت.
القضية الفلسطينية التي تذرفون عليها اليوم دموع التماسيح، ما الذي قدمتموه لها أكثر من
الشعارات الجوفاء. فحسب الموقع العربي موقع فلسطيني يتحدث عن تراجع الدعم العربي
لمنظمة التحرير الفلسطيني لهذا العام (2020) بنسبة كبيرة بلغت 82%، فقطر مثلا تراجع
دعمها ب6,81% والسعودية تراجعت مساعدتها ب12 ,77%، أما الجزائر التي تتحدث
عن التطبيع وعن خيانة القضية الفلسطينية والتفريط في الشعب الفلسطيني، فحسب هذا
الموقع أنها تراجعت ب 100%، أي لم تساهم ولو بدينار واحد خلال هذا العام. في المقابل
المغرب الذي لا بترول له ولا غاز، ملتزم في إطار وكالة بيت مال القدس التي يرأسها
جلالة الملك ب 85% من ميزانيتها، تتولى تنفيذ عدد من المشاريع الهامة بالمدينة المقدسة
على مدى عشرين سنة منذ تأسيسها، تهم القطاعات الاجتماعية الأساسية من صحة و تعليم
و ثقافة سعيا من المغرب لاستقرار المقدسيين بأرضهم والحفاظ على طابعها الإسلامي.
وكان لهذا الدعم دور فعال في مواجهة آثار جائحة كورونا على الساكنة المقدسية، بمد
مستشفياتها بعدد من اللوازم الطبية، وفي قطاع التعليم بتوفير اللوحات الإلكترونية لمواصلة
المتعلمين تعليمهم عن بعد بالمدارس والجامعات، فضلا عما حصلت عليه مجموعة كبيرة
من العائلات المقدسية من مساعدات إنسانية كانوا في أمس الحاجة إليها مع أزمة سوق
الشغل.
