الرئيسية | أقلام حرة | لماذا البوليساريو ليست طرفا؟

لماذا البوليساريو ليست طرفا؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
لماذا البوليساريو ليست طرفا؟
 

أول مقاربة للتعاطي مع ما أطلق على تسميته بالبوليساريو قد تمت في عهد المرحوم جلالة الملك الحسن الثاني وكانت على أساس أنهم شباب من المغاربة المغرر بهم، وذلك في محاولة من جلالته لإقناعهم بالعودة إلى وطنهم.  ومن رحم تلك المقاربة وجه لهم جلالة الملك النداء الشهير "بأن الوطن غفور رحيم". فلم تكن الانطلاقة على الإطلاق بنية التفاوض من أجل السماح لكيان وهمي بالاستقلال بل كان اهتمام المغرب دائما وما يزال هو التوافق على صيغة في الكيفية التي تعطي لساكنة المنطقة الحق في تدبير الشأن المحلي لأقاليمنا الصحراوية. وقد تمثل ذلك بالفعل في المبادرة المغربية المعروفة بالحكم الذاتي، مبادرة حظيت بإجماع المنتظم الدولي كمبادرة واقعية توفر الأرضية لحل سياسي مقبول ودائم. وفي هذا الصدد سنحاول أن نبين بالبراهين والحجج أن البوليساريو ليس طرفا في ذلك النزاع، وذلك على النحو التالي:

1 ـ مرت ما يزيد على أربعة عقود لهذا الصراع المفتعل وثبت على أرض الواقع وبشكل جلي وواضح أن مرتزقة البوليساريو ما هم إلا عبارة عن دمية يحركها النظام الجزائري في أي وقت وحين، كما ثبت أن الطرف الأساسي بقناعة الجميع هم جنرالات الجزائر. فكل التحركات الدبلوماسية والعسكرية التي يقوم بها المرتزقة ما هي إلا أوامر من ذلك النظام. وأكثر من ذلك أن السياسة الخارجية للجزائر لا تعنى إلا بملف واحد وهو معاداة المغرب في قضيته في جميع المناسبات وفي كل المحافل الدولية، وقد فات هذا النظام أن يسمي وزارة خارجيته بوزارة الخارجية لمناهضة المغرب. ومنذ عودة ما يسمى برمطان لعمامرة لوحظ أنه لم يمر يوم واحد من دون أن يعلن هذا الرجل عن موقف يستفز فيه المغرب. وفي كل لقاءاته الرسمية والإعلامية يبدو أن هذا المسؤول لن يهدأ له بال أو يعود إلى بيته وهو قرير العين ما لم يدكر المغرب بسوء. فهل هذه السلوكيات تعني أن النظام الجزائري يكتفي كما يقول بأنه طرف ملاحظ أم أنه في واقع الأمر هو الطرف الحقيقي ولا ينبغي أن نقف عند حدود وصفه بالطرف الرئيسي.

2 ـ النظام الجزائري جعل من قضية الصحراء قضيته الأولى. فالطرف الذي يسمي نفسه بالطرف الملاحظ يفترض فيه أن لا ينفق من أجل قضية ملايير الدولارات في شراء العتاد العسكري وفي إبرام صفقات لشراء مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة منها والثقيلة ومن مدرعات وصواريخ وطائرات حربية. لو لم يكن هذا النظام معنيا بشكل مباشر بهذا الصراع لما سارع إلى شراء الذمم بمال الشعب الجزائري  من أجل انتزاع اعترافات وإقحام كيان وهمي في منظمة الوحدة الإفريقية سابقا وفي الاتحاد الإفريقي حاليا. وفي مجمل القول لولا النظام الجزائري لما كان للبوليساريو أي وجود له كبيدق في الشطرنج الملغوم.

3 ـ إذا كان النظام الجزائري الذي يدعي أنه ليس طرفا في هذا النزاع ، فبأي حق ومن أي موقع سمح لنفسه بأن تقدم عام 2002 بمقترح يقضي باقتسام إقليم الصحراء بين المغرب والبوليساريو وذلك عن طريق إعطاء المغرب إقليم الساقية الحمراء الذي يشكل ثلثي الصحراء، وإعطاء البوليساريو إقليم وادي الذهب. وقد قبلت اليوليساريو بذلك المقترح لأنها ليست مستقلة في قرارها، بينما رفضه المغرب جملة وتفصيلا. يذكر أن هذا الاقتراح الذي تقدمت به الجزائر جاء في أعقاب رفضها لاتفاق الإطار  الذي كان قد تقدم به جيمس بيكر وأكد عليه الأمين العام آنذاك السيد كوفي عنان، وهو ما يعطي الدليل القاطع  مرة أخرى على أن الطرف الحقيقي في هذا النزاع هو النظام الجزائري الذي كشف عن نفسه من خلال ذلك الاقتراح بأن لديه مآرب أخرى تتجاوز وضعية تلك الدمية. . 

