الرئيسية | أقلام حرة | تواطؤ المؤسسات الوسيطة

تواطؤ المؤسسات الوسيطة

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
تواطؤ المؤسسات الوسيطة
 

في المرتبة الثالثة بعد هرم السلطة وواجهة الحكومة، نصل إلى المؤسسات الوسيطة كمنصة مشرعِنة للنظام السياسي القائم، بصفتها محضن الطبقة السياسية التي تتصدر المشهد الذي يتم تصديره للناس..

إنها الطغمة التي "الشاهدة" على ما يتعرض له الشعب من مظالم من نظامه المتمثل في الحاكم الفعلي والأخطبوط الجانبي الذي يؤمّن السيطرة.. وأكثر أوجه هذه المظالم إيلاما هو التفقير مقابل إثراء تلك الطبقة الحاكمة والمتعاونة، وهو ظلم ساد تاريخ "الدولة المغربية العصرية" كله.. غير أنه(النظام) في كل مرة يختلق تمثيلية يضحك بها على ذقون الشعب حين يوهمه أن أمر الإصلاح والمراقبة والترشيد والحكامة ممكنة عبر هيئات "منتخبة" منبثقة عن مؤسسات وسيطة تمثل الشعب في أحزاب ونقابات وجمعيات... يمكنها ضبط الإيقاع والضرب على يد "الظالم/المتحكم"، ورد الحقوق إلى أهلها...

والحق أنه لا يمكن أن يتأتى الظلم المطلق إلا من الحاكم المتمكن من كل أدوات الجبروت، وعليه إذا كان "المخزن هو الظالم"، كما يروى عن "عبد الرحمن المجدوب" رحمه الله، وكما هو واقع في كل دول الاستبداد. وإذا كانت "المؤسسات" قد أُسست كي تضمن حقوق الشعب وترفع هذا الظلم بالوقوف في وجه هذا "المخزن" الظالم،، فلتظهر للناس هذه المؤسسات إذن وقفة واحدة وحيدة موحدة في وجه هذا المخزن الظالم"، كيما نستطيع استشعار شيء من الثقة فيها وفي مهمتها، خصوصا وأن المواطنين لم يطّلعوا على أي فعل قامت به هذه المؤسسات تجاه السلطة المتمركزة المتحكمة المطلقة، ولو حتى معارضة فكرة واحدة من أفكارها أو نقد جملة من كلامها، يمكن أن يعتبروه(الفعل) مؤشرا -ولو وحيدا- على إمكانية قيام هذه الجهات بالدفاع فعلا عن حقوق الشعب في وجه الحاكم المتفرد المتغول!!!..

أما إذا كان النظام فوق التقويم، وهو الحال، فممن يحمي أولئك "الوسطاء" المواطنَ؟ ولماذا لا تخلى له(النظام) الساحة وحيدا، من جهة يعرف الناس المخاطَب، ومن جهة أخرى توفر الخزينة الموارد الفلكية التي تستهلكها هذه المؤسسات مجانا؟؟!!!..

إن هذا التصفيق والتصديق الدائم، بل والقبلي، على كل ما يصدر عن مظنة الظلم وبؤرته والقادر عليه والمسؤول عنه، هذا الوفاق الدائم الأبدي السرمدي وهذه الموافقة والمطابقة والمواءمة الثابتة لا يمكن أن تبني أو تبين أو تدلل على وجود مثقال حبة من خردل من الثقة أو المشروعية لتلك المؤسسات!!!..

بالمباشر، القاعدة أن الظلم يمارس من الحاكم على المحكوم. فتتدخل مؤسسات لضمان رفع الظلم. ولتقوم بذلك الدور يجب أن تقف في وجه الحاكم، وما دامت تلك المؤسسات في وئام مع الحاكم، فهي بالضرورة في صفه!!!..

