عزالدين العيساوي
عندما نريد أن نغير قانونا ما في بلد ما فيجب أن نأخذ بعين الاعتبار رأي الجماهير في ذلك لأن القانون يمسها بصفة مباشرة. فكل مجتمع إنساني يتميز بخصائص تجعله يختلف عن المجتمعات الإنسانية الأخرى، و بالتالي فإن القوانين يجب أن تعكس خصائص هذا المجتمع لا أن تفرض عليه من طرف أقلية ما أو من جهة ما تمارس دور الوصاية. البعض ينظر إلى المجتمعات الإنسانية بنظرة الاستعلاء و الوصاية، فهو يطالب بتغيير القوانين رغم تعارضها مع المجتمع. و هذه النظرة الازدرائية للمجتمع تنطلق من مسلمة خاطئة من الأساس و هي : أن المجتمع المعني بتغيير القوانين مجتمع متخلف تحكم قوانين بدائية، و بالتالي وجب نقله إلى حالة الحضارة. إن هذه النظرة للقانون هي نظرة أيديولوجية تسعى إلى تغيير قيم و مبادئ المجتمع من خلال تغيير قوانين. و المشكل هنا ليس في اعتماد قوانين جديدة تساهم في تطور المجتمع، بل المشكل في ممارسة التسلط الأيديولوجي على المجتمع و التعامل مع أفراده كقطيع لا يفقه في أمور الحياة شيئا. فلو طلبنا بقوانين جديدة و كان المجتمع موافقا عليها فمعنى ذلك أن حاجات المجتمع تطورت و بالتالي نحتاج إلى قوانين جديدة.
إن القانون ذو الخلفية الايديولوجية قانون دكتاتوري بطبعه يحاول أنصاره أن يفرضوا نمط حياتهم على المجتمع. أما القانون الديموقراطي الذي يحترم الإرادة الشعبية فهو القانون الذي يعكس حاجة المجتمع، و بالتالي ينسجم مع طموحات المجتمع و آماله.
إن بين الأشياء السلبية في المجتمعات الحديثة، و التي تعكس فرض الوصاية على الشعوب و المجتمعات هي اعتماد الديموقراطية التمثيلية التي تعتبر إحدى أوجه ممارسة الحكم الديكتاتوري. فالشعب في هذا النوع من نظام الحكم يفوض أمره و إرادته لفئة تمثله و تقوم بتشريع القوانين و إصدار القرارات بالنيابة عنه دون أن يشارك هو فعليا في صياغة تلك القوانين و القرارات، و بالتالي يصبح الحديث عن الديموقراطية هنا مجرد وهم تبيعه الأقلية المسيطرة للاغلبية المسيطر عليها.
