.جواد العياشي
ما تعرفه الساحة التعليمية اليوم من خبط عشواء ليس وليد الصدفة، بل هو نتاج مباشر لمجموعة من العوامل، أبرزها سياسة العقاب الممنهج التي تنتهجها الوزارة المكلفة بالتربية الوطنية في حق الشغيلة التعليمية، على خلفية الحراك المبارك لسنة 2023، والغضب الحكومي على نساء ورجال التعليم باعتبارهم الفئة العريضة والممثلة لباقي القطاعات، بعد رفضهم الصريح لقانون الإضراب التكبيلي، وقولهم "لا" بملء الصوت.
هذا العقاب لم يكن عشوائيًا، بل جاء في شكل خطوات مدروسة تروم الإجهاز على الحقوق قبل المكتسبات، والتملص من تنفيذ اتفاقي 10 و26 دجنبر 2023، بشكل فج ومتعمد. فبعد عامين كاملين، لا تزال النقاط الأساسية في طي النسيان، دون أي أجرأة أو تفعيل.
وحتى الزيادة العامة في الأجور التي استفادت منها باقي القطاعات عبر الحوار الاجتماعي المركزي، جرى حرمان الشغيلة التعليمية منها، بذريعة أن القطاع قد استفاد سلفًا من زيادة في "النظام الأساسي الجديد"، في حين أن التعليم هو القطاع الوحيد الذي لم يلمس فيه الموظف أي زيادة مباشرة في أجره خلال السنوات الماضية، عكس باقي القطاعات التي حظيت بها فعلًا وواقعًا.
واقع الحال الآن بئيس، وماذا بعده؟
اليوم، وبعد مرور قرابة سنتين (2024 و2025)، ما زالت الملفات الأساسية الخاصة بنساء ورجال التعليم هيئة التدريس مجمدة:
- الترقية بالاختيار لسنة 2023 لا تزال في خبر كان.
- الامتحان المهني لسنة 2024 معلق دون مبرر.
- المادة 81، التي لا يعرف أحد كيف وُضعت أو بماذا كانت تفكر العقول التي صاغتها، أدت إلى شلل كبير في الحياة المهنية لهيئة التدريس.
- تقليص ساعات العمل؟ مؤجل إلى أجل غير مسمى.
- التعويض التكميلي؟ مجرد وعود متبخرة.
- الحركة الانتقالية؟ عالقة بلا أفق واضح.
كل هذا... والباقي كثير لا يقال، لأن الوجع أكبر من الحصر.
ثم جاء "الحوار الاجتماعي المركزي" مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، المنعقد يوم الثلاثاء 22 أبريل 2025، مجرد جلسة استماع بمضمون خفيّ حنين، تلته بلاغات بلغة خشبية لا تسمن ولا تغني من جوع. لا جديد، لا التزام، ولا حتى نية واضحة في التجاوب.
أما فيما يخص النقابات التعليمية "الأكثر تمثيلية"، فقد صار المشهد أكثر عبثية: لقاءات متكررة، أسبوعية، لا تخرج بنتيجة تُذكر، حتى صارت الغاية منها فقط تحديد موعد الاجتماع المقبل!
وهذا ما يدفع المتتبع للشأن التعليمي إلى الجزم والتأكيد بأن هذه النقابات قد فقدت البوصلة، بينما تعمل الوزارة جاهدة على تمطيط اللقاءات إلى غاية نهاية الموسم الدراسي، أملاً في إعادة نفس السيناريو السنة المقبلة أو توقيفه قطعا، بعد دخول قانون الإضراب حيز التنفيذ بداية من شتنبر 2025.
في ظل هذا الوضع المأزوم، أصبح من الضروري، بل من الملح، أن تتجاوز النقابات تشتتها، وتتوحد في صف واحد، عبر:
- تحديد جدولة زمنية واضحة لكل لجنة تقنية، تشتغل على ما تبقى من المواد والملفات بشكل منفرد لتسريع الوتيرة.
- تسطير برنامج نضالي وحدوي، يشمل مطالب كل الفئات، دون الاكتفاء بالإضراب والانتظار، بل الإضراب والتصعيد المنظم، حتى تحقيق كل ما تم الاتفاق عليه سلفًا.
لم يعد الوقت يسمح بمزيد من التردد أو الحسابات الضيقة.
الإضرابات الفئوية، والتباهي بنسب نجاحها دون مكاسب حقيقية، لم تعد تجدي نفعًا.
المطلوب اليوم هو فعل جماعي نضالي، صامد، مستمر، ومبني على وحدة الصف، لا على اختلاف الألوان.
فهل من صحوة ضمير قبل فوات الأوان؟
Bensouda Abdellah
كل من عليها فان
.... رحم الله النضال ، ولعن الله الفقر ،و .. الديون المتراكمة على أغلب الموظفين و المستخدمين ، وبئس تربية هذا الجيل الذي يعيش فوق مستواه......