4 ـ البوليساريو ليس طرفا في هذا النزاع المفتعل ولن يكون لأنه فاقد للشرعية ولا يتوفر على الصفة التمثيلية. هذا التنظيم عبارة عن عصابة مسلطة على رقاب قلة من المحتجزين الصحراويين الحقيقيين الذين اقتادوهم بالقوة في بداية النزاع إلى معتقلات تيندوف، فيما عمدت الجزائر إلى استقدام واستقطاب  العديد من ساكنة مختلف دول الساحل وزرعها في تلك المخيمات على أنهم من أبناء الأقاليم الصحراوية. قيادة البوليساريو قيادة ليست منتخبة وبالتالي لا يمكن لها أن تدعي أنها ممثلة للشعب الصحراوي كما تزعم. على خلاف ذلك فإن الممثلين الحقيقيين لسكان أقاليم الصحراء هم أولئك الذين أفرزتهم صناديق الاقتراع بشكل ديمقراطي في كل الاستحقاقات الانتخابية التي عرفها المغرب من سبعينيات القرن الماضي إلى آخر استحقاق عرفته البلاد بتاريخ 8 شتنبر المنصرم. وهو الاستحقاق الذي سجل أعلى نسبة مشاركة في الأقاليم الصحراوية على الصعيد الوطني. وهم الآن يمثلون ساكنة الصحراء في المجالس البلدية والإقليمية وفي البرلمان المغربي بمجلسيه.  كما أن هؤلاء الممثلين ولما لهم من شرعية في التمثيل يشاركون في مختلف المحافل الدولية كلجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وكاللجنة الرابعة للتأكيد على أن الأقاليم الصحراوية هي أراض مغربية واختارت على أن تبقى كذلك. 

5 ـ البوليساريو ليس طرفا ولا يمكن أن يكون كذلك لأنه كيان لا يملك إرادته وليس له الحق في التصرف. وبما أنه على هذا الحال فلا يصلح أن يكون شريكا أو طرفا في أية عملية تفاوضية لأنه بطبيعته غير مؤهل بحسب القوانين الدولية أن يكون ذلك الطرق القادر على احترام التزاماته. وفي حال الإخلال بها لا يمكن للمنتظم الدولي أن ينزل به عقوبات لأنه كيان وهمي. وعلى هذا الأساس كيف يمكن للمغرب أن يرتضي التزامات ترتب على عاتقه مسؤوليات في الوقت الي يوجد فيه كيان يرى في نفسه أنه في حل من أية التزامات. ولا أدل على ذلك الخروقات المتتالية لمسألة وقف إطلاق النار الذي تشرف عليه وتراقبه الأمم المتحدة، بما في ذلك أيضا تلك المحاولات الرامية إلى تغيير وضعية المنطقة العازلة، واعتبارها في نظر المرتزقة بالأراضي المحررة.

6 ـ البوليساريو ليس طرفا لأنه ليس بحركة تحرير كما يريد أن يقدمه النظام الجزائري. فهو عصابة  قطاع الطرق بامتياز تحولت في السنوات الأخيرة إلى تنظيم إرهابي ينشط على امتداد حدود دول الجوار، وبات العديد من عناصر تلك العصابة قيادات في تنظيمات إرهابية تهز أمن واستقرار المنطقة. فمتى كان الإرهابيون طرفا في أي نزاع أو تسوية سياسية.

7 ـ البوليساريو الذي تسوقه الجزائر كطرف في هذا النزاع يجهل تماما وضعيته القانونية التي يجب أن يرتكز عليها في ما هو مسخر إلى المطالبة به. فهو من جهة يرى في نفسه على أنه دولة قائمة الذات وكاملة العضوية في الاتحاد الإفريقي، ومن جهة ثانية وعلى النقيض من ذلك ينسى أنه دولة كاملة العضوية ويطالب الأمم المتحدة بالحق في تقرير المصير من خلال استفتاء إما الاستقلال أو الانضمام إلى الوطن الأم. فعلى أي طبل تريد الجزائر أن تطبل وعلى أي قدم تريد صنيعتها البوليساريو أن ترقص. 

ولكل هذه الاعتبارات، بدا واضحا أنه من العبث مواصلة أية عملية تفاوضية مهما كانت بعد أن اكتسبت مبادرة الحكم الذاتي حجيتها القانونية والسياسية على نطاق الأمم المتحدة منذ عام 2007، وكذلك بعد أن تزايد عدد الدول الإفريقية بالاعتراف بمغربية الصحراء من خلال فتح ممثليات قنصلية بكبريات المدن الصحراوية، وعلى دربها سارعت أيضا دول عربية شقيقة إلى فتح ممثليات لها في الأقاليم الصحراوية، لياتي بعد كل ذلك المدعو رمطان لعمامرة في محاولة يائسة ترمي إلى الانفراد بوقاحة في طرح القضية الصحراوية على جدول القمة العربية المقبلة. إنها عملية نسف للقمة قبل الأوان.  

 

 

     

 
مجموع المشاهدات: 19507 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة