سؤال إصلاح التعليم
يبد و أن علينا الآن ، أن نبتعد قليلا ، عن الحديث عما نسميه( إصلاح التعليم)،إننا نحتاج إلى مسافة نضعها بيننا و بين هدا الحديث ، دلك أن كلامنا في التعليم ، أوفي إصلاح التعليم ، كما يزعم بعضنا ، لم يعد يغري بالمتابعة ، أو يقدم جديدا ، هو مجرد كلام مكرور ، كلام بلا أفق حقيقي ، ومن تم لا بد من التفكير في تجديد آفاق النقاش ، عبر تهييىء أرضية مغايرة لما نراه اليوم .
بداية ، ودون كبير عناء ، يمكننا تسجيل الملاحظات التالية ، بصدد ما يمكن تسميته باستراتجية النقاش في موضوع ( إصلاح التعليم ) .
1ــ قسم من المتحدثين يتكلمون كثيرا من أجل أن يقولوا لنا ، إن إصلاح التعليم أصبح مستحيلا ، ليس إلا .
2ــ قسم ثان ، يتحدث طويلا ليقول لنا ، الإصلاح ممكن ، ولكنه بعيد المنال .
3ــ قسم ثالث يتحدث لينتقد كل شيء ، وفي كل الاتجاهات ، ثم ينصرف .
هده هي الأصناف الأكثر بروزا في مناقشة ما يسمى عندنا بأزمة التعليم ،
والخلاصة ، أن المتدخلين من الأصناف الثلاثة ، لا يقدمون جوابا عدا الكلام المكرور ، والممزوج ببعض الحماس ، لدلك أقول كفانا كلاما عن الإصلاح ،أو ما نعتقده كذلك ، الكلام غير المجدي ، أفضل منه الصمت ، وفسح المجال للمزيد من التأمل ، وإعمال العقل ، وتشغيل آليات التحليل الهادئ ، و الرصين،في أفق بلورة رؤية جديدة ، أكثر وضوحا ، وأقوى بيانا ، وأعمق استيعابا ،لموضوع ضخم ، من حجم ( إصلاح التعليم ) . الخلاصات المقدمة ، في تقديري،
إلى حدود الساعة ، في موضوع إصلاح التعليم ، تكاد تجمع كلها ، على استحالة هدا الإصلاح، و في أحسن الأحوال ، على التعقيد الكثير ، وعلى الصعوبة المركبة، التي تكتنف الموضوع ، فأين الجديد ادن ، وما المخرج .
أبادر بطرح السؤال التالي : هل التعليم في بلادنا في حاجة إلى الإصلاح حقا ، نعم هو كذلك ، سؤال مستفز ، لكن إعادة طرحه علينا جميعا ضروري ، ومنه يكون البدأ ، سؤال علينا اكتشافه من جديد ، ليتجدد الانطلاق ، وتتجدد معه الرؤية ، علينا أن نتأكد أولا ، وبمنظور جديد ، أننا بصدد الحديث حقا ، عن عملية إصلاح، مستحقة ، موضوعها واضح ، عناصرها مضبوطة ، ومفهومة ، ومدققة ، تنتظر معالجة ، علمية، مسؤولة، من طرف كل المعنيين بالشأن التربوي في بلادنا.
أقول هدا الكلام ، لأنه أحيانا كثيرة ، نشرع في النقاش ، فنبدأ بطرح القضايا الأساسية ، وتقديم بعض المفاهيم المحورية ، ولكن مع التدرج في الكلام ، والتقدم في النقاش ، يبدأ التلويح بالحلول الانطباعية ، وتتدخل العواطف و الداتيات ، ويشرع كل طرف في رمي الآخرين بتهم جاهزة ، ونعتهم بالقصور والنقص ، وهكذا تختزل معضلة إصلاح التعليم ، في هيئات معينة ، وأشخاص معينين : الأستاذ ، المدير ، المؤطرالتربوي ، الخ . . مما يعني أن الأمر لا يتعلق بالحديث عن إصلاح منظومة تعليمية ، بالمعنى الدقيق و العميق للكلمة ، وإنما ، كل ما هناك ، أننا بصدد مشاكل جزئية ، لا تتطلب إلا بعض الحزم الإداري ، ليس إلا .
إن علينا أن نتأكد أولا ، من سؤال الإصلاح ، هل هو ضروري فعلا ، ونؤمن به فعلا ، وندركه في شموليته فعلا ، وبالوضوح الكافي . وبعد التأكد من وجود هدا
الشرط النظري ، والنفسي ، يمكننا الانتقال إلى السؤال الثاني ، وهو ، لمادا نقول بعدم إمكانية الإصلاح الآن . لمادا لا يمكن الإصلاح ؟؟ هل لأننا لانريده حقيقة ، هل لأن بعضنا ، أو جلنا ، أو كلنا لانريده حقيقة ؟ ، هل لأننا لا نمتلك الرؤية
الواضحة اتجاهه ، ولا نمتلك في المقابل ، الشجاعة الأدبية للتعبير عن افتقارنا
إلى رؤية في الموضوع ، الرؤية الثقافية ، و التربوية ، و الوطنية ، لا الرؤية
( الاديولوجية ) ، أقول الرؤية ، ويحضرني هنا ، نظرتنا إلى المدرسة الوطنية ،
أبلغ مثال ، في نظري ، يعبر عن الارتباك الحاصل ، وفي الجانب الرؤيوي تحديدا،
هو طرق نظرنا إلى مدرستنا الوطنية ، ويكفي أن نتأمل هده المشاهد :
ـــ هناك طرف ينتقد المدرسة الوطنية ، بشدة قد لا تخلو من مبالغة ، فهي بالنسبة
إليه استنفدت أغراضها ، و تأكد فشلها ، ولدلك تجده قد سجل كل أبنائه في أشهر
المدارس الخاصة ، ومدارس البعثات الأجنبية ، هل الأمر يتعلق بممارسة نوع من
التعويض ، بالمعنى النفسي للكلمة ، التعويض عن اختيار الابتعاد عن المدرسة الوطنية ، بالرفع من وتيرة انتقادها ، والحكم عليها بالموت النهائي ، وقتلها ولو مجازا عن طريق الكلام .
ـــ وهناك طرف ثان ، يبدي حماسا في الحديث عن المدرسة الوطنية ، ويشيد بانجازاتها ، ويدعو إلى ضرورة إصلاحها ، وينخرط في نقاشات وأنشطة تخدم هدا المنحى ، ولكن في المقابل ، تجده وقد سجل كل أبنائه ، وبلا مقدمات ، في المدارس الخاصة ، وخاصة الخاصة ، هل كان هدا الصنف من الناس يتحدث عن المدرسة المغربية وهو لايؤمن بها ، ولا يثق في نجاعتها ، سؤال يتطلب جوابا نفسيا ، واجتماعيا ، دقيقا .
أعود وأقول ، هل الإصلاح ضروري ، وهل نريده حقا ، وبأية رؤية ، أسئلة لابد منها ، لتدشين بداية جديدة للموضوع ، واكتشاف تفاصيله من منظور مغاير .
عدد التعليقات (0 تعليق)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