أحزاب ونقابات مشاركة في "اللعبة" منذ عشرات السنين، لا يختلف تاريخها عن تاريخ "المناضَل ضده"، بل هي أقدم، كل أطرها مستفيدة من الريع، كوادرها متجمدة، جزء كبير منها من إنتاج "الذي هو الداء"، يتبادلون الأدوار في المسرحية، لا يختلفون إلا على الحصص أو الأسهم،، كيف يمكن التعويل على مثل هذه الكائنات؟؟!!!..

إن البلد لا يكاد يضم أي حزب بالصفة التي أنشئت لأجلها الأحزاب، اللهم ما كان من عمليات تبطيق واستثمار سياسوي للمحطات الانتخابية من طرف مافيات المصالح وحثالة الانتهازيين ورثوا خيم ودكاكين العطارة السياسية الموسمية للارتزاق غير المشروع وشهادة الزور والمتاجرة بمعاناة المقهورين.. وهي على كل حال لا تخرج عن صنيعة صانعها(المخزن)، لإرشاء "خيوط التحكم في المجتمع"، وتوسيع قاعدة الفساد، و"على عيون العديان"(المنظمات الدولية)، وجعلها مشجبا و"جفّاف" وكبش فداء عند الحاجة..

وحتى بهذا الشكل المشبوه، فإنه من المأمول أن يكون للمسمى من اسمه نصيب، خاصة عندما يكون هذا المسمى مؤسسة يتحكم منشؤوها في اسمها ووظيفتها يُفترض فيهم المواءمة بين المكونين.. لكن المتأمل في هذه الكيانات يجدها تفتقر للانسجام والمصداقية ولو في أدنى شكلية،، وهي الاسم.. إنها اسم على غير مسمى..

فحزب الاستقلال لا ندري لا يزال يستمر في الاستقلال عمن، أو عماذا؟ هل "الحزب" لا زال حبيس أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي؟ أم أن "العفيريت" يعرف تمام المعرفة أنه ليس هناك استقلال،، ولا زال يطالب به؟ أم أنه يحيل "الاستبداد" محل "الاستقلال"؟ لماذا لم يغير اسمه إلى الآن؟؟!!!..

أما الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فإنا نعجز عن إدراك أية اشتراكية ينادي بها؟ هل يقصد خوصصة ولعلو مثلا؟ متى نادى بالاشتراكية؟ لماذا لم يطبق أيا من مبادئها إبان إشرافه على تسيير الشأن العام؟؟!!!..

أما التقدم والاشتراكية، ودون الرجوع إلى مسألة الاشتراكية الشريك فيها مع أخيه من الرضاعة السابق الذكر،، فإنا لا نعلم أين يتجلى التقدم في بنيات الحزب، وأمينه العام الأسبق استمر في القيادة منذ 1946 إلى حين وفاته عام 1997، ليتنافس على التعويض شخصان لجأ الخاسر منهما إلى تأسيس "حزب إضافي"!!!..

أما التجمع الوطني للأحرار، فإنا لا نرى ما وجه الوطنية،، والحرية في التجمع؟ بل ما هو وجه "الحزبية" في "الحزب" وفق تحديدات الأحزاب الواردة في القوانين الدستورية والتي مجملها التآم جماع من الناس تجمعهم روابط فكرية معينة؟؟!!!..

أما العدالة والتنمية، فنتساءل أين التنمية في تدبيري الحزب الداخلي والخارجي، ما دامت العدالة غابت تماما من تدبيره للعدل؟؟!!!..

وبخصوص الأصالة والمعاصرة فالسؤال عن ماهية الأصالة في "الحزب"؟؟!!!..

 

أما النطيحة والمتردية وما عفّ الضبع فالأكرم ألا يُلتفت إليها..

 
مجموع المشاهدات: 1486 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (1 تعليق)

1 | حمزة
معقول
اصبتم ياسيدي. الحقيقة هي هذه ....الا هد الله اخبارنا تنشر هد التاييد للمقال المتميز الصريح مصيب ت نا احزابنا لا خير فيهم وشكرا
مقبول مرفوض
3
2021/01/12 - 04:47
المجموع: 1 | عرض: 1 - 1

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة